طباعة هذه الصفحة

حرب عالمية بالنيابة

س ـ ناصر
28 جويلية 2012

مرّت على سوريا بكل أطيافها ١٦ شهرا من الخلافات الداخلية المدعومة من أطراف خارجية وصلت الى حد الاقتتال الدموي الذي لا يخدم إلا أعداء سوريا، فقد قتل ١١٠ سوريين يوم الجمعة فقط والأزمة في تفاقم وتصاعد نتيجة للتركيبة الطائفية في سوريا والتدخلات الخارجية من جهة أخرى باستفزازات وتهديدات، فقد اتهمت أنقرة سوريا بدعمها لخلايا كردية قال بشأنها أردوغان أنه لا يمكن أن نبقى مكتوفي الأيدي أمام ما يجري وأنه بإمكان تركيا ملاحقة العناصر الكردية داخل الأراضي السورية، بينما أكد وزير خارجيته بأن المجتمع الدولي يخطط لما بعد الأسد، لأن نهايته قريبة وقد قال هذا الكلام الكثيرون قبله غير أن الأزمة بقيت قائمة رغم مرور ١٦ شهرا على اندلاعها والحل حسب ما يجري ليس غدًا.
في حين أنشأت السعودية صندوق تبرعات لنصرة الشعب السوري و(الجيش الحر) جمعت به ٢٧١ مليون ريال خلال أربعة أيام، معتبرة أن القضية قضية صراع بين الشيعة والسنة، وقد استغلت إسرائيل هذا الوضع لتحشر أنفها هي الأخرى وتبتز سوريا بتهديدها.
إن هذا الوضع الكارثي ترك الآلاف من الضحايا واليتامى والجرحى والتكالى ونزوح الآلاف من الآهالي الى بلدان الجوار وخلق انشقاقات بالجيش، حيث وردت أنباء عن انشقاق نحو ٧٠٠ عسكري من بينهم ٣٠ ضابطا، وهذا من شأنه أن يشعل حربا أهلية وحرب شوارع وعصابات تأتي على مستقبل سوريا، وتخوفا من ذلك طالبت بعض الدول من جالياتها بسوريا الى المغادرة وأخذ الحيطة والحذر، وقد أغلقت مصر وبولونيا سفارتيها بسوريا.
فالوضع في سوريا لم يحسم ما دامت لغة الرصاص هي السائدة، وما دامت أطراف دولية تدعم أطراف النزاع، فهناك محور أمريكا وتركيا والسعودية وقطر التي تقوم بحرب إعلامية لمعارضي الأنظمة العربية وهناك محور حزب الله ـ إيران وروسيا والصين ولذلك يمكن القول أن ما يجري حاليا في سوريا حرب عالمية بالنيابة، غير أن الخاسر الأكبر فيها هم السوريون معارضة ونظاما في حين أن المستفيد من كل ذلك هي إسرائيل بالدرجة الأولى.
ويخشى دعاة السلم العالمي من أن تندلع حرب عالمية بسبب الملف السوري على الأرض وذلك بالعمل خارج الشرعية الدولية مما يعمق المآساة الإنسانية ليس في سوريا وحدها بل في المنطقة كلها.