طباعة هذه الصفحة

الإعلام… حرية ومسؤولية

فنيدس بن بلة
31 جويلية 2019

خارطة طريق لقطاع الاتصال كشف النقاب عنها الوزير حسن رابحي، أمس، خلال حفل نظم على شرف الجزائريين المتوجين في المهرجان العربي للإذاعة والتلفزيون بتونس. وهو تتويج ليس الأول من نوعه لإعلاميي مختلف العناوين المكتوبة، المسموعة والمرئية، كانوا بحق سفراء الجزائر في أكثر من تظاهرة، شرفوها على أحسن حال وأوصلوا رسالتها وصوتها إلى أبعد الأصقاع.
يظهر هذا التفوق كم هي الكفاءات التي يختزنها قطاع الإعلام. وكم هم محترفون في تأدية الوظيفة باقتدار وتحدّ، سلاحهم الموضوعية وغايتهم الحرص على أداء الوظيفة بمهنية ونقاء ضمير دون إطلاق العنان للقلم لتدوين أي شيء، للميكروفون لبث أي صوت أو للكاميرا لإرسال أي صورة وصوت.
هذه المهنية تثبت بالدليل القاطع، تحلي رجال الإعلام الجزائريين بروح المسؤولية العالية واقتناعهم إلى حد الثمالة بواجب مرافقة جهود المؤسسات والمصالح في بناء الجزائر الجديدة التواقة للديمقراطية، الغيورة على إدارة شؤونها باستقلالية قرار وخيار استشرافي، واضعين الأهداف والغايات التي لا تقبل بأية مغامرة.
لكن هذا التوجه الذي اعتمده الكثير من الإعلاميين لابد أن يتضاعف، وأن يجد التلاحم والالتئام من أهل المهنة جميعا دون تأخر أحد عن الركب، أو إدارة ظهره لهذا التوجه مخرج الأزمة الراهنة بعيدا عن ترديد أفكار مغلوطة ومشاريع هدامة.
من هذه الزاوية تدخل وزير الاتصال الناطق الرسمي، مقدما خطوطا عريضة لإعلام في أوسع مداه، داعيا الإذاعة والتلفزة إلى مزيد من التفتح على الآراء الأخرى النقيضة ومعاملة الفاعلين على قدم المساواة والإنصاف. وهي مسألة تطالب بها الشخصيات السياسية التي تتولى مهام التحضير للحوار بغرض البحث عن حلول التوافق وإرساء أسس منطلقات نحو إدارة المرحلة التي تفضي إلى انتخابات رئاسية في كنف الحلول الدستورية المؤمنة والضامنة للمرور إلى بر الأمان.
بهذه الطريقة والمنهجية، تكسب الخدمة الإعلامية مصداقيتها ويبرز دور الإعلامي في مواكبة التحول ومسايرة التغيير المنشود. وهو تغيير يتم في كنف الدستور، غير المتناقض مع الجهود المبذولة في سبيل تسيير مرحلة تفرض الاحتكام إلى العقل وإتباع منهج الواقعية دون التمسك بمصالح تناقض مصالح الوطن وتوجهاته ومساره في إقامة إصلاحات جذرية ينشدها المواطنون الذين خرجوا إلى الشارع يوم 22 فيفري المنقضي، ويطالبون عبر مسيرات سلمية، أبهرت سكان المعمورة ومقرري السياسات الدولية وخبراء الإستراتيجية وإدارة الأزمات، بجزائر جديدة يجد فيها كل مواطن الرعاية والعناية ولا يشعر أحد بالغبن والإقصاء.
خصوصية الظرف وتداعيات المرحلة ومقتضيات التحديات، تفرض على رجال الإعلام، كل في موقعه، الانخراط في معركة بناء الوطن والتضحية الثانية لاستكمال المشروع- الحلم بمرافقة ما يحضر له من حوار لبلوغ التوافق الممكن.
هذا الحوار المستند إلى أسس حضارية، اعتدال وبعد نظر، هو الجدار الواقي لوحدة وطنية وسلم أنجز بشق الأنفس واستقرار تحقق بالدم والدموع. إنه بالاختصار المفيد، الصخرة الصلبة التي تتحطم عليها محاولات وخطط عرّابي الفتن والتفرقة التي لم تنجح يوما في تفرقة الجزائريين، بل زادتهم صلابة ومتانة، وإنجاز المنتخب الوطني في كان 2019 وما رافقه من فرحة عارمة من جزائريين في مشارق الأرض ومغاربها الدليل القاطع.