طباعة هذه الصفحة

تحديات ترفع

فنيدس بن بلة
13 فيفري 2019

أخذت الأحزاب الاستحقاق الرئاسي المقرر يوم 18 أفريل الداخل مأخذ جد منوهة بقرار رئيس الجمهورية بإجرائه في موعده منهيا الجدل العقيم والمضاربة الكلامية التي غذت إشاعات لا جدوى منها وولدت دعاية وجدت الانتشار عبر مواقع التواصل الاجتماعي بطريقة هستيرية تدعو إلى القلق.
تحركت الأحزاب منذ استدعاء الرئيس بوتفليقة الهيئة الانتخابية وشروع البلديات في سباق ضد الساعة من أجل مراجعة القوائم . وشرعت في تنظيم لقاءات مع الإطارات المركزية أو المحلية كاشفة عن خياراتها من أجل أن تكون لها كلمتها في هذه المحطة المفصلية من مسار الديمقراطية التعددية ودولة المؤسسات.
رغم الاختلاف والتباين في التوجه، أجمعت الأحزاب على مقاربة واحدة :عدم المساس بالمكاسب المحققة في التعددية التي تخوض تجربتها الجزائر اعتمادا على استقلالية قرار وسيادة لا تقبل المساوة والتنازل. هذه الغيرة التي كشفت النقاب عنها التشكيلات السياسية في أكثر من موقع ومقام تعطي الإجابة الكافية الشافية وتضع حدا لكل متطاول لم يحفظ الدرس ولم يهضم الخصوصية الجزائرية التي تحمل التمايز والاستثناء في مثل هذه الحالات.
إنها خصوصية تظهر في كل مرة صعبة تمر بها البلاد وتعيش مرارتها بأقصى درجة الصبر. خصوصية تجعل من الأزمات والمتاعب نقطة انطلاق نحو الأحسن والخروج بأقل الأضرار والتضحيات للانطلاق نحو ما هو أجدر وأفيد في معركة فرض الوجود وجلب احترام الآخر والاعتراف.
إنها خصوصية تعطي القناعة لكل متتبع للشأن الجزائري كيف نجح هذا البلد الأمين في تخطي المشروع التخريبي الذي يحاول إعادة تقسيم الخارطة العربية وفق حسابات المصالح ومطالب النفوذ وتداعيات التصارع الاستراتيجي في العالم المثقل بالأزمات المركبة المعقدة عن آخره ويستدعي إعادة هيكلة تعيد له التوازن المفقود منذ لقاءات يالطا وبو تسدام وسان فرانسيسكو.
خصوصية هي إذن، تفسر كيف ولماذا تنعم الجزائر بتدابير السلم والمصالحة في ظل استقرار وسط محيط جيو سياسي إقليمي مضطرب تتآكله النزاعات وتزيده توترا التدخلات الأجنبية الخارجية. إنها مكاسب تحققت تسعى الطبقة السياسية بكل ما أوتيت من قوة للحفاظ عليها آخذة في الحسبان مأساة العشرية السوداء التي خرجنا منها بشق الأنفس ولا نريد القبول بأية مغارم أخرى ترهن الأمن والسلامة وتعيدنا إلى أولى البدايات.
من هنا كان الحذر مطلوبا من الأحزاب التي رفعت من مضمون خطابها السياسي إلى مستوى ما ينتظرها من تحديات تستدعي الرشادة في المعاملة وتفرض حكمة وتبصرا وبعد نظر. فليس غريبا إذن أن تتجاوب عديد الأحزاب إيجابيا مع إعلان ترشح من كان المبادر في هذا المكسب ومن حرص على صيانته عبر إصلاحات شاملة .ليس بمفاجاة أن تتنفس الكثير من التشكيلات الصعداء بإعلان ترشح الرئيس بوتفليقة للاستحقاق القادم استجابة لمطالب حزبية وغير حزبية. والتأكيد الصريح أنها مع الاستمرارية والانخراط في الورشات المرتقبة المقترحة تتصدرها الندوة الوطنية لفتح النقاش المسؤول عن تعميق الإصلاحات وإثراء أسمى القوانين.