طباعة هذه الصفحة

يعتبر من بين 30 أكبر ميناء في العالم ويوفر 200 ألف منصب شغل

إطلاق أشغال الميناء المتوسطي بشرشال قبل مارس

تيبازة: علاء ملزي

معالجة 6.5 مليون حاوية و25,7 مليون طن من البضائع سنويا

يرتقب انطلاق أشغال الانجاز بمشروع ميناء الحمدانية شرق مدينة شرشال قبل نهاية الثلاثي الأول من السنة الجارية حسب ما أشار إليه والي ولاية تيبازة مؤخرا على هامش لقاء المجلس التنفيذي للولاية فيما شرعت مؤسسات الانجاز مؤخرا في تهيئة قاعدة الحياة وجلب العتاد والآليات.
يعتبر ميناء الحمدانية بشرشال المشروع الحلم الذي طالما انتظره المواطنون كثيرا بالنظر إلى مختلف أوجه الترقية التي يحتمل بأن ترافقه على كافة الأصعدة و تحوّل المنطقة إلى العالمية بعد 7 سنوات من مرحلة الانجاز التي أشارت الدراسات بشأنها أنها تنقسم عمليا إلى مرحلتين تمتد أولاهما على مدار 4 سنوات و تتوج بالشروع في الاستغلال الأولي للمشروع، و هو المشروع الذي صادق مجلس الوزراء على تجسيده على أرض الواقع في اجتماع رسمي عقد في ديسمبر من سنة 2015  برئاسة رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة.
و تشير الدراسات المنجزة بشأن الميناء إلى كونه يقع بمنطقة جغرافية جدّ ملائمة يصل عمق المياه على مقربة من الرصيف إلى 20 مترا ناهيك عن توفر الحماية الطبيعية بالمنطقة، و من المرتقب بأن يحوي المشروع على 23 رصيفا و يسمح بمعالجة 6,5 مليون حاوية و25,7 مليون طن من البضائع سنويا على أن يتم ربطه بالطريق السيار شرق - غرب و طريق الوحدة الإفريقية بطريق سريع مدمج إضافة إلى ربطه بالشبكة الوطنية للسكك الحديدية بخط جديد يرتقب بأن يصله مباشرة بمنطقة العفرون بولاية البليدة و بخط السكك الحديدية المزمع إنشاؤه بين زرالدة و شرشال قريبا، كما يجب التأكيد هنا إلى أنّ المشروع أعتمد رسميا بالشراكة مع متعامل صيني وفق قاعدة 49 / 51 وبتمويل صيني على شاكلة قرض طويل المدى بقيمة 3,6 مليار دولار كما يعتبر ميناء الوسط بالحمدانية من بين أهم المنشآت البحرية بالعالم و بوسعه أن يصنف ضمن 30 ميناء تجاري عبر العالم تشهد نشاطا كثيفا في نقل الحاويات والبضائع فيما تسمح المنشآت الفنية المزمع انجازها به برسو أكبر باخرة تجارية بالعالم بحمولة 240 ألف طن فيما لا تتعدى الطاقة الحالية لموانئ الجزائر عتبة 30 ألف طن، ومن المنتظر أن تتيح هذه الخصائص مجتمعة بتوفير قطب تجاري هام على الضفة الجنوبية للمتوسط يمكن لجلّ البلدان الإفريقية استغلالها لا سيما تلك التي تقع على الضفة الجنوبية المباشرة للجزائر مما يساهم بشكل مباشر في توفير حركية تجارية واقتصادية دؤوبة بالمنطقة، كما لا يخفى على أحد كون الميناء سيساهم بشكل مباشر في دعم الخزينة المحلية بما يضمن لها تجسيد مشاريعها التنموية في ظروف مريحة.

استحداث 200 ألف منصب شغل
أكّد مدير الأشغال العمومية بولاية تيبازة محمد مجقاق لدى عرضه للمشروع مؤخرا على المجلس التنفيذي للولاية، أن ميناء الحمدانية يوفر 200 ألف منصب عمل مباشر وغير مباشر على مستواه وعبر الهياكل المرفقة المجاورة له لا سيما وأنّه يرتقب أن يرفق بمنطقة صناعية هامة تتربع على مساحة 2000 هكتار، الأمر الذي يعتبره أبناء المنطقة مكسبا لهم وسبيلا لفتح واجهة كبرى على العالمية من حيث اعتبار الميناء من بين أكبر 30 ميناء في العالم فضلا عن تنوع أوجه التعامل مع البلدان الإفريقية عبر الطريق العابر للصحراء، ما سيمكن من توفير فرص عمل متعددة الأوجه و الاختصاصات.

مجلس وزاري مصغر لمتابعة ملف الميناء
كشف والي ولاية تيبازة أن الميناء المتوسطي بشرشال يحظى بمتابعة دقيقة ومفصلة من طرف أعلى السلطات بالبلاد، حيث تمّ تشكيل مجلس وزاري مصغر خصيصا لهذا الغرض وهو المجلس الذي يترأسه الوزير الأول شخصيا ما يوحي بوجود جدية كبيرة حول هذا المشروع الهام الذي يسمح بنقل الاقتصاد الوطني نحو العالمية من خلال توفر هيكل تبادل للسلع يصنف ضمن الهياكل الـ30 الأولى في العالم مع نهاية سنة 2024 حسب ما تشير إليه الدراسات المنجزة بشأن المشروع من طرف مكتب دراسات كوري جنوبي مع الإشارة إلى كون عملية الاستغلال الأولي سيشرع فيها بعد 4 سنوات فقط من بداية أشغال الانجاز، مع الإشارة إلى كون المشروع يحظى بعناية فائقة من طرف وزير النقل والأشغال العمومية ما يترجم وجود عزيمة قوية من لدن السلطات المركزية لتجسيد المشروع في آجاله المحددة الأمر الذي يعتبر في الواقع رسالة قوية موجهة للذين يدعون أن المشروع مسّه التجميد على غرار عدّة مشاريع إستراتيجية أخرى.

