طباعة هذه الصفحة

شريك حيوي لا بديل عنه

جمال أوكيلي
11 أوث 2018

كان أمس السيد محمد عليوي الأمين العام لإتحاد الفلاحين الجزائريين، وفيا لمواقفه التي إنفرد بها طيلة مسيرته المتعلقة بالأشراف على قطاع استراتجي شعاره الأزلي مرافقة الفلاح في السراء والضراء، والدفاع عن مصالحه مهما حاولت الإدارة الضغط عليه وحصره في النطاق البيروقراطي.
ما سجلناه على عليوي خلال استضافته في فوروم «الشعب» هو أنه مازال على العهد الذي قطعه على نفسه على أن يكون مدافعا شرسا عن مصالح الفلاحين يشعرك من خلال ما يتفوه به، بأنه صعب المراس، لا تأخذ منه أي شيء بالمجان، وغير مستعد للعمل مع أي كان ولا يطبق التعليمات الواردة على إتحاده ماعدا تلك الصادرة عن رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة.
وعليه فإن عليوي إبن قطاع الفلاحة جاء مباشرة عقب ذهاب سابقه عيسى ناجم ليتولى تسيير شؤون هذه الفئة العزيزة على الجزائريين بشكل ثابت لم تحدث أي قطيعة أو هزة في هذا التنظيم منذ نشأته في السبعينات في فترة الرئيس الراحل هواري بومدين الذي كان يحب الفلاحين نظرا لما يشكلونه من قوة في حركية المنظمات الجماهيرية آنذاك مضمونها الملموس حملات التطوع والحرص على التفاعل مع الصيغ المتبعة في ذلك الوقت «كوفال» «كابسياس» و «أوفلا» كترجمة عملية لخيار الإشتراكية وآلية الثورة الزراعية.
ولذلك، فإن حديث عليوي قائم على التجربة ومبني على الخبرة، وكل قرار يصدر في هذا الشأن يدرك أبعاده، ويعي مقاصده، وفي مقابل ذلك لا ينجر وراءه معتبرا إياه بـ «اللاحدث» خاصة إذا ما إشتم فيه رائحة التلاعب بمصالح الفلاحين.
وفي «فوروم الشعب» تكلم بكل قوة عن قطاعه من باب بديهي وفهم مسلم به، على أن الإتحاد قوة تأثير في صناعة القرار الفلاحي، ومن لم يشاوره يتحمل تبعات ما أقدم عليه إنفراديا، وقد خطفنا البعض من المؤشرات التي هي عبارة عن رسائل واضحة المعالم ليست مشفرة أبدا، أو غامضة موجهة خاصة إلى الإدارة، التي تتمادى حسبه في عدم إستكمال تسوية وضعية العقار لدى الفلاحين الذين إستفادوا منه سواء في الجنوب أو في الهضاب العليا، وتتواصل هذه الحالة للأسف إلى غاية يومنا هذا. باصرار من عليوي الذي دعا إلى تغيير الذهنيات في هذا الشأن بما يتماشى مع الإرادة الراهنة للسلطات العمومية في هذ الشأن.
ومعايشة عليوي لمرحلتي الإشتراكية والإنفتاح لا يعني إنه غير ملم بالتغييرات الحاصلة بين الفترتين وإنما أظهر في النقاش العام تحكما كاملا في تفاصيل الملفات المطروحة، مطالبا الجميع بالذهاب إلى البحث عن مشاكل الفلاحة بعيدا عن الفلاحين.
ولم يتوان في هذا الشأن  التذكير بدقائق الأمور عندما أثيرت مسألة أراضي العرش، التي وردت في قانوني الثورة الزراعية والسهوب مصنفا إياها كأراض تابعة للدولة الجزائرية وواصفا الملف المعقد الذي لم يفتح بعد.
غير أن هناك مشاورات متواصلة مع الجهات المعنية بهذه الخاصية للأرض، مشيرا في هذا الصدد إلى دخول عوامل أخرى في هذا الإطار.
وهكذا قدم لنا عليوي الإتحاد على أنه شريك لا بديل عنه، مؤهل بأن ينمي قطاع الفلاحة بالشكل المطلوب وأي قرار يتطلب الأمر إستشارته لقول كلمته الفاصلة والحاسمة في آن واحد، وهذا بعيدا عن أي مفهوم جماعة الضغط، كونه مهيكلا في إطار تنظيمي قانوني يحترم إحتراما كاملا قوانين الجمهورية المعمول بها.