لا يزال سكان منطقة مرحوم، بجنوب ولاية سيدي بلعباس، يتمسكون بعادة «الوزيعة» التي تمثل موروثا متأصلا لسكان المنطقة وتعكس صورة من صور التضامن والتكافل، خلال شهر رمضان المبارك، ويحرص سكان هذه المنطقة التي تشتهر بتربية المواشي على إحياء هذا الموروث المتأصل، خلال رمضان، متمسكين بعادة «الوزيعة» التي تستمد أصولها من عمق عادات تجسد معنى التآزر والتكافل في شهر الصيام.
جيلا بعد جيل
تمثل «الوزيعة» لسكان مرحوم عادة حميدة، توارثوها عن أجدادهم منذ القدم، تستمد اسمها من توزيع اللحوم بعد عمليات ذبح جماعي للماشية سواء ثور أو غنم أو ماعز، واستنادا إلى الشيخ عمار أحد أعيان المنطقة فإن هذه العادة يشترك فيها عدد من العائلات من جيران أو أقرباء حيث يقومون بشراء الماشية ويشتركون في ذبحها ومن ثم توزيعها فيما بينهم مع الحرص على توزيع جزء منها على العائلات المعوزة.
وتعد «الوزيعة» الحل الأنسب، بحسب الشيخ عمار في ظل ارتفاع أسعار اللحوم لاسيما الحمراء على غرار لحم الخروف، مشيرا إلى أن «الوزيعة» في شهر رمضان من العادات المباركة من أجل توفير اللحم للجميع دون استثناء.
وتشارك كل عائلة في «الوزيعة» بمبلغ بحسب مقدورها في حين تنال حصة من اللحم تتراوح بين 2 و3 كلغ بحسب ذات المتحدث مشيرا إلى أن سكان منطقة مرحوم يحبذون الوزيعة، لأنهم يشرفون بأنفسهم على اختيار الماشية وذبحها، كما يستفيدون من رؤوسها وكذا أحشائها من أجل تحضير بعض الأطباق التقليدية، خلال الشهر الفضيل.
ومن جهته، اعتبر صالح رب عائلة الوزيعة مظهرا من مظاهر التكافل بين الأقارب والجيران، حيث تسمح للمشاركين فيها بتقاسم اللحم بشكل متساوي فيما بينهم بغض النظر عن المبلغ الذي دفعوه مشيرا إلى أنه شارك في هذا العام، بمبلغ 900 دج ونال حصة تقارب 3 كلغ من لحم الخروف.
وأضاف ذات المتحدث أن «كل شخص يشارك بحسب مقدوره في كل عام ومع ذلك نحرص على توزيع حصص اللحم بشكل عادل ونخصص كذلك حصة للعائلات المعوزة من أجل المحافظة على هذه العادة التي تجمع الناس على فعل الخير والتصدق، خلال الشهر الفضيل».
كما تمثل عادة الوزيعة فرصة من أجل التصدق بالأطباق والأكلات التقليدية التي تحضر من لحومها حيث تحرص النسوة بمنطقة مرحوم على إعداد أشهى الأطباق التقليدية من أجل تبادلها فيما بينهن وكذا تقديمها لعابري السبيل والمعوزين عند موعد الإفطار.
وتقول الحاجة فاطمة في هذا الصدد «الوزيعة ليست للأكل وحسب بل هي أكثرها بركة وصدقة في هذه الأيام المباركة وكل الأطباق التي نحضرها من لحوم الوزيعة يوجه جزء منها للصدقات».
وأشارت ذات المتحدثة الى أنه كما يجتمع الرجال لذبح الماشية وتقطيع اللحوم تشترك النسوة كذلك في غسل الأحشاء، وكذا إعداد أطباق تقليدية مختلفة، منها «الكسكسي» و «الدوارة»، وكذا «البوزلوف» التي تتناولها العائلات مجتمعة بعد الإفطار في أجواء من التآخي.