كلمة العدد

ماذا بعد الإنهيار؟

حمزة محصول
18 فيفري 2020

تسعة أعوام كاملة، تمرّ على اندلاع الأزمة الليبية التي يعلم الجميع كيف بدأت، ولا يعلم كيف ومتى ستنتهي.
أصيبت هذه الدولة القليلة الكثافة السكانية الغنية بالنفط، مثل غيرها من دول المنطقة العربية بنوبة الاحتجاجات القوية لإسقاط رأس السلطة، دون امتلاك أي مشروع بديل  ودون أدنى قواعد المناعة من الانهيار المؤسساتي للبلاد.
أُسقط القذافي وتمّ اغتياله في قارعة طريق صحراوي، واغتيلت من بعده آمال الشعب الليبي في بناء دولة ديمقراطية قوية، تليق بحضارته ومكانته على الخارطة الجغرافية، وانفلت مصيره من يده، وبات بين أيدي جهات أجنبية تتضارب فيما بينها على مستقبل البلاد وثرواتها.
الانهيار الذي وصلته ليبيا، عندما تمّ تصدير عناصر داعش الإرهابي إلى مدينة سرت، وباتوا مسيطرين، يقتلون ويعدمون بطريقة استعراضية، ليس سببه ضعف عبقرية الشعب الليبي، وإنما قلة حيلته، أمام صواريخ الناتو والتدخلات الأجنبية، التي أينما حلّت حلّ الخراب.
لم تكن القوى الدولية الكبرى صادقة مع الليبيين، كما لا تبدو كذلك حاليا وهي تهرول من عاصمة لأخرى بحثا عن اتفاق لوقف إطلاق النار بين الطرفين المتصارعين على الأرض الليبية، المدعومين بالمال والأسلحة والمرتزقة، فقد تحركّت سنة 2011، على مستوى الأمم المتحدة ومن خلال حاملات الطائرات في المتوسط، من أجل مصلحة، وتتنافس الآن على الحل بعدما وصلت إلى خلاصة أنها تتصارع فيما بينها على الطريدة.
لقد تحرّكت فرنسا بقيادة ساركوزي يومها وبريطانيا بقيادة رئيس الوزراء ديفيد كاميرون بكل قوة من أجل إسقاط نظام العقيد القذافي بقوة السلاح، وحازت على دعم الولايات المتحدة الأمريكية، ولم تعر أي اهتمام لما قد يترتّب عن التغيير العنيف للنظام ولم تمتلك أدنى فكرة عن مشروع الانتقال الديمقراطي.
لكن هاهي أوروبا كلها، اليوم، تسارع من أجل التوصل إلى وقف إطلاق النار في ليبيا، بعدما تيقنت أن عواقب حماقة التدخل في سوريا، بصدد الاستنساخ، في البلد الذي يقابلها جنوب المتوسط، وذلك بعدما سقطت خيوط اللعبة من يدها، وانتقلت إلى لاعبين آخرين أكبر قوة وأكثر تأثيرا.
الذي يريد الخير للشعب الليبي، عليه بتطبيق القانون الدولي، ومنع التدخلات الخارجية في شؤونه الداخلية، وتركه يقرّر مستقبله عبر حوار سياسي وشامل يفضي إلى مصالحة وطنية تعيد اللحمة وتقوي الوحدة بين كافة أبنائه.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19448

العدد 19448

الأربعاء 17 أفريل 2024
العدد 19447

العدد 19447

الثلاثاء 16 أفريل 2024
العدد 19446

العدد 19446

الإثنين 15 أفريل 2024
العدد 19445

العدد 19445

الأحد 14 أفريل 2024