طباعة هذه الصفحة

كلمة العدد

الحوكمة والمورد البشري

فضيلة بودريش
15 فيفري 2020

لاشك أن التوجه الاقتصادي الجديد القائم على الحوكمة الاقتصادية وتنمية الموارد البشرية، والمرتكز على الإصلاحات العميقة للنظام المالي والمصرفي، وكذا الانفتاح على الاقتصاد الرقمي وتفعيل نسيج المؤسسات الناشئة، سيكون الحلقة المتينة التي من شأنها أن تمكن من حمل الاقتصاد الوطني، الذي يمر بظرف جد صعب وحساس، إلى بر الأمان من خلال القدرة على التنويع وتفعيل أداء الآلة الإنتاجية، ورسم معالم خارطة للاستثمار وأخرى للتصدير، للتحرر من الوتيرة البطيئة لحركية الاقتصاد الذي مازال تحت قبضة إيرادات النفط.
لا يمكن لوتيرة النمو أن تنتعش ولا إرساء القطيعة مع الفساد، من دون تكريس ثقافة الشفافية، وتعميق النزاهة في التسيير، ولعل النمط الجديد الذي تنوي الحكومة الجديدة تبنيه في برنامجها المقبل، يمكنه أن يغير بشكل جذري أساليب التسيير القديمة، ويرفع مختلف السلوكيات البيروقراطية التي كانت إحدى أهم أسباب بطء الاستثمار وعدم جاذبية مناخ الأعمال، بل عرقلت تقدم ونشاط الحركة الاقتصادية، بالشكل الذي يتناسب مع القدرات سواء كانت بشرية أومالية وحتى ثروات طبيعية وباطنية.
وإن كان انتعاش مسار التصدير الذي يقوي الإيرادات بالعملة الصعبة، مرتبطا ارتباطا وثيقا بسرعة عجلة التنمية، فإن التنوع الاقتصادي المنتظم والشامل لمختلف المنتجات والخدمات، بإمكانه أن يكون مصدر قوة ومبعثا للثقة، وكذا سيسمح باستمرار الأداء الاقتصادي في منحى تصاعدي، وبالتالي تدفق الإنتاج بالكميات الكافية والجودة المطلوبة والسعر المعقول بل والتنافسي، سيجعل الاقتصاد الجزائري ذا جاذبية يمكنه أن ينفتح على الشراكات ويستفيد من التكنولوجيا، من خلال استقرار النصوص التشريعية وجاذبيتها، في وقت تتطلع الحكومة التي رسمت هدفا دقيقا، يتمثل في امتصاص البطالة من خلال خفضها أقل من 10 ٪، والحرص على تكوين وتأهيل الموارد البشرية، بما يتناسب ومتطلبات السوق الاقتصادي.
إذا الحوكمة والمورد البشري عاملان يكتسيان أهمية، بل يندرجان في صلب أولويات الإصلاح الاقتصادي ومن أدوات تغيير وجه التنمية، الذي ينبغي أن يراعى فيه عامل التوازن الجهوي، وحتى تتم عملية تهيئة العقار الصناعي بشكل منصف، وكل منطقة تحافظ على طبيعتها الصناعية والفلاحية والسياحية، أي حان الوقت من أجل استغلال الإمكانيات المهملة، كون عهد التبعية النفطية ينبغي طيّه، ولا يوجد بديل عنه سوى الإنتاج الصناعي والفلاحي والسياحي، وكذا تفعيل قطاع الخدمات والمؤسسات الناشئة القادرة على التحول إلى محرك حقيقي للنمو.