طباعة هذه الصفحة

بعيدا عن الفنتازيا..

نور الدين لعراجي
09 جوان 2020

الأحقية في الحياة لا تعني بالضرورة توفير الكماليات، بقدر ما تعني توفير القدر الكافي من العيش الكريم بعيدا عن الشفقة، ولا تعني أيضا كف النظر عن الخروق، التي تفرضها معادلات غير متكافئة ولا متوازنة، تمارسها الادارة وتفرضها احيانا اللعب السياسية في خطاب شوفيني، لا يعكس تطلعات الشعب، فالمواطنة هي ان يشعر اي كان موقعه من الجزائر العميقة، بأحقيته في الشغل، التعليم، الصحة والنقل وغيرها من الضروريات ذات الصلة بالحقوق والواجبات، دون أن ينقص هذا الشعور منه قيد أنملة.
ما يحدث اليوم من تصريحات متباينة حول مسودة الدستور، يوحي أننا نعيش المرحلة الغرائبية بكل ما تناولته المفاهيم الموروثة والمتناولة، حولها،وكأننا جئنا من كوكب أخر لا نعرف ادبياته ولا معتقداته، حتى اصبح المواطن يشكك في أبسط الاشياء حوله، فأستاء البعض، واستنفر الاخرون مقاعدهم، وهلل المنبوذون لذلك.
المشهد السياسي اليوم ليس في حاجة إلى ذرائع، تشعل الفتيل لتوقظ الفوضى، وليس في حاجة الى تصريحات تسيء الى الثوابت والمرجعية النوفمبرية، التي تبقى خطا أحمر في السر والعلن، ولا يمكن لأي كان المساس بهما ولا بوحدة الامة، مهما كانت التبريرات والنوايا.
التصريحات التي لا يحتاط أصحابها من قولها، قد تفتح الجراح عن قصد، وتعمق فارق الصراع بين الزمر ودوائر السوء، ونحن في غنى عن هذا وذاك، فالتوتر والخروج إلى الشارع، لا يتوقف بحرب البيانات، طالما هناك أطماع مبيتة من طرف بعض القوى، ناهيك عما تشهده منطقة الساحل الصحراوي لخير دليل على ذلك.
ولكي يبقى الوطن شامخا يسع الجميع، بعيدا عن العواصف الهوجاء والحروب الخرافية، علينا ان ننحني أمام الهزات صمتا وحكمة لا خوفا ورهبة، حتى الخروج من المنعرج، وتمر العواصف المفتعلة، فحتما هناك اطراف، لن تطيق صبرا على الانحناء وستقف في وجه العاصفة وسيكون السقوط في المستنقع ليس كالخروج منه.
الانحناء الطبيعي المستمد من قيم نوفمبر ليس معناه الخوف ولا معناه الذل، بل هوتغليب الحكمة دون ترك اي مجال للغضب، وهذه شيم الكثير من الطبقة الصامتة التي لا تتحدث، وبقيت تبارك كل مبادرة نيتها الاصلاح السياسي والنهوض بالاقتصاد الوطني من نظرة الريع الى الطاقات البديلة، قدوتها بيان اول نوفمبر، به توحد الشعب على كلمة واحدة، وانخرط أبناؤه في تحرير الأرض وصون العرض.