مــن زنزانة العتمة إلى فجر الحريّة..حكاية حسان

بقلم: ثورة عرفات

وُلد حسان راتب يونس عويس في مخيم جنين للاجئين الفلسطينيين، الواقع شمال الضفة الغربية في فلسطين، وهو واحد من أكبر وأقدم المخيمات الفلسطينية التي أنشئت في أواخر الأربعينيات من القرن الماضي بعد نكبة 1948.

 يحمل المخيّم بين أزقته وقصص أهله تاريخًا حافلًا بالمآسي والصمود، حيث يعيش فيه آلاف اللاجئين الفلسطينيين في ظروف اقتصادية وإنسانية صعبة، تحت وطأة الاحتلال الصهيوني المتواصل.
نشأ حسان في هذا المخيم الذي شكّل له ولعائلته وطنًا صغيرًا يضج بالحياة رغم قسوة الظروف، حيث تربّى وسط أسرة فلسطينية عريقة عاشت معاناة اللجوء وأثقال الاحتلال، وهو ما رسّخ في نفسه الانتماء الوطني والالتزام بالقضية الفلسطينية. في عام 2002، وخلال معركة جنين التي استشهد فيها الكثير من أبناء المخيم وشُرِّد آلاف السكان، اعتقل الاحتلال حسان بعد ملاحقته واشتباكه مع القوات الصهيونية في تلك المعركة.
كان حينها شابًا في أوائل العشرينات من عمره، مضى إلى الأسر حاملاً معه أحلامه وطموحاته التي لم تكن ستقف أمام السجن ولا القهر.
داخل زنازين الاحتلال، واجه حسان ظروف اعتقال قاسية شملت العزل والتحقيق والتضييق، لكنه لم يسمح لهذه الظروف أن تكسر عزيمته. بل على العكس، استغلّ سنوات سجنه الطويلة التي امتدت لأكثر من 22 عامًا في تطوير نفسه وتعليمه، حيث أكمل دراسته الجامعية وحصل على شهادة البكالوريوس، مؤمنًا أن العلم هو السلاح الأقوى في معركة الحرية.
لم يكن مجرّد طالب، بل كان موجّهًا ومُعلِّمًا لأسرى آخرين، يشارك في حملات التعليم داخل السجون، ناشرًا رسالة الأمل والثبات رغم القيد، ليكون رمزًا للصمود والمبدعين من الأسرى الفلسطينيين. عام 2025، وبموجب صفقة تبادل الأسرى “طوفان الأحرار”، تحرّر حسان، ليعود أخيرًا إلى مخيم جنين الذي ظل في قلبه، حيث استقبله أهله ومحبيه بحفاوة كبيرة، بعد طول انتظار وحياة مليئة بالتضحيات. رغم الحرية، بقيت آثار السجن واضحة في حياته، إلا أن عودته لمخيم جنين مثلت بداية جديدة له، مواصلًا نضاله كجزء من القضية الفلسطينية، مدافعًا عن حقوق الأسرى، وناقلًا تجربته لتكون مصدر إلهام لكل من يعاني في ظروف الاعتقال والحرمان.
حسان عويس، اليوم، هو شاهد حي على تاريخ من الألم والكفاح، وتعبير حي عن قدرة الإنسان على التحمل والإبداع رغم كل الظروف القاسية، مجسّدًا قصة آلاف الأسرى الذين يؤمنون أن الحرية هي الأمل الذي لا يموت.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19828

العدد 19828

الإثنين 21 جويلية 2025
العدد 19827

العدد 19827

الأحد 20 جويلية 2025
العدد 19826

العدد 19826

السبت 19 جويلية 2025
العدد 19825

العدد 19825

الخميس 17 جويلية 2025