طباعة هذه الصفحة

كلمــة العدد

البراءة والفن الرابع

بقلم: حبيبة غريب
22 ديسمبر 2019

 كيف للممثل، المخرج أو الكاتب المسرحي أن يدخل إلى عالم الطفل و يجذب اهتمامه لعمله المسرحي، و أن يقدر على أن يمرر له الرسالة وأن يلهمه ليتفاعل معه طيلة العرض. تحدي كبير قليل من ينجح في رفعه، كونه يستلزم  بذل مجهود أكبر في فهم الناشئة و التعرف على اهتماماتها و انشغالاتها و النجاح في رؤية الحياة من منظورها.
 إن التعامل مع الجمهورالصغير هو  كالمشي على الحبل الرفيع ،  يحتاج صاحبه  إلى الدقة  و الاتزان في اختيار الكلمة والحركة و الديكور و اللباس و حتى المؤثرات الصوتية، ناهيك عن مواضيع الأعمال نفسها و التي لا بد أن تكون لصيقة بواقع الطفل، و بلغة يفقهها و يرتاح عند سماعها . فالعرض المسرحي يحتاج أن  يحمل بين فصوله  المتعة  و الجدية،  الترفيه و الحكمة الطيبة، و ان يدفع بالمشاهد الصغير إلى  الدخول بمخيلته في الأحداث و التفاعل و ربما أيضا المشاركة.
 فصانع  أي عمل يقدم في مسرح الطفل، لا بد له أن يحمل بداخله ذلك الطفل الذي يشكل ورقة عبوره إلى عالم الناشئة، و يقربه من أفكارهم و تطلعاتهم،  ويكشف له  سر استقطاب العفوية منهم ، لكي يقدر على محاكاتهم و تعليمهم و التعلم منهم.
و من أراد أن يخوض مغامرة  مسرح الأطفال عليه أن يجد الوسيلة لإطلاق العنان للطفل بداخله، وأن لا يكتفي بكتابة أو إنتاج أو تقديم  أعمال  يعتمد فيها على التهريج و الألوان الصاخبة والرسائل الديماغوجية  أو استعمال لغة تفتقد للتهذيب أو لمفردات و معاني تدعوا للعنف  أو الرداءة ، فعكس المسرح الموجه للكبار، فمسرح الطفل  تربية و توعية و تعليم أكثر منه فرجة و متعة و ترفيه، ليبقى التحدي الأكبر هو كيف يمكن أن يكسب العمل المسرحي الانتباه، فالاهتمام ، فالتفاعل عند الناشئة و بالتالي يستطيع أن يترك الأثر الطيب  فيهم و يحببهم في عالم الفن الرابع .