طباعة هذه الصفحة

«الشعب» ترصد السيناريو المتكرر كل فصل شتاء

الربط بالغاز الطبيعي انشغال سكان البلديات النائية بسكيكدة

سكيكدة: خالد العيفة

 المضاربة بأسعار “غاز البوتان” زادت من معانات المواطنين وخلقت ندرة مفتعلة

 رفع التجميد عن مشاريع طاقوية مطلب ملح

رفع سكان قرى وبلديات الجهة الغربية والجنوبية بسكيكدة انشغالهم مطالبين الربط بالغاز الطبيعي ووضع حد لمعاناة تزداد كل موسم برد وتساقط ثلوج، قائلين إنهم ملّوا من معاناة البحث عن قارورات الغاز، أو الحطب لاستعماله في التدفئة والطبخ.
قال السكان إن هذه  المعاناة تستمر لاسيما  بالمناطق الجبلية، رغم أنها لم تمل أو تكل في المطالبة بالربط بالغاز الطبيعي، الذي يعد أكثر من ضروري، وأبسط عامل للعيش في كرامة.
هذا ما صرح به العديد من مواطني هذه الجهات خلال هذا الاستطلاع الذي قامت به “الشعب” ناقلة معاناة السكان الذين رفعوا مطالبهم من خلالها للسلطات المركزية لإنصافهم، بتوفير هذه المادة الحيوية، وبالتالي الحد من الاحتطاب والإضرار بالثروة الغابية، والمحافظة على التوازن البيئي بالمنطقة.

بلدية عين الزويت تطمح لربطها بشبكة الغاز

جدد سكان البلديات النائية بغرب سكيكدة، تحديدا من بلدية عين الزويت إلى غاية أقصى غرب الولاية، وأرياف منطقة أولاد أحبابة مناشدتهم الجهات المسؤولة، للتدخل لرفع التجميد عن غاز المدينة المبرمج لهذه المنطقة التي تشهد كل فصل شتاء انخفاضا شديدا في درجة الحرارة وتساقط الثلوج بكميات كبيرة، تصل في كثير من الأحيان إلى عزل العديد من القرى والمداشر، وهو الأمر الذي صعّب على السكان الحصول على قارورات غاز البوتان التي يتضاعف سعرها في السوق الموازية، أمام كثرة الطلب عليها وقلة العرض، فيما تضطر عائلات أخرى للاعتماد في التدفئة على الحطب، وبالتالي الإضرار بغابات المنطقة، للاستغلال العشوائي والمفرط للثروة الغابية، لمجابهة موجة البرد القارس.
وكان لسكان قرية حجر مفروش” الواقعة على حوالي 12 كلم عن مقر بلدية عين قشرة، أن رفعوا انشغالهم مطاليين السلطات المحلية التدخل لوضع حد لمعاناة يعيشونها بسبب وقوع القرية في منطقة جبلية بالحدود الغربية مع جيجل، حيث تعرف برودة شديدة خلال فصل الشتاء.
وأمام الندرة الحادة في قارورات غاز البوتان، يتعرض سكان المنطقة إلى موجة برد شديدة تصعب من تنقل السكان من وإلى القرية، وتصعب أيضا من ممارسة النشاط الفلاحي الذي يعتبر المصدر الوحيد لعيش السكان بهذه المنطقة.
كما يعاني هؤلاء  من ندرة قارورات الغاز بمجرد حلول فصل الشتاء، حيث يحجم أصحاب الشاحنات المختصة بنقل وتوزيع الغاز التوجه إلى هذه القرية البعيدة، بسبب كثرة الطلب على هذه المادة الحيوية في المناطق القريبة من مصنع تعبئة قارورات الغاز المتواجد مقره ببلدية بين الوديان.
وأكد أحد المواطنين من الذين يقطنون القرية، ل “الشعب “أن قارورات الغاز في فصل الشتاء تكاد تنعدم، مما يضطر السكان  من التوجه إلى الغابات القريبة بغرض الاحتطاب وتوفير مصادر أخرى للتدفئة التقليدية”.

