لست أدري لماذا تتكالب بعض الأصوات ذات اليمين وذات الشمال على وطن الشهداء، وتنعق أبواق الشر في الخفية تارة وتذرف دموع التماسيح في العلن، كأن الجزائر كتب لها أن تدفع فاتورة المعتوهين من تجار السياسة والمتقاعسين، تطل علينا بعض المقالات الصحفية وعبر أقلام مأجورة، لجر الجزائر إلى دوامة اللااستقرار، والتدخل في شؤون غيرها من الدول، جاعلين ما يدور في منطقة الساحل عموما وفي الجارة ليبيا خصوصا، ذريعة يسعون من خلالها دفع الجزائر إلى تغيير موقفها السيد الذي دأبت عليه في قضايا مهمة تتعلق بسيادة الدول وحرية الشعوب، وكان رهانها الحيادي أمام قضايا أخرى عرفتها المنطقة العربية في السابق، وهذا الموقف ثمنته المجموعة الدولية لما له من انعكاسات جيوسياسية على الخريطة السياسية ومنطقة الساحل على الخصوص.
أكدت الجزائر في أكثر من مرة حيادها الدائم ووقوفها إلى جانب الشعوب المضطهدة، ودعمها المتواصل لنصرتها عبر القنوات الرسمية والدولية، ولم تبخل الجزائر في ذلك ولو تعلق الأمر بقيد أنملة.
لقد سبق وأن رفضت الجزائر أي تدخل عسكري في ليبيا مهما كان نوعه، تاركة المجال للإخوة الليبيين لحل مشاكلهم فيما بينهم، وهو الموقف نفسه الذي طالبت به في الأمم المتحدة، وعبر القمة الدولية الأخيرة الخاصة بالإرهاب، أين رافع مساهل في هذا الأمر.
تأكيد الجزائر مرة أخرى أن وضع حد للأزمة الليبية، يستدعي من كل المخلصين والخيرين والشخصيات الوطنية المخلصة، العمل بمسؤولية واعية، لضم جهودهم الخيرة لتلك التي مافتئت تبذلها دول الجوار ويبذلها المجتمع الدولي، من أجل إيجاد حل سياسي توافقي كفيل بإخراج البلاد من الأزمة وإعادة الأمن والاستقرار إلى ليبيا، وضمان سيادتها ووحدة شعبها وترابها، هذا موقف الجزائر من الأزمة الليبية وهو موقف يدل على تجربة رائدة في الكثير من المسائل الأمنية، لأن الانفلات الأمني، وما تعلق بالإرهاب سيدخلان البلد في دوامة من الدماء لا مخرج لها، خاصة وأن التركيبة البشرية عند إخواننا الليبيين تأخذ على عاتقها العشيرة والقبيلة كما هو معمول به في الكثير من المناطق، وكل هذه الانقسامات من شأنها أن تؤدي بالبلد إلى الطائفية والفتنة.
لماذا حين تصر الجزائر على موقفها في هذا الشأن وكما حدث مع مالي وقبلها سوريا والعراق، تتكالب بعض الأبواق لصب الزيت على النار، اتركوا أبواقكم في الملاعب تهذي عواءها للريح، وتحية إجلال إلى قوات جيشنا الوطني الشعبي وأسلاكه المشتركة المرابطة على الحدود حماية للعرض والوطن.