طباعة هذه الصفحة

حصاد الأسبوع

نبوءة «عياش» وغزوة «ريفكا» ليلة «الحوت الأزرق »

بقلم : نور الدين لعراجـــي
26 ديسمبر 2018

في اخر حصاد لآخر خميس من سنة 2018، صنعت قصة الفتى عياش حدثا مفصليا كشف المستور، وبان الامر الذي كنا فيه نستفتيان، حول منظومة اجتماعية لا تحتاج الى ايعاز يجبرها على التضامن، ولا الى صفارة انذار تدفعها الى التحرك، فيكفي ان تكون الصرخة واعيا شاه... كافية لتجر ما قبلها وما بعدها، فتلتقي السواعد على مدار تسع ايام، في رحلة البحث عن فتى الجب، وسيارة القوم التي لم تمر، او تعطل بها الحضور في الساعات الاولى من السقوط، فزاد من فضاعة الامر، وقلب مواجعا كنا في غنى عنها.
قرية «ام الشمل» النائمة في خدرها، فبعدما ظلمها التاريخ، وهي اشبه بالجب الذي سقط فيه عياش، تحولت الى كعبة يحج اليها المواطنون من كل فج عميق، وتحت أعين الشاشات بمختلف اجناسها ومشاربها يتابع العالم حكاية البئر الملعونة، لتدخل التاريخ من بابه الحزين.
-تنفس البحر فلفظت امواجه جثثا لمفقودين حراقة من شبابنا المغبون على امره، وعوض ان تبكي الامهات على فلذات اكبادهن، رحن في هستيريا غير مسبوقة يحمدن الله في عود تهم الى الديار جثثا هامدة، تبخر حلمها على قوارب الموت، ولم يكن لها ان ترسوا على يابسة الضفة الاخرى من المتوسط، امهات وهن يستقبلن جثث الابناء تمادين في حمد الله وشكره، لان الاسماك الكبيرة لم تنل من اجسادهم، فبقيت كما هي دون تشويه.
- المشروع السياسي للأحزاب، بدا  فشله في احداث الوثبة التضامنية لم يعد جامعا مع تكاثر الحركات التصحيحية، وفشلها في استعادة الوعاء الجماهيري للمناضلين والمتعاطفين، في ظل مجتمع صار يؤمن بالعالم الافتراضي، فعجل بصعود نجم رقمي يدعى «ريفكا»، جمع حوله في ظرف ساعة من الزمن جمهورا متعطشا تجاوز ثلاثة ألاف شخص، يحملون صوره ويهتفون بأسمه، ظاهرة «ريفكا» مسحة من غبن اجتماعي يعيشه الفرد الجزائري، لذلك فإن علماء الاجتماع مطالبون بدراسة ديمومة هذه الظواهر الغريبة ؟
-حادثة سقوط الطائرة العسكرية «اليوشين » واستشهاد 257 فردا، حول الوطن برمته الى بيت عزاء مفتوح، تقاسمت فيه الآسر الجزائرية الفجيعة مع أهالي الشهداء، جميعهم فكانت ثقافة الفقد شعار لتاءات الجزائر الاربع من تندوف الى تيزي وزو، ومن تبسة الى تلمسان.
-الحوت الازرق لم يعمر طويلا في وأد ضحاياه، لولا ان الاستنفار بلغ ذروته القصوى، فشن الاولياء دوريات يومية على فضاءات ابنائهم، في البيوت والمدارس من قريب وبعيد، لينتهي كابوس هدد اطفالنا وحول يومياتنا الى فيلم تراجيدي بامتياز.
- اختطاف الاطفال كان هاجسا مخيفا، إستنفر البلد برمته وحرم السبات على العائلات المتمدرس اطفالها، فلا يمر يوم إلا والمسلسل يتكرر بشكل جديد، وبشخوص مغايرة، وأمكنة وظروف تختلف عن سابقيها، تفعيل سلطان القانون، وان جاء متأخرا، إلا انه لا يزال مستمرا، فهناك من كان في عداد الموتى، ومنهم من لا يزال مختفيا الى الان.
«خليها تصدي» حملة توسعت رقعتها لتشمل كل مبيعات السيارات بمختلف انواعها، وعوض ان يستفيد المواطن من خيارات التقسيط والأسعار، التهبت هذه الاخيرة ليكون ثمن المركبة ضعفين وأكثر، رغم تركيبها محليا بسواعد وطنية، ولان المواطن من يدفع فاتورة الفائدة لأصحاب المصانع، خرج يوسفي من جحره كاشفا الحقيقة المرة، فتوسعت رقعة المقاطعة، والسعر ذاته يمكنك من شراء مركبتين في دول الجوار بنفس الطريقة وابخس ثمنا.