التكفل بترحيل 320 عائلة
كشف والي الولاية موسى غلاي عن سعي مصالحه للتحضير الجدي لترحيل 320 عائلة تقطن حاليا على مقربة من الفضاء الذي يحتضن المشروع، مشيرا إلى أن عملية اختيار الأرضية التي يرتقب أن تحتضن مشروع السكنات الخاصة بهم تمّ تجاوزها و من المرتقب أن تستفيد العائلات المعنية من مشروع ترحيل إلى سكنات لائقة تعويضا لها عن مساكنها الحالية و عملا بمقتضيات نزع الملكية في إطار المنفعة العامة، و أشار الوالي إلى أنّ المراحل الأولى من تجسيد المشروع لا تعيقها العائلات إطلاقا باقاماتها الحالية و من ثمّ فإنّ للسلطات العمومية متسع من الوقت لتجسيد عملية الترحيل في ظروف مريحة، بحيث تعتبر هذه العملية استباقية و استشرافية من طرف السلطات الولائية التي حضّرت الإجراءات الضرورية لعملية الترحيل قبل حصولها على المشروع بصفة رسمية من طرف الجهات الوصية، و من المرتقب أن تتم عملية الترحيل في غضون ثلاثة إلى أربع سنوات من الآن وفقا للتقديرات المعبّر عنها من طرف السلطات المحلية.

1.5 مليار دج لتجسيد الشطر الأول من مشروع نزع الملكية
كشف والي الولاية موسى غلاي أن مشروع الميناء تتكفل به السلطات المركزية بشكل مباشر فيما تتوقف مهمة الولاية أساسا في تحديد الأراضي المعنية بالمشروع بما في ذلك تلك التي تعنى بالميناء الجاف و الطريق السيار الموصل للطريق شرق غرب و كذا مسلك السكة الحديدية بحيث تمّ تكليف خبيرين لتحديد الملكية و تقييم التعويضات المالية و حصلت الولاية على مبلغ 1,5 مليار دج كشطر أول موجه لهذه العملية التي تأخذ في الحسبان الأسعار المتداولة في السوق حاليا لتحديد قيم التعويضات المالية، مع الإشارة إلى أن مشروع الميناء الذي يتربع على مساحة 200 هكتار مرفق بمنطقة صناعية تتربع على مساحة 2000 هكتار و طريق سيار يوصله بالطريق شرق غرب على مساحة 250 هكتار، و يوجد المشروع حاليا في مرحلة تنصيب مؤسسات الانجاز على أرض الواقع بحيث تمّ تخصيص 12 هكتارا لنصب التجهيزات و الآليات الضرورية لتنفيذ المرحلة الأولى منه، كما أن التحضيرات التي بلغت درجة جدّ متقدّمة توحي بانّ السلطات العليا بالبلاد ماضية قدما في سبيل تجسيده في آجاله المحدّدة.

حماية مطلقة للمعالم الأثرية بموقع المشروع
طمأن والي ولاية تيبازة جميع المهتمين بالآثار والتاريخ بانّ المعالم الأثرية الواقعة بالموقع الذي سينجز عليه المشروع لن تتعرض لأيّ سوء يذكر بالنظر إلى وجود اتفاقيات مسبقة بين الجهات المعنية والمؤسسة المكلفة بالانجاز على حماية الجزر الثلاث واستخراج 6 مدافع علقت بأعماق البحر منذ العهد العثماني لعرضها بفضاء مدمج بالمشروع ليتحول المشروع بذلك إلى قطب اقتصادي وتجاري هام مرفق بوجهة سياحية تحمل في طياتها قدرا كبيرا من تاريخ الجزائر القيم والحديث، ويرتقب أن يحافظ المجمع المكلف بانجاز المشروع على المواقع الأثرية على شاكلة ما حصل مع الآثار التي عثر عليها بساحة الشهداء بالعاصمة ضمن مشروع توسيع مترو الجزائر، ويأتي تصريح والي الولاية كردّ مباشر على العديد من الأصوات الداعية لتوقيف المشروع و رفضه من أساسه باعتباره يقع على فضاء يحوي مواقع أثرية ذات قيمة تاريخية كبيرة لتتحرك الجهات المعنية بالسرعة القصوى لإيجاد مخرج مشرّف لهذه القضية الشائكة التي أسالت الكثير من الحبر في مراحل سابقة.
تجدر الإشارة إلى أنّ أهم موقع أثري يقع بفضاء انجاز الميناء المتوسطي يدعى الجزر الثلاث و هو يطل على البحر ومحصن طبيعيا بسلسلة جبلية ما جعل الباحثين الأثريين يتوافدون عليه عبر أزمنة مختلفة لإجراء التنقيبات والحفريات قصد التعرّف أكثر على معالمه التي تحوي على فيلا رومانية وبازيليكا مسيحية وآثار أخرى، ليبقى الموقع بذلك شاهدا حيا على عدّة حضارات قديمة مرّت من هناك تحمل في طياتها قدرا كبيرا من الثراء والتنوع بتاريخ الجزائر القديم والحديث.