طباعة هذه الصفحة

«الشعب» ترافــق حملـــة التّنظيـف بمقاطعـة الدار البيضاء في العاصمة

الشّرطـــــــة، البلديــــــة والسكــــــان ينخرطــــــون فــــــي رفــــــع النّفايــــــات

استطلاع: نبيلة بوقرين


تعتبر المقاطعة الإدارية للدار البيضاء بالجزائر العاصمة أنموذجا حي في عملية التحسيس من مخاطر انتشار النفايات في الشوارع والأماكن العمومية، لأنّها السبب المباشر في الأوبئة والأمراض المعدية في الآونة الأخيرة على غرار الكوليرا، الذي صنع الحدث في بعض ولايات الوسط مؤخرا خاصة بعد تسجيل حالات وفيات في بعضها الولايات، حيث وقفت جريدة «الشعب» على الخرجات الميدانية التي قامت بها عناصر شرطة المقاطعة رفقة مجموعة من المواطنين.

 
 بما أنّ الشّرطة جهاز مهم في المجتمع الجزائري نظرا للخدمات الراقية التي يقدمها في كل المجالات زيادة على وظيفتها الرئيسية التي تكمن في حفظ الأمن لأنها في علاقة مباشرة مع المواطنين، تواصل شرطة المقاطعة الإدارية للدار البيضاء نشاطاتها المتعددة، حيث تخصّص في كل مرة جانبا معينا له علاقة مباشرة مع السكان من أجل معالجته وارتأت مؤخّرا أن توجّه كفاءتها وخبرتها للبيئة من خلال تنظيم عدة حملات تحسيسية تتعلق بهذا الجانب، حيث سطّرت عملية تطهير واسعة مسّت البلديات السبعة التابعة للمقاطعة بمساعدة القاطنين بها والملفت للانتباه أن كل الشرائح العمريةشادكت فيها.
برمجت عناصر الأمن الوطني للمقاطعة عطلة نهاية كل أسبوع حملة من أجل تنفيذ العملية النبيلة التي تعنى بالمحيط بصفة مباشرة لإزاحة تلك المناظر المقرفة الناتجة عن تراكم القمامات تحت شعار «معا لنظافة محيطنا»، وتمّ اختيار يومي الجمعة والسبت حتى يتسنى للسكان بمد يد المساعدة من جهة وحتى يتم غرس ثقافة البيئة النظيفة من جهة أخرى، بداية من حي رابية و5 جويلية بباب الزوار وصولا إلى غاية حي الدوم ببرج الكيفان.

استجابة واسعة من طرف المواطنين

وسجّلت هذه الحملات إقبالا كبيرا من طرف سكان الأحياء المعنية بالحملة، الذين بادروا منذ الصباح الباكر وإلى غاية نهاية المهمة بمختلف الفئات العمرية ما جعله عمل جماعي بطريقة رائعة صنعت صور التآخي والتلاحم فيما بينهم، ما يعني أن هذه المبادرة كانت لها عدة انعكاسات إيجابية إلى جانب التنظيف على غرار التقاء الجيران فيما بينهم، وهذا ما لم يكن يحدث من قبل بسبب ارتباط كل واحد بعمله وانشغالاته اليومية، حيث قدموا يد العون وهناك من ساهم بالأدوات واللوازم إضافة للمجهود البدني، وهذه الثقافة يجب أن ترسّخ في أذهان المواطنين من أجل الحفاظ على جمال بلادنا، التي تملك موروثا طبيعيا حضاريا وتاريخيا ضاربا في عمق التاريخ.

