طباعة هذه الصفحة

ليبيا ... حين ترجح كفة السلام

أمين بلعمري
11 أكتوير 2014

يتبلور في ليبيا توجّه جديد يعكس شغف الليبيين بالعودة ببلادهم إلى السكينة والاطمئنان والكف عن الاقتتال والتناحر بين فرقاء هذا البلد الشقيق الذي يعاني من حالة عدم استقرار منذ ثلاثة سنوات تبخرت خلالها أحلام الليبيين الذين ثاروا من أجل غد أفضل أو اعتقدوا أنه سيكون كذلك، إلا أن المؤامرة التي حاكها ضدهم أمثال “بي.أش.أل “ الفيلسوف الفرنسي المتصهين الذي أراد أن يسطع نجمه على رقاب الشعوب المقهورة ، مؤامرة حوّلت بلاد المجاهد عمر المختار الذي طرد الاستعمار التقليدي من أرضه ،هدفها جعل ليبيا من جديد لقمة سائغة لهذا الاستعمار ذاته في طبعته الثانية وثوبه الجديد المرصع بشعارات الحرية والديمقراطية هذه المرة وهو نفسه من قتل واضطهد هذه الشعوب لقرون قضاها في نهب خيراتها ومقدراتها واليوم جاء ليستثمر في بؤسها واحتقانها من ممارسات ظالمة على يد أنظمة جثمت على صدورها لعقود. وبين هؤلاء وأولئك وجد الشعب الليبي نفسه يدفع فاتورة الفوضى والعنف الدموي المتزايد.
إن الجزائر ليست ولم تكن يوما من دعاة “ دعهم ينضجون بدمائهم” أو الوقوف وقفة المتفرج على مآسي الشعوب، لهذا كانت أول من دعا إلى التعقل والحكمة وإلى الحوار بين الليبيين، رغم ما نالها جرّاء ذلك من حملات تشويه مسعورة حاولت أن تضرب أواصر الثقة والأخوة التي تجمع الشعبين الجزائري والليبي إلا أن هذه الحملات الشعواء وأبواقها المأجورة سرعان ما خفت صوتها بعد أن فشلت في ضرب هذا الميثاق الغليظ الذي يربط الشعبين ، كما فشلت في ثني الجزائر عن مواصلة جهودها الثابتة لجعل التيار - الذي بترته دوامة العنف والفتنة - يمرّ مجددا بين الفرقاء الليبيين وهم على موعد بالجزائر من أجل حوار شامل يشكّل أرضية جديدة لليبيا جديدة متصالحة مع نفسها تحكمها دولة قانون حديثة وقوية لا تترك هامشا للمساومات والتدخلات الأجنبية.
إن الحوار لم يعد مجرد خيار، ولكن قناعة مشتركة لدى كل الليبيين الذين أدركوا أن الدمار المتبادل هو نتيجة حتمية للاقتتال والتناحر وهو مسعى وإن كان مستبعدا في السابق أصبح اليوم يشكل إجماعا أمميا ودوليا .