طباعة هذه الصفحة

الممثـل مصطفـى لعريبي يؤكــد أنـه ملتزم أخلاقيـــا بتقــديم رسالــة للمجتمـع

المثقف بكـل أطيافــه وأصنافـه وتـوجهاته يــرفض الإنغمـــاس في المعــــترك السياســـــي

تيبازة: علاء ملزي

 طالب الممثل القدير مصطفى لعريبي بضرورة ايجاد آلية للحوار والتشاور بين المثقف والسياسي، مشيرا الى كونهما مكملان لبعضهما ولا يمكن للمثقف تقمّص دور السياسي ميدانيا بالنظر الى كونه ملتزما أخلاقيا بتقديم رسالة للمجتمع تحمل عدّة دلالات.
أكّد الممثل مصطفى لعريبي الذي يشغل حاليا منصب رئيس اتحاد الفنانين ومهنيي العرض الذي يوجد في مرحلة التأسيس على أنّ المثقف الواعي يرفض رفضا مطلقا التحول الى مرحلة أداء دور السياسي باعتباره ملتزم أخلاقيا بنشر رسائل تربوية وثقافية لصالح المجتمع، كما أنّ السياسي يحتاج في الواقع الى مختلف فئات المجتمع ولا يمكنه رفض ترشح أو التحاق أيّ مثقف بقائمته الانتخابية لاسيما وأنّ ذات السياسي يؤدي دورا أشبه ما يكون بدور المثقف حينما يلتحق بمنصبه الرسمي وهو أبعد ما يكون عن حياته العادية التي يعرف بها في بيته ما يؤكّد بأنّ السياسي يبقى أحوج ما يكون للمثقف للاقتداء به والاستفادة من تجاربه وخبراته في اقناع المجتمع، ومن ثمّ فإنّ المثقف بكل أطيافه وأصنافه وتوجهاته يرفض الإنغماس في المعترك السياسي خوفا من التراجع عن أداء الرسالة التي تكون مرسومة في الجسد والفكر والحركة وهي رسالة تجعل المثقف يتأثر لكل ما له علاقة بالمجتمع من آفات اجتماعية وظواهر طبيعية أو غير طبيعية فيسعى للتعبير عنها ومعالجتها بطريقته الخاصة، وبالرغم من كون الفنان أو المثقف عموما عرضة للضرر المعنوي في الحياة اليومية من حيث استغلال وسائل النقل والمرافق الصحية والفضاءات العمومية الأخرى بطريقة روتينية وعادية الا أنّه لا يرضى بغير ذلك بديلا لأنّه يجد في ذلك راحة البال والاستقرار.

ضرورة دعم آليات الحوار ونبذ أنانية السياسي الذي لا يعترف بفضل المثقف عليه

وبالرغم من وضوح هذه العلاقة التبادلية والاستراتيجية بين الطرفين إلا أنّ الاشكال القائم حاليا في الواقع يكمن في انعدام الثقة أو تعرّضها لاهتزازات عنيفة بين الطرفين وأضحى كل طرف لا يثق في الآخر بحيث يرغب السياسي في استغلال المثقف من جانب تأثيره في المجتمع وتجذّره فيه للحصول على أكبر قدر من الأصوات دون تبني فكره وأرائه، الأمر الذي يرفضه المثقف جملة وتفصيلا ويعتبره ابتزازا واستغلالا غير مبرّر لتتولّد بذلك علاقة تنافر قوية بين الطرفين، وهي علاقة غير طبيعية تقتضي إعادة نظر شاملة من خلال دعم آليات الحوار ونبذ أنانية السياسي الذي لا يعترف بفضل المثقف عليه في الكثير من الحالات، ولكنه بالرغم من هذا الواقع المر فإنّ المثقف يؤثّر بشكل مباشر على القرار السياسي من خلال ممارسته اليومية المرتبطة بالفن والثقافة.
وقال الممثل لعريبي بأنّ تركيا تبقى نموذجا حيا للبلدان التي انتهجت منهج تقديس الفعل الثقافي والتزام السياسي بنهجه واحترامه، الأمر الذي اسفر عن بروز نهضة صناعية وتجارية قوية بهذا البلد في فترة زمنية وجيزة، وهكذا يجب أن يكون الأمر بالجزائر، كما ذكّر الممثل لعريبي بقضية العلاقة بين العسكري والسياسي إبان الثورة وبروز اشكالية الطرف الذي يحكم في الآخر ليتبيّن في آخر الأمر بأنّ التكامل بين الطرفين يعتبر الحل الأمثل والأنسب وهكذا يمكن معادلة العلاقة القائمة بين السياسي والمثقف ببلادنا حاليا، وهي العلاقة التي تقتضي توافقا وتحاورا أكثر مما هي مدعاة للتنافر والتنابز.
وعن قضية اتخاذ القرار الرسمي من طرف السياسي أكّد الممثل مصطفى لعريبي على أنّه من واجب السياسي أخلاقيا التحاور مع المثقف قبل إصدار قراره بحيث يقتضي الأمر أحيانا خضوع الطرفين للجلوس أمام طاولة الحوار الشامل لبلوغ حل توافقي مرض لجميع الأطراف ولا يقصي أحدا، لاسيما وانّ السياسي ملتزم بأداء دور هو أشبه بدور المثقف الا أنّه لا يتقنه أحيانا ومن حسن تدبيره الاستعانة بالمثقف لتحرير قراراته ومشاريعه ولكنّه لا يعترف بهذا التوجّه في الكثير من الحالات وهي حالات غير مرغوب فيها عموما باعتبارها تتعارض والتوجّه العام للمجتمع.