طباعة هذه الصفحة

دقيقة صمت لكنها قالت كل شيء .. ؟ !

أمين بلعمري
12 أفريل 2019

أسقط الشعب الجزائري في الماء رهانات من كانوا ينتظرونها جمعة الطلاق بين الشعب وجيشه والحناجر صدحت في الجمعة الثامنة «جيش شعب..خاوة خاوة» بل أكثر من ذلك وقف المتظاهرون أمس، وسط العاصمة، دقيقة صمت ترحما على أرواح شهداء الطائرة العسكرية التي سقطت ببوفاريك العام الماضي، لا أحد يمكنه أن يوقع بين أبناء الشعب الواحد، دقيقة صمت واحدة قال فيها الشعب كل شيء ؟
لقد أبان الشعب الجزائري عن وعي كبير وفهم بخبايا السياسة وأفخاخها المنصوبة لهذه المؤسسة، التي حاول البعض استدراجها للوقوع في المحظور لينقلبوا عليها وإظهارها أمام العالم، أنها مؤسسة انقلابية متمردة  داست القوانين بـ «الرونجاس» لتكون فريسة للمساومات والضغوطات الداخلية والخارجية ؟ كما هو حال الجيش السوداني الذي يبدو أن ضغط الشارع أدخله في ورطة والعالم سينسى عمر البشير ونظامه وتطلعات السودانيين وآمالهم الوردية، بينما يواجه الجيش السوداني الضغوط وسيضطر إلى تسديد  فاتورة القطار من محطة إقلاعه - كما يقول المثل -؟ بينما كان الوضع في الجزائر مختلفا وقيادة المؤسسة تفطنت للمكيدة لهذا عظّت على الحل الدستوري بالنواجذ وأكدت أنها لن تسير في أي مغامرة خارجه، ولكن رغم ذلك لم ييأس البعض وواصلوا الضغط إما من خلال تمثيليات الاستنجاد بها أو عبر حملات التشويه المسعورة والممنهجة واتهامها بالاصطفاف خلف من سماهم الفريق قايد صالح نفسه بـ «العصابة» على حساب مطالب الشعب المشروعة ؟ للتحريض  ضدها واستحداث شرخ بين أبناء الشعب الواحد ؟ غير أن المؤامرة كما أنها لم تنطل على قيادة الجيش، لم تنطل كذلك على الشعب الجزائري وصدحت حناجر المتظاهرين، أمس، عبر كل ربوع الوطن بكلمة واحدة «شعب، جيش.. خاوة خاوة» إنه الميثاق الغليظ الذي لا تكسر عراه مؤامرات معلّبة في مخابر أجنبية؟.
إن الشعب الجزائري يميّز جيدا بين الصديق والعدو، كما يدرك أن التغيير المنشود لا يتم بدون الجيش فالتجارب الديمقراطية الناجحة كانت بفضل التحالف بين الجيوش الوطنية والشعوب لهذا هناك رهان كبير على المواجهة بين الشعب والجيش يدرك أصحابه جيدا أن أفضل طريقة لإجهاض مخاض التغيير  تكمن في الوقيعة بينهما وأي سيناريو أفضل من إشغال الشعب والجيش ببعضهما وإدخالهما في مواجهة دونكيشوتية تضعفهما معا؟، لهذا أعتقد أن سلوك الجيش يحكمه منطق الحذر والانضباط العسكري الذي يكون مضاعفا في حقول السياسة الملغمة غالبا، بينما يراه الشارع الواقع تحت تأثير الحماسة والاندفاع أحيانا أو تحت تأثير الدعاية المغرضة أحيانا أخرى بأنه سلوك بطيء أو متخاذل، لا يجب أن نحرق المراحل، فالعمليات القيصرية قد تأتي أحيانا بجنين مشوّه ؟ !.