طباعة هذه الصفحة

شيطان فتنة أو ملاك سلام .. ؟

أمين بلعمري
21 أكتوير 2018

لعبت وسائل الاعلام دورا كبيرا في اشعال الحرب الاهلية الرواندية من خلال فك رابطة التعايش وفق معادلة ثنائية منسجمة وهي أغلبية الهوتو و أقلية التوتسي قبل أن تتدخل يد الاستعمار البلجيكي في خمسينيات القرن الماضي لوقف ذلك التعايش وضربه بطريقة مستدامة من خلال استحداث بطاقات هوية لكل قبيلة وبالفعل تم إجهاضه ولم تتوقف المناوشات بينهما من يومها، هذا ما فعلته يد الاستعمار ليتم  بعد ثلاثة عقود كاملة النفخ في تلك الهوة من قبل وسائل الإعلام لتلعب دورا كبيرا في إشعال فتيل الحرب الأهلية الرواندية في تسعينات القرن، حرب خلفت أكثر من 800 ألف قتيل؟.
لم أسق هذا المثال لسرد أحداث تاريخية معروفة لدى الجميع ولكن لأبيّن دور الإعلام اما سلبا أو ايجابا و ان كان في الحالة الرواندية وفي غيرها من الحالات، مثل سوريا والعراق وليبيا ...الخ لعب أدوارا سيئة عمقت الأزمات و أطالت عمرها لأن المواجهات لم تكن تدور رحاها في ميادين القتال فقط ولكن في شاشات التلفزيون، صفحات الجرائد والمنصات الالكترونية وغيرها، ما يوضح أن الإعلام كان هو الآخر جبهة من جبهات القتال.
تحيي الجزائر، اليوم الوطني للصحافة الذي أقره رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة واستحدث له جائزة تسدى باسمه سنويا في مثل هذا اليوم من كل سنة إلى الفائزين في المسابقة و بما أن الجزائر أحيت هذه السنة اليوم العالمي للعيش معا بسلام، كان موضوع جائزة الرئيس لهذه السنة مهدى لهذه القيمة الإنسانية الكبيرة المتمثلة في “العيش معا بسلام” و هو اختيار يبدو  أنه لا يرتبط  برزنامة زمنية بقدر إبراز الدور الكبير الذي يمكن أن تلعبه الصحافة في تعزيز عرى التعايش وفلسفة القبول بالآخر رغم الاختلاف لأن مغزى العيش معا وبسلام يعني القبول بوجودك تحت سقف هذا الوطن رغم أنني لا أقاسمك لا نفس الأفكار ولا نفس القناعات.
ان المأساة التي مرت بها الجزائر في إحدى أحلك مراحلها منذ الاستقلال خلال العشرية الحمراء أنضجت الجزائريين ولكن ذلك النضج كان ثمنه دماءهم للأسف وبسبب ثقافة إقصاء الآخر لشبهة الاختلاف معه في ظل ديمقراطية وليدة لم نفهم منها غير شيء واحد وهو أنها تعني  شتم الآخر وسبه أو هكذا كان تعريف الجزائريين للديمقراطية وهم الذين عاشوا تحت الحزب الواحد وفلسفة “لا أريكم الا ما أرى” ؟.
إن الصحافة تتحمل مسؤولية تنوء بحملها الجبال وهي المحافظة على انسجام هذا المجتمع و وحدة هذا الوطن من خلال تعزيز وتمتين أسس العيش معا والقبول بالآخر في ظل مساواة تكون مرجعيتها المواطنة وفقط وعلى الصحفي أن يختار بين أن يكون شيطان فتنة أو ملاك سلام؟