طباعة هذه الصفحة

فيما يجني»لوغرايث» ثمار الاستقرار

«ديشان» يؤكد حنكته التدريبية ويقود «الديكة» إلى تنشيط نهائي المونديال

محمد فوزي بقاص

«الاستقرار سر النجاح»، مقولة تنطبق على المنتخب الفرنسي الذي بلغ سهرة الثلاثاء الفارط نهائي كأس العالم للمرة الثالثة في تاريخ مشاركاته في المونديال، بعدما فضل مسؤولو الاتحادية الفرنسية لكرة القدم وعلى رأسهم الرئيس «نويل لو غرايث» الاحتفاظ بطاقمهم الفني رغم أن المدرب «ديدي ديشان» وطاقمه مروا جانبا خلال مونديال 2014 بالبرازيل، هم الذين خرجوا مبكرا ومن الدور الربع النهائي على يد بطل الطبعة الماضية المنتخب الألماني، وفشلوا بعدها في التتويج بـ «يورو» 2016 الذي نظموه بعد الهزيمة في النهائي ضد البرتغال، لكن العمل المتواصل بين الطاقم الفني واللاعبين جعل فرنسا تؤكد علو كعبها خلال مونديال الدب الروسي ببلوغها الدور النهائي.

«الديكة» فازوا على جيرانهم البلجيكيين أحد أكبر المرشحين لنيل اللقب العالمي خلال هذه الدورة وأخرجوهم في نصف النهائي، بعدما سحقوا كل منافسيهم وتمكنوا من إبهار عشاق الساحرة المستديرة بمستوياتهم العالية، لكن رفقاء الظاهرة «كيليان مبابي» كسروا كبرياء الشياطين الحمر وأكدوا قوتهم في أول اختبار حقيقي لهم في مونديال روسيا، وتمكنوا من اقتطاع ورقة التأهل للنهائي للمرة الثالثة في التاريخ، وسط فرحة عارمة للشعب الفرنسي الذي قضى ليلة بيضاء بشوارع الإيليزي يحتفي بعودة فرنسا إلى الواجهة رفقة الجيل الذهبي الجديد الذي يقوده الحارس المميز «هيغو لوريس» مؤكدين بذلك أن بلوغهم نهائي يورو 2016 الذي نظموه لم يكن وليد الصدفة، بل كان نتيجة العمل المستمر والمتواصل للتشكيلة التي وضع أسسها المتينة الطاقم الفني للمنتخب القائد السابق للديوك «ديدي ديشان» الذي يقوم بعمل رائع منذ 2012 السنة التي تم تنصيبه فيها مدربا للمنتخب الفرنسي، والتي إلى حد الآن تبقي مسيرته إيجابية ببلوغه نهائيين متتالين على التوالي في أكبر منافستين قارتين في كرة القدم كأس أمم أوروبا وكأس العالم.
«ديشان» الذي انتقده الخاص والعام ورجال الإعلام في فرنسا قبيل انطلاق المونديال بأسابيع وشنوا عليه هجوما قويا في مختلف القنوات التلفزيونية والجرائد والمواقع الإلكترونية، بسبب تراجع نتائج المنتخب خلال المباريات الودية التحضيرية، أبان عن حنكة تدريبية كبيرة بعدما قاد أشباله إلى البروز في المونديال من خلال النتائج الإيجابية المحققة رغم أنها جاءت بأقل الأهداف، مثلما فعلوه في مباريات الدور الأول أمام المنتخب الأسترالي الذي فازوا عليه في لقاء الجولة الأولى بهدفين لواحد، وبعده جاء الدور على منتخب البيرو بهدف يتيم، ليتعادل الفرنسيون سلبا أمام المنتخب الدانماركي العنيد ويمروا إلى الدور الثاني، وفي هذا الدور تأكد الجميع بأن الآلة الهجومية الفرنسية تتحرك إلا إذا شعرت بالخطر مثلما حدث لهم ذلك ضد المنتخب الأرجنتين الذي أقصوه من الدور ثمن النهائي بعدما افتتحوا باب التهديف ثم عدلت عليهم النتيجة وأضيف الهدف الثاني عليهم الذي جعلهم ينتفضون بقوة ويسجلون أهدافا أخرى جعلتهم يضمنون ورقة التأهل لربع النهائي في اللقاء الذي انتهى لصالحهم بأربعة أهداف لثلاثة، قبل أن يفوزوا على اليوروغواي بهدفين نظيفين، وضمونا التأهل على بلجيكا بأقل فارق، مسجلين بذلك 10 أهداف من أصل 6 مباريات رغم قوة خطهم الهجومي.
سر قوة المنتخب الفرنسي الذي كونه «ديشان» تمكن كذلك في المجموعة التي ضبط عقاربها بإحكام، حيث تأكد محبو الساحرة المستديرة من أن قوة المنتخب الفرنسي في مجموعته وليس في فردياته، خصوصا أن اللقاءات الستة التي خاضها أشباله عرفت تألق لاعب أو لاعبين مختلفين عن المواجهة السابقة، ما يؤكد العمل الكبير الذي قام به الطاقم الفني الذي وضع الثقة في الحارس «لوريس» ومنحه شارة القيادة في هذا المونديال رغم أنه مر جانبا هذا الموسم مع فريقه نادي توتنهام، كما وجد الثنائي المثالي لمحور الدفاع (أومتيتي وفاران)، وغامر بمنح الفرصة للشاب المغمور»بانجامين بافار» القادم من نادي شتتوتغارت الألماني ونصبه ظهيرا أيمن، و»لوكاس هيرنونديز» لاعب الأتليتيكو ظهيرا أيسر رغم قلة خبرتهما مع المنتخب، هم الذين خاضوا الثلاثاء المباراة الـ 11 لهم مع الديكة.
الصلابة الدفاعية للفرنسيين يستمدونها كذلك من قوة وسط الميدان المكون من الثنائي الناشط في البيرمرليغ (بوغبا وكونتي) اللذان يقومان بعمل كبير دفاعيا وهجوميا، ويساعدان زميلهما «ماتويدي» في نقل الخطورة ومنح كرات ميليميترية نحو الثلاثي (مبابي، غريزمان وجيرود).
«ديشان» الذي انتقده الجميع حقق أكثر من أهدافه في هذا المونديال، وحتى ولو لم يوفق رفقة أشباله في التتويج باللقب العالمي الثاني في خزائن «الزرق»، سيضل المسؤول الأول على العارضة الفنية للديوك، بعدما أنقذه نفسه وطاقمه من الإقالة بعد التأهل على حساب اليوروغواي إلى نصف النصف النهائي، وسيواصل عمله على الأقل إلى غاية يورو 2020، وقد يسير على خطى مدرب المانشافت «يواكيم لوف» الذي عمل مع الماكنات مساعدا «كلينسمان»، وبعدها تحول إلى مدرب سنة 2006 بعد رحيل النجم الألماني السابق من العارضة الفنية، حيث بلغ نهائي يورو 2008 وخسره، وبعده احتل المركز الثالث في مونديال 2010، وتوج بمونديال 2014 بالبرازيل وبكأس القارات في السنة الموالية، ورغم خروجه من الدور الأول خلال مونديال روسيا إلا أن الإتحاد الألماني فضل الإبقاء على «لوف» على رأس العارضة الفنية للمنتخب لمواصلة العمل الذي بدأه منذ 10 سنوات كاملة، مؤمنين بأن العمل والاستقرار وحده في كرة القدم يقود المنتخبات والفرق نحو تحقيق الكؤوس والبطولات.