قحط الربيـع..

¯ يكتبها: توفيق يوسفي
17 فيفري 2013

بعد مرور عامين بالتمام والكمال على هبوب رياح ما يسمى بالربيع العربي إلا أن أشقاءنا، للأسف، سواء في تونس أو مصر أو ليبيا لم يجنوا لحد الآن سوى زهور الرماد والخراب والدمار.. فقد ازداد الوضع الكئيب والمتردي الذي ثاروا من أجل تغييره سوءا وتدهورا، وأعادوا بلدانهم إلى الوراء بعدة سنوات وفي كافة المجالات.
إن النظر إلى الواقع اليوم بمقياس التقدم والتراجع وبعين مجردة من أية أبعاد سياسية أو قانونية يجعلنا نكتشف أن ما تعيشه هذه الشعوب هو ربيع أسود كله قحط، أدخل البلاد والعباد في أنفاق مظلمة مخارجها مجهولة.. المكسب الوحيد الذي تحقق هو هامش حرية التعبير الذي اتسع بل وانفلت حتى وصل إلى حد الفوضى وتحولت الحرية في هكذا مقام إلى وسيلة للهدم وتفتيت الصفوف وإشاعة الانقسام والتطاحن وسط أبناء البلد الواحد.
ولأن الفوضى لا تنتج إلا الفوضى فإن بلدان الربيع هذه لم تتمكن طيلة سنتين كاملتين من إقامة مؤسسات منتخبة وهو الحد الأدنى لإرساء شرعية الدولة، وتبقى لحد الآن تعيش مرحلة «الانتقالي الدائم» وسط جو مشحون بالصراع والخلافات حتى بخصوص أمور كان الاتفاق حولها في السابق محسوما على غرار الوحدة الترابية والسيادة الوطنية.
فهذه تونس يتهددها تصاعد حدة العنف والمواجهة بين التيارين الإسلامي والليبيرالي، ووصلت إلى حد طرق أبواب الاغتيالات السياسية ما يضعها على حافة الوقوع في نفق التجربة المريرة التي عاشتها الجزائر في التسعينيات، وهذه مصر لم يبرح جزء من شعبها شوارع المحافظات منذ الإطاحة بالرئيس المخلوع ولم تتمكن الحياة الاقتصادية بها من استئناف حركتها بسبب استمرار المظاهرات هنا وهناك في ظل ضغط حاد يفرضه توفير حاجيات اقتصادية واجتماعية لأكثر من ٨٠ مليون نسمة، ولا يختلف الوضع في ليبيا الشقيقة التي يبدو أنها استسلمت للركود الذي تعيشه منذ انتهاء ثورتها، حيث تتفاقم المخاوف من التداعيات المحتملة لأي مبادرة تستهدف الانتقال إلى مرحلة البناء المؤسساتي بسبب استمرار هيمنة مجموعات الثوار والتركيبة القبلية للمجتمع الليبي على البلاد، أما الحديث عن الوضع في الشقيقة سوريا فإنه يدمي القلوب حيث بلغ نقطة اللاعودة.
لذلك علينا دائما البحث عن الحقيقة كاملة..

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19432

العدد 19432

الأربعاء 27 مارس 2024
العدد 19431

العدد 19431

الثلاثاء 26 مارس 2024
العدد 19430

العدد 19430

الإثنين 25 مارس 2024
العدد 19429

العدد 19429

الأحد 24 مارس 2024