نقطة إلى السطر

بين «الفِيَلَة» و» البق « كرامة تهدر

فتيحة كلواز

تعاني الفئات الهشة في هذا الشهر الفضيل وعلى غير العادة بسبب الإجراءات الوقائية الاحترازية التي ألزمت الجميع منازلهم وجعلت الكل يرتاب من إصابة الكل بفيروس كورونا الذي قلب حياة الناس رأسا على عقب، وحول  تفاصيلها الى مجرد انتظار وترقب لموعد اعلان نهاية الحجر الصحي والتباعد الاجتماعي الذي تعيشه الكثير من دول العالم.
فيما مضى كانت موائد الرحمن والمساعدات التي تقدمها مختلف الهيئات والجمعيات سبيل تلك الفئة لتجاوز الفاقة والعوز خاصة في شهر له خصوصية ميزته عن باقي أيام السنة، فالصيام وعيد الفطر يزيد من شعور اشخاص بالفقر لان الأطفال غالبا لا يتفهمون الحياة التي يعيشونها ، حيث يكون سؤالهم الدائم لم  لا اشتري سروالا او فستانا او لعبة او أي شيء يرى ابن جاره يتمتع به، والأصعب ان يجد عائله مبررا مقنعا له يجعله يكف عن طرح الأسئلة.
الفقراء ابطال يحاربون في صمت قسوة الحياة التي لم ولن تمل من كسر عظامهم، فقد كانت دائما غير عادِلة معهم، قلة حيلتهم جعلتهم يتعودون الحاجة والاكتفاء بالأوكسجين كدليل قاطع على بقائهم احياء، وأيقنوا ان المجتمع زادته كورونا جفاء وانانية.ان كان من قبل «مع الواقف» هو اليوم يتجرد من انسانيته ليرسم أكثر الحروف ظلما «لا».
 ورغم الجهود المبذولة من اجل تخفيف عبئ الفقر و العوز على هؤلاء من خلال تقديم المساعدات الا انها في كثير من الأحيان توجه الى غير أصحابها ، فكيف لإطارات وموظفون تتجاوز رواتبهم ال100الف دج مزاحمة من لا دخل له في قفة رمضان، بل اصبح بعض القائمين عليها يوجهونها الى أقاربهم كهدية رمضانية تعبيرا عن حبهم لهم.
الأمانة سقطت امام تلك التصرفات التي هدرت ما تقوم به الدولة للتكفل بالفئات الهشة، لذلك كان علينا لزوما ان نعي ان الفقراء درس الحياة لكل واحد منا لأننا لن نكون بعيدين عما يعيشوه ففي أي لحظة يمكننا ان نتبادل الأدوار معهم، لذلك وجب التعامل معهم بطريقة تحفظ كرامتهم وتزيح عنهم الصور التي تحط من شأنهم وتجعلهم مجرد وسيلة لبلوغ او تحقيق غايات مستقبلية خطوتها الأولى نشر صور عن كرم وجُودٍ اتجاه هؤلاء الفقراء الباحثين عن لقمة العيش.
الغريب ان الكل باحثٌ عن هذه «اللقمة»،  لكن المفارقة كما تقول الحكمة «أصحاب الملايين يصطادون الفيلة والفقراء يصطادون البق»، هذا بالضبط ما يحاول البعض صناعته من خلال نشر فيديوهات لكل المساعدات التي يقدمونها وبين «الفيلة» و»البق» كرامة تهدر وفقير يذل، وكما كانوا من قبل الورقة الرابحة في يد السياسيين هم في رمضان الطُعم الأمثل لصناعة اسم وسط مجتمع المظاهر تغلبت على يومياته، لذلك علينا ان نقف في وجه من يتسولون سمعة طيبة بمد يد الفقراء بدلا عنهم. 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19454

العدد 19454

الخميس 25 أفريل 2024
العدد 19453

العدد 19453

الأربعاء 24 أفريل 2024
العدد 19452

العدد 19452

الإثنين 22 أفريل 2024
العدد 19451

العدد 19451

الإثنين 22 أفريل 2024