طباعة هذه الصفحة

عصرنة الجيش..رهان السّيادة والإستقلال

أمين بلعمري
04 جويلية 2018

لاشك أنّ أكبر رهان تواجهه الجزائر وهي تحيي الذّكرى 56 لعيدي الاستقلال والشباب هو الحفاظ على هذا المكسب الهام، في زمن أصبحت فيه التهديدات معولمة وازداد معها التكالب والتآمر للنيل من الدولة الوطنية، وتفكيكها إلى دويلات أو إمارات متناحرة منتهكة السيادة وعديمة المؤسسات، وخاصة المؤسسة العسكرية التي تعتبر العمود الفقري للحفاظ على الوحدة الترابية و الاستقلال الوطني لأي بلد كان، ولكن حتى تقوم هذه المؤسسة بهذا الدور لابد لها من أن تمتلك أسباب القوة، وبما أنّ المفاهيم تغيّرت ولم تعد القوة ترتبط بالجوانب الكلاسيكية كتعداد الأفراد والدبابات..الخ، ولكن بالتكنولوجيا لأنّنا في زمن الحرب الذكية والدفاعات الالكترونية، وغيرها من المصطلحات التي أصبحت تهيمن على المشهد العسكري، وأي جيش كان لم يطلق مسار عصرنة وتحديث لا يمكنه أن يكون في مستوى تحد بحجم الدفاع عن الوطن وحماية وحدته وسلامته الترابية، لهذا لم يتأخر جيشنا الوطني الشعبي في مباشرة هذا المسار الاستراتيجي والحيوي الذي أصبح من اولويات القيادة العليا، وتجلى ذلك من خلال بعث نسيج صناعي يهدف إلى بناء قاعدة صناعية عسكرية تخلص المؤسسة العسكرية من التبعية فيما يخص العتاد و قطع الغيار والذخائر وحتى التجهيزات والألبسة مع الحرص على تكوين الكادر البشري القادر على التحكم في زمام التكنولوجيا، واستعمال الوسائل والأسلحة فائقة التطور التي أصبح يحوزها جيشنا الوطني الذي أصبح يحتل المراتب الأولى عالميا.
لقد أثبت الجيش الوطني الشعبي من خلال مختلف المناورات العسكرية التي احتضنتها مختلف النواحي العسكرية بإشراف من رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، نائب وزير الدفاع الوطني، الفريق أحمد ڤايد صالح عن مدى تحكمه في التكنولوجيات العسكرية الحديثة برّا، جوا وبحرا، كما أثبت من خلال هذه التمارين - التي كانت ناجحة بكل المعايير العسكرية العالمية - أنه أهل لحمل أمانة الشهداء والحفاظ على الاستقلال الوطني الذي تبقى محاولات المساس به من أي جهة كانت خطا أحمرا، وأن أي محاولات لاختراق المنظومة الأمنية والدفاعية الجزائرية ستبوء بفشل ذريع، خاصة وأن الحدود الوطنية أصبحت محصنة بفضل جيشنا المرابط على طول حدودنا البرية الممتدة، وهذا ما جعل الأطراف التي كانت تعتقد جازمة أنه بامكانها فتح ثغرات في هذه المنظومة الأمنية والدفاعية من الجنوب تدرك أنه «ما كانش وين ايقيل الزاوش» – كما يقول المثل الجزائري - وهذا ما يفسّر أنّ أدواتها من الإرهابيين الذي كانت تراهن عليهم أصبحوا يسارعون الزمن حتى لا تفوتهم فرصة تسليم أنفسهم بعدما لم يترك لهم الخناق المفروض من الجيش ومختلف المصالح الأمنية من خيار سوى الاستسلام أو الموت.