طباعة هذه الصفحة

كلمـة العـدد

الصّمود في وجه النّسيان

بقلم: حبيبة غريب
20 أكتوير 2019

 طبوعنا الثّقافية والموسيقية، تنوّعها، ثراؤها وجمالها ما هو سوى انعكاس لجمالية روح الجزائري الأصيل وذوقه الرّفيع،
وتذوّقه للنّغمة الشجيّة والكلمة الموزونة واللّحن العذب  
والرّقصات المعبّرة...
 كنز من الألحان والأغاني والرّقصات حفظتها الذّاكرة الشّعبية  وتوارثتها أجيال وأجيال، اعتمدتها لتدخل البعض من الفرح في حياتها اليومية، في أعراسها ومناسباتها السّعيدة الدينية والوطنية، وجعلت منها على مرّ الزمن رموزا وعناوين لانتماءاتها الجغرافية والتاريخية والاجتماعية، وميزة للتعريف بمنطقتها وبتقاليدها وأعرافها.
وتأتي هذه الطّبوع مكمّلة للباس والتّقاليد تحاكي المعيشة اليوم، ودرجة رقي المجتمعات من منطقة إلى أخرى، يحافظ عليها اليوم كفلكلور شعبي بفضل محبّيها أو بفضل فنّانين وشعراء  غيورين على التراث والتقاليد، أضحت تتداولها فرق وجمعيات أو مدارس ثقافية تصارع التّهميش وقلة الإمكانيات المادية، وغياب التّشجيع المعنوي والتفاتة السلطات لها.
كنوز فنية وتراثية كان لها عصرها الذهبي، وكانت لها بصمتها في المقاومة للمستعمر الغازي، وفي تحفيز الجزائري على بناء وطنه، كما كانت حاملة للأدب الشّعبي من شعر وأقوال موزونة، وألحان القصبة والدف وغيرها من الآلات القديمة.   
 هي طبوعنا التي تصارع اليوم التّهميش والاندثار بحكم العصرنة وانتشار الأغنية الخفيفة التّجارية، التي لا تعمّر طويلا وترتكز على المؤثّرات الصّوتية والتّعديلات بالتّقنيات الحديثة،  تحتاج إلى من يدعّمها بالتّدوين وبمهرجانات تعيدها إلى الواجهة، ودراسات أكاديمية تبحث في تاريخها ومعانيها ووصلاتها، وأكثر من ذلك دعما قويا للفرق والجمعيات والفنانين والأدباء، الذين يحاولون الحفاظ عليها من هاوية الاندثار.