طباعة هذه الصفحة

مدير الفلاحة “ياسين غديري لـ ”الشعب”:

استصلاح ما يعادل 15 ألف هكتار من الأراضي البور

حاورته: مفيدة طريفي

استراتيجيات لاستقطاب رؤوس أموال وتوجيهها لقطاع الفلاحة

 العمل الجواري والميداني ساهم في تذليل الكثير من الصعاب على الفلاّح

يعرف قطاع الفلاحة بعاصمة الشرق الجزائري حركية مستمرة وجهودا حثيثة لتطويره وتحسين وجعله القطاع الإستراتيجي الذي تعوّل عليه الدولة الجزائرية للمساهمة في تنمية الاقتصاد الوطني وتحقيق الأمن الغذائي، وهو ما تطمح إليه الدولة من خلال ضمان استمرارية سياسة الدعم الفلاحي ومرافقة الفلاح ومساندته في تحقيق مردود فلاحي وكذا المحافظة على الريادة في إنتاج المحاصيل الكبرى بالولاية، وهو ما وقفت عليه جريدة “الشعب”في حوار خاص مع مدير الفلاحة “غديري ياسين” بمكتبه بمقر مديرية المصالح الفلاحية بولاية قسنطينة.

- ”الشعب”: كيف تجدون قطاع الفلاحة خلال السنوات الأخيرة؟
 ”ياسين غديري”:  قطاع الفلاحة يعرف حركية دائمة ومستمرة وديناميكية متجدّدة بالنسبة لمختلف برامج القطاع الفلاحي بالولاية على غرار الولايات الأخرى، وكان وزير الفلاحة والتنمية الريفية والصيد البحري قد شدّد من خلال تعليماته على ضرورة إعطاء اهتمام أكبر بالشعب الفلاحية حسب خصوصية كل منطقة.
وفيما يخصّ الشعب الفلاحية، فكل ولاية مطالبة بتطوير وإعطاء دفع قوي لها حسب ما تختص به وما توفّره إمكانياتها الطبيعية من شروط وظروف ولا يمنع أن يتم تطوير شعب أخرى على حسب المتاح لتنويع قدراتها الفلاحية.
 وبالنسبة لولاية قسنطينة التي تعتبر ولاية نموذجية رائدة في إنتاج “المحاصيل الكبرى”، لاسيما الحبوب الشتوية والتي فاقت بالموسم الشتوي الحالي 81 ألف هكتار والذي يختلف ما بين قمح صلب ولين، شعير، خرطال، لكن تبقى الكمية الكبيرة تعود لمنتوج القمح الصلب بما يفوق 50 بالمائة من مجموع المساحة المزروعة وهي ما يعتبر قفزة نوعية بالولاية مقارنة بالسنوات الماضية، حيث لم تتعد المساحة المزروعة 69 ألف هكتار والسبب في ذلك راجع لإستراتيجية انتهجتها الدولة بخصوص إلزامية استغلال الأراضي الفلاحية وكذا تقليص أراضي البور.
 وفيما يخص الولاية، فقد تمّكنا بفضل المجهودات المبذولة من استصلاح ما يعادل 15 ألف هكتار من أراضي البور وهي نتاج عمل ومجهودات حثيثة دامت سنوات والتي تمحورت حول تحسيس الفلاحين وكذا العمل الجواري، فمؤخرا قامت المديرية بعمل تحسيسي ميداني جاب كل بلديات الولاية، كما شملت لقاءات مباشرة مع الفلاحين، وللتذكير بأراضي البور التي كانت تفوق 50 ألف هكتار ومنذ الانطلاق في عملية استصلاحها واستغلالها منذ سنة 2014 تمّ استغلال 15 ألف هكتار وتحويلها لمساحات مزروعة.

