طباعة هذه الصفحة

وعود لم يصدقها إلا ترامب..؟!

أمين بلعمري
18 ماي 2019

يقال في السياسة «إن الوعود الانتخابية لا يصدقها إلا صاحبها»؟ بمعنى آخر، الذي يصدق وعود الحملات الانتخابية هوشخص ساذج؟ مقولة تنطبق تماما على الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب الذي رفع شعار «أمريكا أولا»، خلال حملته الانتخابية الرئاسية، حين قال أن كل اهتمامه سينصب على الداخل الأمريكي وسيسحب الجنود الأمريكيين المنتشرين عبر العالم وغيرها من الوعود التي الغريبة تماما عن سلوك الإدارة الأمريكية الحالية وبينما توّهم الجميع أن ترامب وبمجرد شروعه في الانسحاب من بعض الاتفاقيات والمعاهدات الدولية، يحضر فعلا لانسحاب تدريجي لواشنطن من المشهد الدولي وأن الولايات المتحدة الأمريكية مقبلة على عزلة في طبعتها الثانية؟ ولكن تبين لاحقا أن ترامب يسعى لإعادة مراجعة تلك الاتفاقيات بما يعطي موقع أفضلية لواشنطن فهو ووفق «عقيدته» الجديدة للتعامل مع حلفاء واشنطن والأوربيين منهم على وجه الخصوص يعتبر أنه من غير المنطقي أن يناهز سهم أوربا ما تحصل عليه واشنطن من هذه الاتفاقيات بينما يرى أن من حق واشنطن أخذ نصيب الأسد وهي أن تتولى توزيع الغنائم على حلفائها فالغنيمة ـ حسبه - تكون بحجم المساهمة وهذا ما يفسر مطالبة حلفائه الأوربيين بدفع مستحقات الأمن الذي يوفره الحلف الأطلسي وهذا أضعف الإيمان لأنه يبدوأن ترامب لا زال يراوده طيف مشروع مارشال الذي أخرج أوربا من وحل الحرب العالمية الثانية وأن أقل ما تقدمه أوربا لواشنطن لرد الجميل هوعدم الجحود والجحود عنده هوأن تتشبث اوربا باتفاق انسحبت منه واشنطن لهذا أصبح يتعامل معها بمنطق «المحاسب» وليس الحليف أوالشريك ؟ والقمم التي جمعت ترامب بحلفائه سواء في قمة 20 أو في اجتماعات الناتوتؤكد هذه العقيدة الترامبية التي يتساوى فيها الحلفاء والخصوم وأن زمن (السياسة الاجتماعية) لواشنطن اتجاه الحلفاء قد ولى - حسب ترامب -؟
يبدوأن التحرك العسكري الأمريكي في الشرق الأوسط لا يخرج عن هذا الإطار فبعد عام فقط على انسحاب إدارة ترامب من الاتفاق النووي الإيراني ، ههي تعمل على إعادة صياغة اتفاق جديد مع طهران يسحب البساط من تحت اقدام الحلفاء الأوربيين المتشبثين بالاتفاق بنواجذهم لأنه وفّر لهم فرصا هائلة للاستثمار قد تساهم في إخراجهم من الضائقة المالية والاقتصادية التي تمر بها القارة العجوز؟ ولكن يبدوأن ترامب يريد أن تكون الصفقة له وحده أوعلى الأقل أن يأخذ حصة الأسد من الاتفاق الذي تسعى واشنطن إلى إعادة كتابة بنوده على المقاس من خلال الضغط على طهران لقبول الدخول في مفاوضات جديدة، لهذا من المستبعد أن تلجأ واشنطن إلى الخيار العسكري ضد إيران وستكتفي بالردع عبر تصعيد أمريكي ضد طهران يصل إلى شفير حرب لكنها لا تندلع على غرار السيناريوالكوري الشمالي حيث تمكنت واشنطن عبر لغة التصعيد من إجلاس كيم جونغ أون إلى الطاولة مجددا .
الأكيد أن واشنطن ستوظف (التهديد الإيراني ) الى أبعد الحدود ، فمن ناحية يرى فيه ترامب مسكنا فعالا للجبهة الداخلية المحتقنة ضد سياساته وعمليات سبر الآراء تؤكد انهيار شعبيته التي لم تكن يوما مرتفعة منذ وصولة الى الحكم ؟ وكذا العودة بقوة إلى المنطقة مما يثبت أنها مازالت تشكل أهمية قصوى لواشنطن التي تسعى لمعاودة الانتشار فيها المنطقة بدعوى احتواء (الخطر الايراني) ولكن في الواقع لمواجهة موسكوالتي اضطرتها إلى الانسحاب من سوريا وهي تتواجد على حدودها في فنزويلا وكذا مراقبة الطموحات الصينية في المنطقة والتي دشنتها بقاعدة عسكرية في جيبوتتي ولكن ايران كذلك باعتبارها قوة صاعدة يتزايد نفوذها في المنطقة ولكن يبقى الهم الأكبر لواشنطن هوحماية إسرائيل وضمان عدم حصول أي خلل استراتيجي قد يخل بالتفوق العسكري للكيان الصهيوني وخاصة وأننا مقبلون على إعلان صفقة القرن التي ستكون آخر مسمار يدق في نعش القضية الفلسطينية؟.