الملازم الأول سلمى سعودي لـ «الشعب»:
«الهدف المباشر من الحملة زرع ثقافة محيط نظيف»

في هذا الصّدد كشفت الملازم الأول ورئيسة خلية الإصغاء والاتصال لأمن المقاطعة الإدارية للدار البيضاء سعودي سلمى في تصريح خاص لجريدة «الشعب»، أنّ الهدف المباشر من هذه الحملة التحسيسية هو زرع ثقافة محيط نظيف لدى المواطنين في قولها: «قمنا بتنظيم حملة تحسيسية لتوعية المواطنين القاطنين في الأحياء التابعة للمقاطعة الإدارية للدار البيضاء بأهمية الحفاظ على نظافة المحيط، إضافة إلى العمل على غرس ثقافة بيئية نظيف لأن المواطن هو المسؤول المباشر على ذلك، ومن جهة أخرى حتى ننمي في نفسه روح المسؤولية لأنه بالدرجة الأولى النظافة من الإيمان».
وقالت أيضا أنه تمّ القيام بالتوعية بخطورة الوضع المترتب عن رمي النفايات في غير الأماكن المخصصة لها، وكذا عدم احترام الوقت أيضا يتسبب في انتشار النفايات لأنه لا يخدم عمال النظافة ويعرقل من مهمتهم في جمعها، وبالتالي تنتشر الأمراض والأوبئة، وكذا الجرذان والحشرات الضارة التي تؤذي المواطنين، ومن هذا المنطلق نريد أن نجعلهم يعرفون أنه من خلال سلوكاتهم بإمكانهم أن يعيشوا معا حياة رائعة بعيدة عن كل المشاكل المذكورة سابقا».

«عقوبات صارمة للمخالفين  للقانون»

كما حذّرت سعودي المواطنين من التجاوزات التي تترتّب عن رمي النفايات قائلة: «قمنا باختيار الأحياء التي تشهد تدهورا كبيرا في مجال النظافة والتي عرفت تراكما واسعا، ما جعلها تشوه مناظرها إلى جانب الرائحة الكريهة التي تنبعث منها جراء تساقط الأمطار عليها، وبما أننا قمنا بإشراك المواطنين في هذه العملية التي مست سبع بلديات كاملة تابعة للمقاطعة قمنا بتوعيتهم وتحسيسهم بوجود مخالفات يعاقب عليها القانون في مجال رمي النفايات المنزلية والصلبة في غير مكانها المخصص لها أوعدم احترام أوقات رميها، وستطبق عليهم لأنه من غير اللائق انتشار مثل هذه السلوكات السلبية في مجتمعنا الذي يدين الإسلام، وهو من حثّنا على النظافة وجعلها من الإيمان».

«شكرا لعمّال البلدية على الدّعم»

ثمّنت مسؤولة خلية الإصغاء الدور الرائد للبلديات المعنية قائلة في هذا الصدد: «صحيح الحملة تنظيفية موجّهة للسكان بالدرجة الأولى وبمساعدة عناصر الشرطة لكن يجب أن نثني على الدور الكبير الذي لعبته البلديات المعنية في العملية، حيث تمّ تسخير كل الوسائل المادية من شاحنات، عمال النظافة، وسائل عمل يدوية للتطهير ما سهّل من مهمّتنا أكثر، حيث كان عملا جماعيا رائعا بين كل شرائح المجتمع والأجهزة المعنية.
 وللإشارة تمّ الترويج لهذه الحملة في مواقع تواصل الاجتماعي وإعلانات قدّمت لجمعيات الأحياء تمّ إلصاقها، وأخرى وزّعت على المواطنين في الشوارع والأماكن العمومية على غرار المقاهي والمدارس، كل هذا يدخل في إطار العمل المتعلق بالحفاظ على النظام العام بما فيه الصحة بدليل أنّنا لمسنا وجود مرض الكوليرا في بعض الأماكن مؤخرا، وكل ذلك مترتّب عن عامل النظافة».

