طباعة هذه الصفحة

وداعــا عـــزالديــن

بقلم: فنيدس بن بلة
23 مارس 2020

من الرعيل الأول للصحافة الجزائرية، تقلد مناصب عدة في التلفزيون ومنابر إعلامية، آخرها مدير عام يومية «الشعب».
ظل الفقيد عزالدين بوكردوس وفيّا للخط الوطني في كل كتاباته وأقواله، مقتنعا حد الثمالة بأن الوظيفة الإعلامية بقدر ما هي إبداع في إيصال الرسالة الى المواطن بلا تحريف وتزييف، هي كذلك أداة للتثقيف والتوعية وإطلاع الناس بحقائق ما يجري حولهم دون تركهم على الهامش.
هذه السمة اطلعنا عليها كقراء في مراسلات الإعلامي الراحل عن الحرب الأهلية في لبنان وحواراته الحصرية مع زعيم التحرر الفلسطيني الراحل أبو عمار في مكتبه ببيروت تحت الحصار، وكذا تغطيته لأحداث تحرير الرهائن الأمريكيين في طهران بوساطة الدبلوماسية الجزائرية بداية الثمانينيات من القرن الماضي.
إطّلعنا، كصحافيين، على هذه السمة لديه في جريدة «الشعب» التي تولى تسييرها لسنوات، حيث كان يشدد في قاعات التحرير على التميّز في العمل الإعلامي والمرور الى الممارسة الاحترافية في تغطية الأحداث المتسارعة وجعل من «أمّ الجرائد» منبر تأثير ووجود له موقعه في مشهد إعلام تعددي لا يقبل بالرتابة ولا يسمح بالاستخفاف بروح المنافسة المفتوحة على كل الرهانات.
من هنا جاء مسعى إثراء العنوان «الشعب»، بتغيير شكله من الحجم الكبير إلى «تابلويد» ومرافقة ذلك بملفات أسبوعية متنوعة تجمع بين الإعلام الجواري الذي يمد جسور تواصل مع المواطن والتكفل بهمومه وانشغالاته والالتزام بمصلحة الوطن، تطبيقا للقاعدة أن «الإعلام حرية تعبير ومسؤولية أيضا».
من هذه الزاوية، كان عزالدين بوكردوس يتحدث دوما عن قوة الإعلام وتأثيره على المجتمع ودوره في مرافقة العمل السياسي وتقييم الإنجازات دون القفز على الإخفافات، داعيا الصحافيين الى اعتماد النزاهة والموضوعية بالاستناد الى مصادر المعلومة وتجاوز التهويل.
هذا الأسلوب المعتمد طبق في موقع «الشعب الإلكتروني» المنشأ تجاوبا مع التطور الإعلامي ودخول الافتراضي على الخط ومنافسته للإعلام التقليدي، الذي بات مجبرا على التكيف مع الظرف وعدم التأخر مع الصيرورة التي حولت العالم المترامي إلى قرية شفافة. كما اعتمد هذا الأسلوب في «منتدى الشعب» الذي كان ينشط تحت تسمية «مركز الشعب الاستراتيجي»، باستضافته لشخصيات وطنية ودولية لها تأثيرها في مجرى العلاقات، منهم جورج غالاوي السياسي البريطاني والنائب السابق في البرلمان الإنجليزي ما بين الأعوام 1987 و2010، المعروف بآرائه المناهضة للحرب على العراق ومناصرته للقضية الفلسطينية، بيار غالون رئيس تنسيقية الجمعيات الأوروبية المساندة للقضية الصحراوية، بطرس غالي الأمين العام الأممي الأسبق وخبراء في مختلف الاختصاصات، في نقاش مفتوح حول قضايا الساعة، منها الأزمة السورية في بدايتها وطرق التسوية.
الغاية من كل المبادرات والنقاشات، التأسيس لإعلام موضوعي يتصدى للأفكار المفبركة والتضليل ويقاوم خطاب الفتن والكراهية... وهو ما حرصت عليه «الشعب» ولازالت، جاعلة من عنوانها منبرا للرأي والرأي المعاكس من خلال الجريدة الورقية والرقمية وصفحة «الفايسبوك» بالإضافة إلى قناتها على «اليوتوب» التي تعرف متابعة قوية من الرواد المتجاوبين مع فيديوهات آنية «للمنتدى» و»ضيف الشعب» وغيرها من الأحداث. وهي فيديوهات غايتها تبادل المعلومات التي يراد لها في الوقت وبالكيفية التي يستدعيها الإعلام الرقمي العجيب.