طباعة هذه الصفحة

القواعد الخلفية صمّام الأمان

نور الدين لعراجي
11 جويلية 2020

أن تُعلن إدارة مستشفياتنا عن فتح باب التّطوّع للأطبّاء والممرّضين وأعوان النّظافة الرّاغبين في العمل، وتقديم المساعدة ويد العون لزملائهم بمستشفيات الجمهورية، أو تلك التي تعاني الأمرّين، جراء تفشّي الوباء وإصابة الأطقم الطبية بفيروس كوفيد 19، ليس له إلا معنى واحدا ووحيدا، أنّ الخطر داهمنا، ولا مناص لنا من ذلك، إلا الالتزام بالحجر المنزلي والتقيد بالإجراءات الوقائية، والضرب بيد من حديد كل من تسوّل له نفسه الإخلال بها.
ستة أشهر من المجابهة والمواجهة، لم تعد ذخيرة الأطقم الطبية كافية للقضاء على الفيروس العالمي الانتشار، أو منع المرض من التّسلّل خارج أسوار المستشفيات، ولم تعد طرق العلاج كفيلة بمقاومته وزحزحته في زيادة الإصابات، واستحالة علاجها بعد أن تفشّى المرض واستوطن في المناطق الأكثر فتكا بالإنسان.
في كل يوم يقتص الوباء من جنود الجيش الأبيض، فردا طبيّا، ممرّضا، أخصائيّا، عون نظافة أو أمن، أو سائق مركبة. القطاع يفقد إطاراته وأعوانه كل يوم، ورغم ذلك يفضّل البقية منهم المقاومة على جبهات، وتتضاعف السّاعات المسموح بها أمام حالات الإصابة الجديدة، ولم تعد عقارب السّاعة تعني لهم شيئا، ناهيك عن تضحية أخرى أكبر شأنا من ذلك، فهم يعيشون لأكثر من ستة أشهر في عزلة تامّة عن عائلاتهم وأوليائهم وأطفالهم وأطفالهن.
يشدوهم حنين جارف، وحرقة الكثير منهم حملوها معهم إلى الدار الأخرى، بعد أن نال الفيروس منهم نيل الوحوش من الفريسة، ورحلوا شهداء وعلى شفاههم حروف أسماء أحبّوها، تمنّوا رؤيتها، لكن الأجل كان أقرب منها إلى حبل الوريد.
صور أليمة ومشاهد تتكرّر في كل المستشفيات، أطقم طبية يخطفها الموت في عمر الزّهور، لم يكن ذنبها ذلك، إنما الأقدار من اختارتها إلى جوارها غير مبدلة. ورغم هذه المآسي التي تتكرّر بشكل يومي، إلاّ أنّ الكثير من الناس، في هواهم يعمهون، وفي نكرانهم سائرون، ضاربين كل التّحذيرات عرض الحائط.
المستشفيات ليس دورها مجابهة داء الكورونا فقط، بل لديها مصالح أخرى أكثر أهمية والتزاما أمام مرضاها من ذوي الأمراض المزمنة والحالات الجراحية الحرجة. هي مطالبة أيضا بتوفير الحد الادنى من العلاج والخدمات الصحية لهؤلاء، وهذا يتطلّب أيضا أطقما طبية إضافية، ليس بمقدور الخارطة البشرية الحالية توفيرها.
لذلك فإنّ دعوة هؤلاء المنتسبين إلى الصحة، تأتي في إطار تلبية نداء الواجب الوطني والإنساني قبل كل شيء، وتدعيم الصّفوف الأولى هو دعم للجيش الأبيض لمواصلة كفاحه ضد الجائحة.