المواطنون مسؤولون على نظافة  محيطهم      

طالبت سلمى سعودي من كل المواطنين القاطنين بالأحياء التابعة للمقاطعة الإدارية للدار البيضاء الحفاظ على نظافة الأحياء بعد هذه العملية الكبيرة التي قاموا بها، والتي دامت لعدة أسابيع من أجل تفادي عودة تلك المناظر غير اللائقة من جديد حتى تبقى الشوارع والأحياء نظيفة على مدار السنة وليس لفترة قصيرة فقط، ومن جهة أخرى حتى تترسخ هذه الثقافة في أذهان الأطفال والشباب وتصبح بمثابة عادة يقومون بها في كل مرة ومن دون مواعيد.
من جهتهم المواطنين الذين ساهموا في هذه الحملة عبّروا عن فرحتهم الكبيرة لهذه المبادرة التي جعلتهم يسترجعون جمال الأحياء التي يقطنون بها بعدما غمرتها القمامة بسبب سلوكات بعض المواطنين غير المسؤولين، ما جعل الأمور تتفاقم أكثر مع مرور الأيام.
وأكّدوا لجريدة «الشعب» أن الأمور وصلت لهذه الدرجة من التدهور بسبب الإهمال، وأكدوا أنهم مستعدون من أجل تقديم يد المساعدة في مثل هذه الحملات والمواعيد التي تنظم سواء من طرف الشرطة أوالبلدية لأن الأمر يهمهم بالدرجة الأولى ووعدوا أنهم لن يدخروا أي جهد في هذا المجال مستقبلا».

المواطنون ثمّنوا المبادرة ووعدوا بترسيخها


«عادل» صاحب الـ 25 ربيعا، ابن حي رابية أحد المتطوعين في حملة التنظيف الواسعة أكد لجريدة «الشعب» أن هذه المبادرة جيدة نظّمت في الوقت المناسب قائلا: «حملة التنظيف التي بادرت بها عناصر الشرطة ممتازة ومهمة لأننا في فترة نهاية الصيف وبداية موسم الشتاء حتى نقضي على كل النفايات التي شوّهت منظر الأحياء وكانت سببا في انبعاث الرائحة الكريهة خاصة بعد تهاطل الأمطار التي ستجعل الأمور تتفاقم أكثر، وعلينا أن نقوم بمبادرات أخرى مشابهة مستقبلا حتى تترسخ هذه الثقافة لدى الجميع».
«أيمن» طالب جامعي في جامعة باب الزوار ثمّن المبادرة وطالب بتكرارها مستقبلا حتى تبقى أحياء المدينة نظيفة، موضّحا أنّ «الخطة التي قامت بها الشرطة أكثر من رائعة، وعلينا أن نساهم جميعنا في مثل هذه المحلات لأننا المعني المباشر بهذا الواقع الذي آلت إليه الشوارع بعد انتشار النفايات التي شوهت المنظر، وفي نفس الوقت ساهمت في انتشار الأمراض والحشرات الضارة والجرذان، وبعد أن عادت الأمور إلى طبيعتها من جديد علينا أن نحافظ على هذا المكسب من خلال احترام أوقات رمي القمامة والأماكن المخصص لها».
 «محمد»، تلميذ في الطور المتوسط أكد أنه جد سعيد للمشاركة في هذه العملية التي ترسخ لضرورة الحفاظ على نظافة المحيط الذي ينتمون إليه لتفادي انتشار الأمراض والحشرات الضارة، جاء ذلك تجسيدا لما تعلموه في المؤسسة التربوية «النظافة من الإيمان والوسخ من الشيطان»، وطالب كل السكان بضرورة احترام القوانين والتكثيف من هذه المبادرات حتى تترسخ في أذهان النشء.
ومن هذا المنطلق تبرز أهمية هذه الحملات في تعزيز الجوارية والتشاركية بين مؤسسات الدولة والمواطنين، والتي تجلت في استغلال المحيط كجامع لتوحيد الجهود في خدمة شيء واحد يهم الجميع، وهي البيئة التي تمثل الفضاء التي يتشارك فيه الجميع ويستدعي الحفاظ عليه بهكذا مبادرات.