طباعة هذه الصفحة

كلمة العدد

الحماية... الحلقة المفقودة

جمال أوكيلي
10 جوان 2019

يطرح ملف المؤثّرات العقلية بحدّة أمام السّلطات العمومية، بعد الدّعوات الملحّة الصّادرة عن  الصّيادلة بإعادة فتح «القضية» وفق ما يقتضيه متطلّبات السّياق الرّاهن القائم على القلق المتزايد لدى بائعي ومساعدي هذه المرافق جرّاء الضّغط النّفسي اليومي، الذي يعانون منه بسبب تعرّضهم للاعتداءات والتّهديدات في مقرات عملهم وحتى خارج ذلك.
هذه القبضة الحديدية بين الصّيدلي والمدمن وغيره أفرزت وضعا خطيرا لا نعي تداعياته بحكم انتهاج سياسة النعامة والهروب إلى الأمام، والقفز في المجهول من قبل الوصاية وزارة الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات التي ترفض نشر قائمة هذه «المهلوسات» في الجريدة الرّسمية منذ صدور القانون ١٨ - ٠٤، ولم يأت القرار الوزاري إلاّ في شهر جويلية ٢٠١٥، أي ١١ سنة من الفراغ.
وإلى غاية يومنا وأمام غياب الإطار القانوني الواضح تحوّلت الصّيدليات إلى حلبات ليجد أصحابها أنفسهم وجها لوجه مع حاملي «وصفات» يطالبون بعقاقير لا تمنح هكذا، أي بمجرّد أن يأتيك بها واحد منهم تارة تحمل الطّابع «المجاملتي»، وتارة أخرى «مزيّفة» مستخرجة من «السكانير».
والكلام هنا لا ينتهي إن خضنا في هذه التّفاصيل، وإنما المطلوب في الوقت الرّاهن هو البحث عن الحلول المستعجلة لإنهاء هذا الرّعب المخيّم على هذه المهنة الانسانية مع تزايد انشغالات أهلها، الذين أصبحوا تحت طائلة المادتين ١٦ و١٧ من قانون ١٨ - ٠٤ وبعقوبة تصل إلى ١٥ سنة سجنا.
والاعتراف هنا بأنّ المسألة معقّدة جدا ومتداخلة إلى درجة ضياع خيوطها في هذا الوسط الاجتماعي إذا ما راعينا هنا الأطراف ذات الصّلة المباشرة بالموضوع وهم: الصّيادلة، الأطباء، المدمنون، السّلطات العمومية، كل واحد يرى ما يجري من زاويته الخاصة، وإن كان القاسم المشترك في المرجعية القانونية والحرص على تطبيق التّشريع المنظّم لكيفية تسيير المؤثرات العقلية في الحياة اليومية انطلاقا من مسارات معروفة فإنّ الجهة الأكثر تضرّرا هم الصيادلة الذين تطبّق عليهم تلك المواد بحذافيرها، وللأسف لا تخضع لما يعرف بالظّروف المخفّفة التي تراعي حيثيات الوقائع.
في محليات «الشعب» نتناول الملف من خلال إعطاء الكلمة للمعنيّين مباشرة العاملين في الميدان، الذين يحتكّون يوميا بطالبي المؤثّرات العقلية تعوّدوا عليهم وحفظوهم عن ظهر قلب، بمجرد أن تطأ أقدامهم عتبة الصيدلية يدركون ماذا يريدون وبقراءة لحالتهم النّفسية يعرفون نواياهم هل صحيح يحملون صفة «المرضى» أم مجرد «تعمار الراس»؟ ولا يكتفون بهذا وإنما يطالبون ببطاقة وطنية للمؤثّرات العقلية لتكون الأمور واضحة، وتفادي تحوّل الصيدلية إلى أداء مهام أخرى خاصة الأمنية منها جهاز الإنذار، وسائل الدفاع، قارورات مسيلة للدموع وأدوات الحماية الفردية الأخرى، لماذا نصل إلى هذه الحالة والحلول الواقعية قريبة منّا؟ هذا من جهة ومن جهة أخرى لماذا كل هذا التّماطل في إصلاح النص القانوني ١٨ - ٠٤ وفق ما يطالب به الصّيادلة!؟