يبدو أن وزير الداخلية الفرنسي، روتايو، الذي استولى على صلاحيات رئيسه؟ لم يستوعب أن الجزائر وقعت مع بلاده في مثل هذا اليوم من العام 1962، اتفاق وقف إطلاق نار وليس اتفاقية استسلام، كما يتوهم بقايا المنظمة السرية «O.A.S» من اليمين المتطرف الذين خولوه ناطقا باسمهم.
هذا الوهم الذي يغذيه حنين استعماري بغيض، هو الذي جعل روتايو يتصرف وفق منطق الشروط والمهل، جاهلا أو متناسيا أن ما يحكم العلاقات بين الدول والحكومات هي الاتفاقيات والمعاهدات وليس النزوات والعقد التاريخية، التي جعلته يخوض في صلاحيات من اختصاص رئيسه حصرا، في مشهد يعكس حجم أزمة مؤسساتية تعيشها الجمهورية الخامسة خرجت للعلن في سيناريو أشبه ما يكون بما عرفته الجمهورية الفرنسية 4 في آخر أيامها.
للأسف، وزير الداخلية الفرنسي، الذي كشف عن حقد دفين تجاه الجزائر؛ حقد أعماه عن رؤية الواقع كما هو، لأنه بقي حبيس ماض استعماري جعله يتصرف وفق منطق استعلائي متعجرف، لم يعد صالحا حتى مع الدول الأفريقية 14 أو من تسمى بحكومات (العقد الاستعماري البائد)، كما انتهى زمن مخابر (فرانس-أفريك ) تقرر وإفريقيا تنفذ، فما بالك بالجزائر التي انتزعت استقلالها وسيادتها بالدم والرصاص؟.
روتايو الذي دُفع به إلى الواجهة ليكون ناطقا باسم اليمين المتطرف، يريد أن يصنع مجدا سياسيا من سجل كراهية وعداء الجزائر، معتقدا أن ذلك سيجعل منه (ميتران2) بينما ينسج، من حيث لا يدري، كفنه السياسي وسينتهي به المطاف إلى مزبلة التاريخ، كما كانت نهاية كل المتطرفين والحاقدين.. وستظل الجزائر تحتفل بعيد نصرها.. ولكل هؤلاء في 19 مارس درس وعبرة.