طباعة هذه الصفحة

كلمة العدد

منفذ النجاة

دفوس فضيلة
11 جوان 2019

لا يمكن حلّ الأزمات السياسية التي تعصف بالدول خارج إطار الحوار و التفاهم ودون تنازلات يقدّمها هذا الطرف و الآخر ، بعيدا عن التعنّت و التصعيد الذي جنى على أمم ، و زجّ بدول في حروب أهلية مدمّرة.
لقد علّمتنا التجارب المريرة من خلال تراجيديا «الربيع الدموي» أن الحروب التي غرقت فيها بعض الدول العربية ، كان من الممكن تفاديها بسهولة لو أن الفرقاء آثروا الجلوس الى طاولة مفاوضات ، وقدّموا مصلحة بلدانهم على مصالحهم الضيقة وابتعدوا عن لغة التصعيد و العنف ، والدّرس السوري يجب أن تستوعبه جيّدا الشعوب التي تنشد التغيير حتى لا تقع في فخّ الاحتراب الداخلي الذي يكون فيه الكلّ خاسرا.
إذا كانت الرّغبة في التغيير السياسي حقّا مشروعا تكفله كل القوانين و الأعراف، فإن الحذر يجب أن يكون كبيرا حتى يتمّ التحوّل بسلام ولا ينتهي الى كابوس مرعب، و هنا نقف عند الحالة السودانية، حيث حقّق السودانيون في ظرف أشهر معدودة إنجازا هاما بإسقاط نظام ظلّ جاثما على صدورهم لأزيد من ثلاثة عقود، لكن مرحلة ما بعد التغيير وضعتهم في دوامة أزمة خانقة ، تتضارب فيها المواقف و المصالح ، و تتباعد الرؤى حول شكل المرحلة الانتقالية و من يقودها، وإذا كانت مثل هذه الخلافات متوقعة، فالحذر مطلوب لتفادي الانزلاق الذي كاد يقود الى ما لا تحمد عقباه بعد المجزرة التي صاحبت فض اعتصام الخرطوم قبل أيام .
السودان اليوم في مفترق الطرق، و أمامه وجهات كثيرة عليه أن يختار منها التي تقوده الى برّ الأمان، وهذا المخرج سبيله الوحيد هو الحوار السياسي الذى يُقيم الثقة المتبادلة، ويمنع الانزلاق إلى المواجهة.
 يجب على السودانيين أن يستوعبوا الدرس جيّدا، مما حصل لبلدان الربيع الدموي، ويجنحوا لخيار الحوار الذي لا يقصي أحدا، وإتاحة الفرصة للجميع ليكونوا شركاء في صنع مستقبل البلاد ضمن إطار سلمي يحافظ على حقوق الكل، ويوفر مساحة مشاركة تحمي النتائج التي يتم التوصل إليها.
ومادامت إثيوبيا مدّت إليهم يدها للوساطة، فعلى السودانيين جيشا و شعبا أن يستجيبوا للمبادرة دون تأخير ، فكلّ إطالة لأمد الأزمة ، هو خطوة متسارعة نحو الانسداد وربّما التصعيد الذي سيغرق البلاد في الفوضى و العنف الذي سيكون المستفيد الوحيد منه هم جماعات الإرهاب والتطرف ومن يقف وراءها خاصة و ان المنطقة مكدسة بالدمويين الذين ينتظرون إشارة انطلاق لبداية حربهم.
 في الأخير، نأمل أن يتم تغليب منطق الحكمة وصوت العقل والحوار البناء لدى كافة الأطراف السودانية، بما يحفظ أمن السودان واستقراره .