طباعة هذه الصفحة

هيروشيما.. ماذا بعد؟

فضيلة دفوس
06 أوث 2018

عادت أمس الذكرى السنوية 73 لإلقاء أول قنبلة ذرية في العالم على مدينة هيروشيما اليابانية من طرف الولايات المتحدة الأمريكية نهاية الحرب العالمية الثانية والتي خلّفت 140 ألف قتيل، والخميس القادم ستعود ذكرى تعرّض مدينة ناغازاكي لهجوم نووي مريع أدى إلى مصرع أزيد من 74 ألف شخص، دون الحديث عن آلاف المصابين، بالإضافة إلى التشوهات التي طالت الولادات وكلّ أشكال الحياة.
 وبعيدا عن الآلام التي أحيتها هذه الذكرى، فقد رفض اليابانيون جعلها فرصة لتمرير السكين على جرحهم الذي لم يندمل بعد، كما أنهم امتنعوا عن تحويلها إلى محطة لجلد أمريكا التي كانت أول من استخدم السلاح المحظور في تاريخ البشرية، وفضّلوا بدل ذلك دفع العالم ليستلهم الدّروس مما تكبّدوه قبل سبعة عقود، حتى يسعى بكلّ جدّ للتخلّص من السلاح النووي، وكل أشكال الأسلحة التي تبيد الناس وتتهدّد الأمن والسلام الدوليين، ويعمل على كبح م النزاعات والحروب التي نراها مشتعلة في كلّ مكان.
لا شك أن استعادة  صورة المقنبلات الامريكية وهي تلقي «الولد الصغير»  فوق مدينة هيروشيما عام 1945 لتحرق البشر والحجر هو أمر رهيب، لكن هذا الماضي المريع يجب أن يدفع نحو منع تكرار هذه المأساة، من خلال إرغام الدول النووية على التخلص من ترسانتها المحظورة، ومن الضروري أن تنخرط جميع الدول في هذه العملية ولا تستثنى أي دولة نووية، فمبدأ «حلال علينا حرام عليهم» الذي تتبناه مجموعة النادي النووي، هو سبب البلاء الذي تعيشه البشرية، وهو الذي يدفع الى السباق النووي، ويرفع من فرص وقوع الأسلحة المحظورة بين أيدي المجموعات الإرهابية.
لكن إذا كنّا نثمّن النتائج التي توصّلت إليها الجهود الدبلوماسية لإقناع كوريا الشمالية بالتخلّص من ترسانتها النووية، فإننا نتخوّف من  التصعيد الذي يحيط بالملف النووي الإيراني، ونتساءل عن المغزى الحقيقي من تراجع إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن الاتفاق الموقّع عام 2015 بمباركة المجموعة الدولية، والذي حمل بين طيّاته كل الضمانات التي تكبح أي طموح للجمهورية الاسلامية في اكتساب  السلاح المحظور.
 كما نطرح علامات استفهام كثيرة عن ازدواجية المعايير، وعن سياسة التمييز التي تحكم الملف النووي في العالم، فبينما تعاقب دول ويجوّع شعبها لأنها فقط تملك برامج نووية سلمية، يحيط الصمت المطبق دولا نووية يتستّر الجميع على ما تملكه من ترسانة متقدّمة.
 بالأمس إذن عادت ذكرى هيروشيما، وهي مناسبة ندقّ من خلالها ناقوس الخطر لحثّ الجميع على  مباشرة «حملة تنظيف» للعالم من السلاح المحظور.