- كنتم قد ذكرتم أن الولاية عرفت قفزة نوعية في المحاصيل، هل يمكن التوضيح؟
 الولاية عرفت قفزة نوعية فيما يخص البقوليات والتي فاقت هذه السنة الأهداف المرجوة بـ 5 ألاف هكتار أما بالنسبة للبقوليات العلفية، وهنا نعرج على اختصاص الولاية التي تشتهر بالحبوب الشتوية، بقوليات غذائية وعلفية وكذلك إنتاج الحليب والتي هي عبارة عن وعاء لإنتاج الحليب وذلك لعلاقته المباشرة بالبقوليات العلفية والتي استطعنا هذه السنة تسجيل 10 آلاف هكتار من البقوليات العلفية وهي نسبة عالية بالنسبة لهذه الزراعات الإستراتيجية التي تعتبر شعبا إستراتيجية تدخل مباشرة في سياسة تحقيق الأمن الغذائي، والولاية تساهم بطريقة مرضية في خفض فاتورة الاستيراد، فيما يخصّ الحبوب وكذا البقوليات الغذائية، الحليب المجفف، ومن هنا نعمل على خفض فاتورة الاستيراد وهو الهدف المرجو من خلال العمل الجدي وفقا لهذه الإستراتيجية.
هذا التنوّع في الإنتاج جعل من قسنطينة ولاية نموذجية، سيما فيما يخصّ الحبوب الشتوية وذلك راجع للمهنية واحترام المسارات التقنية، ما ميّز الولاية بإنتاج المحاصيل الكبرى، كما أن التزام الفلاح بالاحترام الصارم للمسار التقني للحبوب الشتوية ورغم التذبذب المناخي وندرة الأمطار إلا أن الولاية دائما تصل للأهداف المسطرة مسبقا.
وبالحديث عن خصوصيات الولاية في إنتاج الحبوب الشتوية والبقوليات بأنواعها وكذا شعبة الحليب الذي يعرف اهتماما كبيرا عبر مختلف برامج الدعم المادي والمرافقة التقنية للفلاح، ما يجعله يعمل جاهدا لتحقيق مردود فلاحي معتبر، وبالنسبة للمساحة المزروعة لموسم2017 /2018، فالأهداف المسطرة لهذا الموسم هو 2 مليون قنطار في كل أصناف الحبوب الشتوية وهي النتائج التي تعتمد بالدرجة الأولى على كمية الأمطار المتساقطة.
أما فيما يخص شعبة الحليب، نعمل جاهدين لتحقيق الأهداف المرجوة سيما وأن الولاية تملك مهنيين في تربية الأبقار، إلا أن الظروف المناخية التي سادت مؤخرا ساهمت في خفض عدد الأبقار المنتجة للحليب، إلا أن مربي الأبقار بالولاية يتميزون بالإرادة القوية لإعادة العمل والنهوض بالشعبة والمديرية تقوم بمرافقتهم ماديا وتقنيا عبر مختلف البرامج والوقاية من الأمراض.
سجلنا هذا الموسم 2016 / 2017 بـ 70 مليون لتر من الحليب، وما تزال الولاية تعمل للنهوض بشعبة الحليب مقارنة بالولايات المجاورة على غرار ولاية سطيف وسوق أهراس وهذا راجع للوعاء الفلاحي المحدود، حيث تقدر المساحة الصالحة للزراعة بـ 125 ألف هكتار موزعة على مساحة البقوليات الغذائية بـ5 ألاف هكتار، البقوليات العلفية بـ 10ألاف هكتار، 80 ألف هكتار حبوب شتوية، 2000 أشجار المثمرة، أما المساحة المتبقية فهي أراضي موجهة لمربي المواشي.

- ما هي أهم النقاط السوداء التي واجهتكم؟ وكيف عملتم على حلّها؟
 حتى يتحسّن القطاع الفلاحي لابد أن تكون صرامة ومتابعة ميدانية ومختلف الملفات، وهي تعليمات وزير الفلاحة بالنسبة للمديرية وللقطاع بولاية قسنطينة، والفلاحة ميدان وليست مكاتب، وفي سنة 2014 ومنذ أن توليت المديرية فتحنا الفروع الفلاحية عبر 12 بلدية وكل رئيس فرع يفتح سجلا حول الفرع الخاص بمنطقته، فبالعمل الجواري وخروج المندوبين الفلاحيين والبياطرة الى الميدان، يمكن تسجيل مشاكل الفلاحين ونقلها للمديرية.
والهدف من كل هذا تسهيل العمليات الإنتاجية وجعل هم الفلاح الوحيد هوالإنتاج وتركيز جهوده على كيفية دعم وتكثيف الإنتاج والمنتوجية والمشي وفق ديناميكية سطرتها الدولة، وليس المشاكل والعراقيل وحلّها التي يجب أن تقوم بتذليلها الغرفة الفلاحية وهي إستراتيجية القطاع، وهوما سمح في حلّ أغلب انشغالات الفلاحين بطريقة سلسة ودون مشاكل، بالإضافة إلى أن البرامج المعتمدة من طرف الوزارة وتوزيعها على الفلاحين سهّلت من مهمة الفلاح في الاتصال بالمديرية والاستفادة من الدعم، ونحن الآن نعمل من أجل تحسين عمل الفلاح وتطويره.

