طباعة هذه الصفحة

بعد عرضه الأوّل الأسبوع الماضي بدار الثّقافة بسطيف

”بوسعدية صاوند” على ركح ابن زيدون بالعاصمة

أسامة إفراح

تحتضن قاعة ابن زيدون برياض الفتح يومي الجمعة والسبت 9 و10 فبراير العرض الملحمي الموسيقي “بوسعدية صاوند”، الذي ينتظر أن يفتتح أيام عز الدين مجوبي بعنابة السبت 11 فبراير. قبل ذلك، كان هذا العمل، الذي أخرجته تونس آيت علي وأنتجته تعاونية عون الثقافية، قد عُرض بدار الثقافة بسطيف، وكانت تلك المناسبة الأولى ليكتشف الجمهور “بوسعدية صاوند” في نسخته الكاملة، بعد أن عُرض في اختتام مهرجان المسرح المحترف بنسخة مختزلة.
إلى جانب موعدي قاعة ابن زيدون ومسرح عنابة، سيمثّل عرض “بوسعدية صاوند” الجزائر في تظاهرات عربية، من خلال مشاركته في مهرجان قفصة بتونس يوم 24 مارس المقبل، ثم المشاركة في تظاهرة وجدة عاصمة الثقافة العربية بالمغرب، في انتظار تأكيد تاريخ العرض. إضافة إلى ذلك، حدIثتنا المخرجة آيت علي عن اهتمام منظمة اليونسكو بهذا العمل وبعرضه في العاصمة الفرنسية باريس، وهو ما يجري العمل عليه.
وقد لزمت سنتان من التحضير للخروج بعرض “بوسعدية صاوند”، الذي يضم 25 عضوا قد يزيد عددهم أو ينقص، عملوا معا خلال إقامة إبداعية، وتمّ الإتيان بهم من مختلف جهات الوطن. وإلى جانب د - بن عائشة كاتبة النص ود - الزقاي صاحبة الصياغة الشعرية، نجد في التأليف الموسيقي كلّا من بغدادي سنسبيل، حسين سماتي وبوبرقيق الحبيب، فيما عادت السينوغرافيا لشوقي خواثرة، والكوريغرافيا لياسين سعادنة.
يحاول العرض تتبّع مسار “بومرزوق” الذي يبحث عن ابنه الضائع، ويلتقي في رحلته هذه عددا من الشّخصيات الجزائرية والمغاربية، من النّساء والرّجال، اختلفت خلفياتها بين سياسة وملك، ثقافة وإبداع، صحافة ومقاومة، كما اختلفت عصورها، إذ لا نجد خيطا زمنيا يجعل النص خاضعا للقيود الكرونولوجية.
ويعتمد عرض “بوسعدية صاوند” بشكل محوري على العمل الموسيقي والصّوتي، ويحاول من خلال المقاطع التي تؤدّيها مختلف الشّخصيات، أن يقدّم مزيجا بين الأصالة من جهة، والمعاصرة من جهة أخرى، وهو ما تكرّسه الآلات المستخدمة (العود، القمبري) في تزاوجها إما مع ألحان عصرية مقتبسة من أغان أجنبية، أو مع لغات أخرى (على غرار قصيدة بالفرنسية تؤدّى كلماتها على خلفية موسيقية شرقية بآلة العود).
ومن الإضافات التي عمدت إليها المخرجة، ظهور الموسيقيين على الرّكح، ما كسّر الروتين وسقف التوقع الذي قد يخلقه اعتماد تقنية البلاي باك أو الأداء على خلفية صوتية مسجّلة. وحاولت المخرجة الحفاظ على حركة دائمة فوق الركح، باعتماد دعائم في شكل طاولات مزوّدة بعجلات، جعلت المتلقّي يشاهد العرض على مستويين أفقيين: الأول على أرضية الخشبة وله شخصياته ومن ضمنهم الموسيقيّين والراقصين، والآخر فوق هذه الدعائم وله شخصياته أيضا، التي تدخل إلى المشهد وتخرج منه في تتابع متواصل.
من جهتها، سبق أن ركّزت مؤلّفة العمل، الدكتورة ليلى بن عايشة، على التجربة التي عاشها فريق هذا العمل، وهي تجربة “قائمة على التّعاون، والعمل لا يسند إلى شخص دون آخر بل هو متكامل..لقد حاولنا تقديم نص ينبع من التاريخ، وركّزنا على شخصيات لم تأخذ حقّها أمثال علة والريميتي”. فيما اعتبرت الدكتورة جميلة مصطفى الزقاي، التي قامت بالصياغة الشعرية للعرض، أنّ “بوسعدية صاوند” ملحمة تراثية معصرنة، مركّزة على جرأة الطرح لدى المخرجة تونس آيت علي، مع رموز لطالما تعاملنا معها بتقليدية، ما جعل من هذا العمل رحلة مزدوجة بين جيلين وفكرين. كما أكّدت الزقاي على أنّ اختيار شخصيات مغمورة قلّ التطرّق إليها كان خيارا متعمّدا.
فيما وعدت المخرجة تونس آيت علي بالتأقلم مع ظروف كل قاعة، وعدم إقصاء أي مدينة من المدن الداخلية للأسباب التقنية، والبحث عن الطرق الكفيلة بتقديم عرض محترم مهما كانت الظروف والوسائل المتاحة.