طباعة هذه الصفحة

الرّأي

تغيـــير «الصّورة النّمطيـة» لغرفة التّجــــــارة والصّناعـــة

سعيد بن عياد
11 جوان 2019

تستعد الغرفة الجزائرية للتجارة والصناعة لانتخاب رئيس جديد، السبت المقبل، في وقت تعرف فيه المنظومة الاقتصادية منعرجا يستوجب اعتماد خيار ناجع انسجاما مع طبيعة التحولات الراهنة التي تؤسس لمرحلة مستقبلية تستعيد فيه المبادرة الاقتصادية السليمة موقعها في الساحة الوطنية والمحلية بدرجة أكثر نشاطا، بحيث تستوعب الفاعلين في الاستثمار والتنمية لتشكيل أقطاب إنتاجية مندمجة بمعايير تنافسية.
ينتظر من الغرفة على كافة المستويات أن تستعيد دورها كمنشّط للمشهد الاقتصادي، بحيث تساهم بشكل ملموس وأكثر فعالية في تنمية المبادرة الاستثمارية، من خلال توسيع مساحة التشاور بين المتعاملين وتعزيز الانفتاح على السوق بحيث يمكن انجاز عمليات استثمارية مطابقة لخيار إنتاج الثروة ومواكبة مسار الانتشار في أسواق خارجية عن طريق التصدير أو جذب اهتمام شركاء جادين يثقون في السوق الجزائرية.
لقد لصق بهذه الهيئة في سنوات سابقة، ومنذ مرحلة احتكار الدولة للتجارة الخارجية، كلام كثير يتعلق بملفات أساء متورّطون فيها لغرفة التجارة ولسمعة الاقتصاد الوطني، ولا ينبغي أن تستمر تلك الإساءة اليوم، لما في ذلك من مساس بجانب المصداقية، وإنما ينبغي العمل من المنخرطين فيها على إعادة ترميم العلاقة مع النسيج الاقتصادي، خاصة في قطاعات حيوية يراهن عليها في تحريك عجلة النمو.
تتوفر الغرفة على رصيد من المكاسب في ما يتعلق بتعزيز علاقات التعاون مع هيئات مماثلة من مختلف البلدان، آخرها منتدى الأعمال الجزائري الكوبي الذي يضيف لبنة جديدة لانفتاح المؤسسة الجزائرية ورجال الأعمال الاحترافيين على العالم بحثا عن فرص متبادلة. وهو توجّه مصيري يتطلّب من الطرف الجزائري انتهاج المبادرة القائمة على معايير النّجاعة دفاعا عن حقوق الاقتصاد الوطني، في ظل عولمة شرسة تظهر صراعات، هي أقرب لحروب غير معلنة، تستهدف ثروات البلدان النّاشئة والهيمنة على أسواقها الواعدة.
في هذا الإطار، إذا تمّت مواكبة مسار التغيير الايجابي، من خلال بروز كفاءات على درجة من الإيمان والقناعة بتسخير كل الإمكانيات لخدمة الاقتصاد الوطني بكافة مكوناته وجعل المصلحة الوطنية في الصدارة، يمكن تجاوز المنعرج بإعادة التموقع في قلب الحركية المطلوبة كطرف يتفاعل مع الديناميكية اللّازمة لتدارك التأخر المسجل في انجاز الأهداف الحقيقية للتنمية، التي تقتضي انخراط جميع الأطراف المعنية بعالم الاستثمار والمؤسسات.
المرحلة الراهنة بلا شك تتطلّب دما جديدا، بحيث تكون الأولوية خدمة الاقتصاد الوطني أكثر من أي شيء آخر، فتكون بداية إحداث تغيير لتلك «الصورة النمطية» التي لم يعد الظّرف يقبلها، بل إنّه يمقتها، لما يترتّب عنها من تداعيات تنخر القدرات الاقتصادية والمالية وتعطل المبادرة والتنافس الخلاق للثروة.