البوكر

نورالدين لعراجي
19 جوان 2019

مالا يدعوأي مجال للشك أن وضع البلاد الحالي استثنائي وساخن بكل أوصاف الكلمة وما تعنيه من تشنجات وتجاذبات،وفي الغالب إن مثل هكذا حالات تتعقبها وصفات أمنية تعودنا عليها في وضعيات سالفة سابقة، من أوجهها استنفار ومظاهرات تتبعها مداهمات أوربما تصدر أوامر فوقية باستعمال العنف والضرب بيد من حديد ضد كل حركة من شأنها إثارة الفوضى واللااستقرار واللاامن.
لكن ورغم تواصل جمعات الحراك الشعبي المتعاقبة وطنيا، لم يحدث هذا كأن لسان حالنا يقول ان التحضر ليس حكرا على شعوب الضفة الأخرى ولم تعد احتجاجاتهم ومظاهراتهم بنفس السلوكيات والروح الضاربة أطنابها في قيم المواطنة. 
يكفي أن نعرج على حالة فرنسا وإضراب السترات الصفراء كيف أخذت الأمور منعرجا سيئا واختلط العنف على الإفرنج فغرقت باريس في موقد حارق خارق امتد إلى أعرق صرح ديني ممثلا في كنيسة....
فانتقم الشارع من السلطة الدينية زلفى وفي ذلك قسمة ضيزى بين المطالب المشروعة والمحروقة.
على امتداد ستة أشهر ونبض الشارع نفسه يتجدد لم يحدث أي تجاوز آومساس بالحريات ولا الممتلكات،بل إن الأمور جرت في سلميتها المألوفة ولم تصل مستوى نبض شوارع الضفة الأخرى .
 مظاهر التحول الديمقراطي في شوارعنا ، لم تدرس في الجامعة ولم تكن مخيالا في أجندات سياسيينا لم ينتبه لها صناع القرار وهي تشق طريقها إلى تأسيس أنموذج ديمقراطي حديث ،فكانت لهم ضربة قاضية قاصمة ،هيجت الجماهير فعبرت هي الأخرى عن مطالبها المشروعة بإسقاط النظام ولما لا إقالة القاضي الأول في البلاد وإفشال مشروع ترؤسه .
بالفعل كان ذلك الذي حدث،وبدأت الساحة السياسية تشق طريقها نحوتأسيس فعلي لحوار بين المجتمع  دون إقصاء ،رغم بعض العراقيل التي تحاول بعض الأطراف وضعها وإفشال المشروع الديمقراطي في البلاد ،تارة يطالبون بمرحلة تأسيسية ومرة بأخرى انتقالية دون الأخذ بنتائج  ذلك وما ينجر عنه من إفلات وصدامات نجهل امتدادها وعواقبها ، ساعتها يستيقظ دعاة هذه المطالب  من غفوتهم ليبحثوا عن بديل سياسي لخياراتهم الارتجالية  فلا يجدونه،ساعتها تكون الفأس قد وقعت على الرأس وعوض الكي لاستئصال الورم تحرقنا الأطماع والنفوس المريضة.
السياسة  بقدر ما تشبه  لوحة شطرنج ، فهي تشبه لعبة البوكر، يحذوها الصبر القاس والنفس الطويلة، فيها الحيل والمخاطرة واستدراج الخصم إلى عرين المنافس ثم التظاهر بالأوجه التي يستدعيها الظرف لإيجاد البديل والخروج من عنق الزجاجة بأقل الأضرار  والتكاليف .

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19448

العدد 19448

الأربعاء 17 أفريل 2024
العدد 19447

العدد 19447

الثلاثاء 16 أفريل 2024
العدد 19446

العدد 19446

الإثنين 15 أفريل 2024
العدد 19445

العدد 19445

الأحد 14 أفريل 2024