طباعة هذه الصفحة

وادي بني عزة الحلقة السوداء المخفية...

القصة الكاملة للقضاء على كابوس «الكوليرا» بالبليدة «الشعب» تروي

البليدة:لينة ياسمين

هكذا عاش المواطنون مسلسل التراجيديا واجراءات العلاج
التاريخ كان 14 أوت من العام الجاري، بدأت في الأفق تظهر حالة استنفار بين المصالح الإدارية والبلدية والصحية، تأهب وجري في كل الاتجاهات، سيارات إسعاف أطلقت صافراتها بهدوء لشق الطريق نحو مدينة بوفاريك، وتحديدا إلى المستشفى، الكل كان يسأل ، حيرة جرت وانتشرت بين المهتمين، ما الذي حصل ؟  ماذا يحدث ويجري؟  خوف ظهر على أين البعض، وجاء الجواب  مريعامرعبا، أنها « الكوليرا « الكابوس المفزع الذي ارق المواطنين لايام معدودات.


من هنا وفي هذا التاريخ بدأت حلقة جديدة مع مرض وبائي، كان إلى سنوات بعيدة مجرد أرشيف في ملفات الصحة الوطنية، انتشر الخبر في البداية، من أن 5 أفراد لعائلة واحدة أصيبوا  بأعراض  الوباء، تقيؤ وإسهال حادين، و رعاش مس الجسم و هزه هزا، و عزل الأطباء المرضى وجعلوهم تحت أعين المراقبة اللصيقة، وارسلت عينات للتحاليل المخبرية على معهد باستور، وطال الانتظار ساعات، وجاءت بعد التدقيق والفحص المخبري، النتائج ايجابية تؤكد وتثبت أن المصابين هم من حملة بيكتريا قاتلة  لمرض وبائي هو « الكوليرا «، وارتبك في الاول العارفون بالامر ، لكن سرعان ما تم أخد الامر محمل الجد، وبدأت الحملة الوقائية والتوعوية ، تنتشر في وقت ارتفعت حصيلة المصابين وتوسعت دائرتها ، بين مشبوهين و مؤكدة الى نحو 200 ، قدموا من ولايات العاصمة الجزائر وتيبازة  والمدية و البليدة، منذ ذلك التاريخ الساخن، في دفعات و مجموعات ، ليستفيدوا من العلاج.

 الكوليرا و الارتباك ...

ما إن بدأت الأخبار تؤكد أن  الحالات المسجلة من المرضى الذين استقبلتهم ، مصلحة الأمراض المعدية هي تخص مرض « الكوليرا « ، حتى انتشر ارتباك بين الناس  ، و كادت الامور أن تعرف حيرة كبيرة ، خاصة بعد الاتهامات في مصدر الوباء ، مرة البطيخ الأحمر، وتارة منبع مائي ، و تارات أخرى النظافة المنقوصة و الأوساخ التي انتشرت في كل مكان ، وجاءت صور الحيرة مقنعة اجتماعيا، خاصة و أن مواطني البليدة شهدوا قبل انتشار أخبار المرض ، حادث تسمم ما لا يقل عن 500 مواطن بمدينة بوقرة في هذه الصائفة الحارة ، بسبب تلوث في مياه آبار بعض الخواص، وقبله تسمم ما لا يقل عن 700 زبون استهلكوا لبنا غير صحي بمدينتي قرواو وأولاد يعيش، ليأتيهم الخبر بأن «الكوليرا « عادت، و هنا بدأ الأمر فيه من الجدية، لان فيه ضحايا والرقم ظل يرتفع ولم ينخفض، ومصدرالمرض    لم يحدد و يفصل فيه ، و عرفت الأسواق في بيع الخضار والفاكهة اضطرابا، و تكبد بعض التجار خسائر ، لعزوف الناس اقتناء منتوجاتهم ، على خلفية أنها مسقية بمياه قذرة ، و رفع تجار زملاء في أسعار المياه المعدنية لحجم الطلب عليها ، و أيضا على مادة الكلور، و كما يقال « رب ضارة نافعة» ، فالوباء زاد في وعي الناس من جهة ، والنظافة أصبحت أولوية ، في انتظار التشخيص النهائي للمرض ،وتحديد مصدر الوباء.

تحديد  مصدر المرض  ونهاية الكابوس ...

تضاربت الأقاويل في الأول ، و تعقدت الأزمة مرحليا خاصة بعد تسجيل حالتي وفاة مأساوية ، حالة من الحزن عمت ، لكن ذلك لم يُثن من عزيمة المشرفين  و القائمين و المسؤولين ، بل فجر ذلك إرادة في السيطرة و التحكم و القضاء على المرض ، و بدأت الرحلة في البحث عن مصدر الوباء ، و تكثفت المجهودات ، إلى أن تم تشخيص العنوان وتحديده بالضبط .
 و كان المصدر حسب بيان نتائج العينات و التحاليل المخبرية ، ظاهرة في مياه وادي بني عزة بقلب البليدة ، لتبدأ معركة جدية مع حملات تنظيف و تغطية الوادي ، الزمت الجهات الوصية على رصد غلاف مالي قدر مبدئيا بـ 60 مليون دج لاجل ذلك ، فيما فرق التطبيب ظلت على قدم و ساق ، تقدم العلاج و تسهر على المرضى ، و توفر لهم الضروري من الدواء ، حتى تماثلت آخر مريضة و غادرت المستشفى جمعة أول أمس  وسط الورد  و الزغاريد ، ليعلن رسميا التحكم و السيطرة على المرض الوبائي ، و ينتهي الكابوس و عادت  الراحة والطمأنينية وسط الناس .