- ما هي وضعية الري الفلاحي بقسنطينة؟
 يعتبر الري الفلاحي مشكلا أساسيا بقسنطينة، ونقص المورد المائي موضوع مطروح بشدّة والفلاحة بالولاية مطرية، علما أنها تحتوي على 20 حاجزا مائيا موزع على إقليم الولاية معظمها منجزة في الثمانينات، ما يعني أن مستوى الطمي عال جدا وقدرة استيعاب المياه قليلة جدا في ظلّ نقص الموارد المائية، وهناك تسجيلات لبرنامج حواجز مائية جديدة من طرف مديرية الموارد المائية وممكن في المستقبل يكون فيه رفع التجميد عن هذه البرامج.

- ما هي إستراتيجية القطاع في دعم المستثمرين الخواص؟
 في سنة 2015، قمنا بتنظيم ورشة كبيرة، حاولنا من خلالها استقطاب رؤوس أموال خارج القطاع لإدخالها في الفلاحة وهي إستراتيجية لاستقطاب المستثمرين للقطاع الفلاحي على مستوى ولاية قسنطينة والذين كانوا يعملون في مجال المقاولاتية والتجارة، وتوجيههم للقطاع الفلاحي وهناك أمثلة حية وكثيرة.
كما أن مديرية الفلاحة تقوم بعملها والمتمثل في الاستثمار في ميدان تحويل المواد الفلاحية ويتم تشجيعهم عبر مختلف البرامج، كما أن والي الولاية يتابعهم شخصيا، سيما وأنها تدخل في شقّ الاستثمار عبر مناطق صناعية للولاية، وهناك حصة خاصة بالمستثمرين بقطاع التحويل هذا الأخير يتماشى مع قطاع الفلاحة للقضاء على الكساد في منتوج الفواكه، وهي مؤسسات تحويلية ترافق الفلاح حتى لا يكون هناك كساد في الأسواق فيما يخصّ شقّ الفواكه وتثمين المواد الفلاحية.
ونفس الأمر بالنسبة للخضر وكذا اللحوم البيضاء وكذا البيض، وعندما يكون هناك منتوج كبير تساهم مؤسسات التحويل في غلق مشكل الكساد في المنتوجات الفلاحية والمحافظة على حقّ الفلاح، سيما في تذبذب الأسعار والمحافظة على مردود الفلاح ويلقي فائدته حتى يتمكن من المواصلة والعمل بالقطاع وكذا التمكن في الأسعار وتنظيم السوق.

- المذابح العشوائية حقيقة تفشت في الآونة الأخيرة؟ ما هو تعليقكم؟
 لقد كنا قد عملنا سابقا حملة قضاء على مثل هذه الأماكن وكنا قد غلقنا سوق بالدقسي، والدور الكبير هنا يعود لرؤساء البلديات والدوائر ولذلك مؤخرا كانت هناك تعليمات من طرف الأمين العام للولاية أنه فرض على رؤساء البلديات بضرورة وجود مكونات مكاتب النظافة طبقا للمرسوم التنفيذي 87-146 خاصة المادة (6) الذي يتحدث عن نظافة المكاتب البلدية، وهي آليات لها دور كبير في محاربة الذبح العشوائي بالنسبة للحوم الحمراء والبيضاء ومصالح البيطرة بمعية مديرية التجارة والصحة، فما على مصالح البلدية وضع برنامج للتصدي لهذه الظاهرة بطريقة إيجابية.