طباعة هذه الصفحة

حرية التعبير مستمدّة من روح نوفمبر

سعيد بن عياد
19 أكتوير 2014

يلعب الإعلام الوطني، الذي يحتفى بعيده اليوم، دورا رياديا في مواكبة التحولات التي تعرفها البلاد على أكثر من صعيد. وتؤكد المؤشرات التي يقدمها المشهد القائم اليوم، مدى التطور الهائل الذي بلغته مهنة الصحافة، بالرغم من بقاء جوانب مختلفة منه تتطلع لأفق أكثر اتساعا، بما يساعد على استيعاب التطلعات المتزايدة للمجتمع الجزائري الغني بالتنوع الفكري والثقافي وتعلقه بالحرية في التعبير المستمدة من روح بيان أول نوفمبر مع الالتزام الثابت وغير القابل للمساومة بالدفاع عن مكاسب السيادة الوطنية والتصدي لكل ما يستهدفها.
وليس غريبا أن يخصص اليوم الوطني للصحافة الجزائرية، الموافق لصدور جريدة المقاومة إبان الحقبة الاستعمارية، للترميز بوضوح إلى أن الإعلام في ببلادنا أكبر بكثير من كونه مجرد مهنة، بقدر ما هي أيضا فضاء للنضال المتواصل من أجل نقل وترجمة القيم الجزائرية والدفاع عنها باحترافية يتم تأسيسها بالتدرج من خلال تضافر جهود الدولة والشركاء في القطاع حول قناعة يتقاسمها العاملون في الصحافة والشركاء في محيطها، بأن حرية التعبير مكسب لا رجعة عنه، وأن ما يحدث من حين لآخر من انزلاقات ومبالغات في الطرح وأحيانا أخرى بشكل يسيئ لقواعد المهنة، يصبّ في خانة التمرس والإفراط من الاعتزاز بالمدى الواسع لمجال الحرية الذي يسود المجتمع، بشكل ومضمون قد يقل مداه في بلدان أخرى. ولعل ما يجري القيام به من عمليات إنشاء هيئات الضبط والتنظيم لتكريس الشفافية في سوق الاتصال والصحافة، يمثل مرحلة أخرى على مسار ترقية الصحافة والدفع بها إلى مستويات جديدة من المهنية، في وقت أصبح فيه المجتمع، وبالأخص القراء والمتابعين للمشهد السمعي البصري، على درجة عالية من إدراك الرهانات وفهم ما يدور على الساحة، إلى درجة أن المواطن الجزائري أصبح يميز بين الخبر والإشاعة ويعرف خلقية هذا الخبر أو ذلك، وهو مؤشر يفرض على وسائل الإعلام الوطنية بكل ألوانها المتنوعة الارتقاء وباستمرار إلى ما يصبو إليه المواطن. وفي هذا الإطار، فإن الصحفي الجزائري على اختلاف الأجيال والمدارس، بقدر ما يحرص على البحث عن الحقيقة في كل المجالات والتعاطي معها بالحدّة التي يتميز بها، بقدر ما يتمسك وبقوة بالتصدي وفي الطليعة، لكل الأصوات الحاقدة والأقلام السامة من حولنا، التي تبالغ في الانشغال بما يجري في بلادنا، إلى درجة أنها تروج لأكاذيب وتوظف معطيات خارج سياقها بما يخدم مصالح جهات مريضة بعقدة الماضي والتاريخ وما حبا الله به بلادنا من خيرات، كما حصل مع الوقفة الاحتجاجية لأعوان الشرطة، بمحاولة إدراجه في سياقات تخدم تلك الجهات أو مع أحداث أخرى، يمكن للإعلام الوطني أن يتكفل بها بشكل يسحب البساط من تحت أقدام المتربصين بالجزائر. إنها بلا شك مسؤولية عظيمة أن يرتقي الإعلام الوطني إلى القيمة الكبرى لهذا اليوم وما تمثله رسالة إعلام المقاومة الجزائرية ذات الهوية النوفمبرية، وهي الرسالة التي يمكن بأي شكل من الأشكال الاختلاف بشأنها أو المساومة عليها، ومن ثمة من الطبيعي أن تعترضها معوقات ومصاعب وتحديات تجعل الصحفي مطالبا وبشكل مستمر بمضاعفة الجهد والتحمل من أجل ضمان القيام بها بكل احترافية ومسؤولية؛ إنها احترافية الأداء والبحث عن الخبر وتحدي معوقات مصدره وتقدير الكلمة، دونما المساس بصدقتيها، فالخبر مقدّس والتعليق حرّ، ومسؤولية الدفاع عن الجزائر وشعبها بمرجعيته المتعلقة بالهوية والتاريخ والانتماء وتضحيات الشهداء الأبرار.