مواطنو المصيف القلي غاضبون

على الرغم من عديد مشاريع الربط بالغاز التي عرفتها بعض التجمعات السكانية بغرب الولاية أو جنوبها، كمدينة القل وبعض البلديات إلا أن الغاز مفقود في هذه المناطق.
يحدث هذا  رغم بلوغ  نسبة توصيل بلديات سكيكدة، بما فيها الأحياء والتجمعات السكنية بالغاز الطبيعي  73 بالمائة، بعدد 28 بلدية من إجمالي 38 بلدية تضمها الولاية.
يحدث أيضا رغم تسجيل  بلوغ  الزبائن الموصولون بالغاز عدد 86286 زبون، ووصول التغطية الى1193,41 كلم. مع ذلك تبقى عديد المناطق تعاني من نقص الغاز، فعند كل موسم شتاء، وخلال التقلبات الجوية تتجلى معاناة سكان هذه القرى والمداشر بسبب غياب الربط بالغاز الطبيعي الذي يبقى حلما يراود السكان، ومحنة البحث عن قارورات غاز البوتان، وإن وجدت فالأسعار في غير قدرة العائلات المعوزة، ليكون الاحتطاب أمرا لا مفر منه.
أمام هذه المحنة، ناشد سكان البلديات النائية المتواجدة غرب سكيكدة بالمصيف القلي، الجهات المسؤولة، التدخل من أجل رفع التجميد عن غاز المدينة المبرمج لهذه المنطقة التي تشهد مع كل فصل شتاء، انخفاضا شديدا في درجة الحرارة، سيما مع تساقط الثلوج بكميات كبيرة، تصل في كثير من الأحيان إلى عزل العديد من القرى والمداشر، إضافة إلى ذلك صعوبة الحصول على قارورات غاز البوتان التي يتضاعف سعرها في السوق الموازية، أمام كثرة الطلب وقلة العرض عليها، فيما تضطر عائلات أخرى للاعتماد في التدفئة على الحطب، الذي يجدون صعوبة كبيرة في الحصول عليه، أما المراقبة الدورية لأعوان الغابات.
فسكان بلدية خناق مايون يطالبون في كل مناسبة متاحة، بإفادتهم من مشروع  الغاز الطبيعي لرفع الغبن عنهم سيما أنهم يعانون من البرودة الشديدة في فصل الشتاء وتعتبر بلدية خناق مايون من أعلى المناطق بالولاية ما يجعلها شديدة البرودة.
هذا الوضع فرض على السكان أعباء كثيرة بسبب غلاء أسعار قارورات غاز البوتان، أما الحالات التي تعتمد على مدافئ الوقود فحالها ليس بأحسن، بعدما وصل سعر برميل المازوت سعة 200 لتر إلى  5000 دينار، أما اللجوء للأساليب التقليدية والاحتطاب فلم يعد متوفرا جراء  التضييق الكبير الذي تمارسه مصالح الغابات على السكان ومنعهم من استغلال حطب الغابة، لتأثر الأخيرة من عمليات الاحتطاب التي اضطر إليها السكان هربا من قساوة البرد.
من جانبها تفتقد قرية عين نشمة بن عزوز والتي يصل عدد سكانها 5 ألاف نسمة، من عديد المشاريع التنموية، الكفيلة بإخراج مواطنيها من المشاكل اليومية.هؤلاء السكان يطالبون ربط قريتهم بالغاز الطبيعي، حتى يخفف من معانتهم مع قارورات الغاز.
ناشد سكان حي “بوصاع” طريق بوساطور التابع لبلدية سيدي مزغيش تحريك عجلة التنمية بالمنطقة والتزود بالغاز الطبيعي المشروع الذي طال انتظاره.

الاحتطاب العشوائي بجبال القل واولاد احبابة يهدد بكارثة بيئية

يضطر سكان بلديات الجهة الغربية من سكيكدة، إلى الاحتطاب من أجل التدفئة كل فصل شتاء في ظل بقاء 8 بلديات بالمصيف القلي غير مربوطة بشبكة الغاز الطبيعي واعتماد السكان على قارورات غاز البوتان.
وأمام الندرة في هذه المادة الضرورية والمضاربة بأسعارها، فإن الكثير من السكان تكون وجهتهم الاحتطاب، منذ بداية فصل الخريف، لاستعماله في التدفئة التقليدية، الأمر الذي يعرض الثروة الغابية للخطر. وهو الأمر الذي ذهب إليه أحد المواطنين الذي اكد ل«الشعب” ان القضاء على هذه الظاهرة المتعلقة بالاستغلال العشوائي للثروة الغابية، مرتبط بربط المنطقة بالغاز الطبيعي، فهو الأمر الكفيل لوضع حد لهذه الظاهرة التي تصبح لا معنى لها.
وظاهرة الاحتطاب لا تمس منطقة المصيف القلي فقط، بل الجهة الجنوبية من الولاية، تحديدا على مستوى القرى النائية بلدية أولاد أحبابة، حيث  تعذر على السكان إيجاد قارورة غاز من أجل التدفئة والطهي، في ظل موجة البرد التي تجتاح المنطقة خلال فصل الشتاء، حيث تلجأ العائلات إلى الاحتطاب كحل لمواجهة هذه المشكلة، رغم أن البلدية استفادت من ربط 385 عائلة بالغاز الطبيعي على مسافة 13.672 كيلومتر سنة 2016، لكن العملية لم تغط حاجيات المنطقة بكاملها والكثير من المشاتي لا يزال سكانها يعيشون تحت وطأة البرد.

المجلس الولائي يتبنى انشغالات المواطنين

استجاب أعضاء المجلس الشعبي الولائي خلال دوراته الأخيرة، لمطالب وانشغالات مواطني الجهة الغربية بسكيكدة في توفير الغاز بضرورة إعطاء الأولوية لنقل الغاز للبلديات غير المستفيدة نهائيا من هذه المادة التي باتت حيوية، بضرورة التحيين السنوي لقوائم الأحياء والتجمعات غير الموصولة بالكهرباء والغاز ووجوب استدراك المساكن غير الموصولة بالمادتين داخل التجمعات التي شملتها عملية الإنجاز.
أصدر المجلس توصيات تتعلق بضرورة توسيع شبكة غاز المدينة حتى يصل لكل بلديات الولاية سيما التجمعات ذات الكثافة السكانية الكبيرة، خلق مؤسسة ولائية مختصة في إنجاز مشاريع الكهرباء والغاز لمواكبة البرامج الضخمة التي خصصتها الدولة  في ظل العجز الحاصل في تنفيذ هذه البرامج.
كما شملت التوصيات إعادة النظر في طريقة توصيل الفواتير الخاصة بالكهرباء والغاز لتفادي قطع التيار دون وجه حق وإعداد دراسات لإمكانية استغلال الطاقات المتجددة في الإنارة العمومية وبعض المرافق والمؤسسات التي تتوفر على سطح شاسع ومساحات كبرى وأيضا التجمعات السكانية المعزولة ومختلف المناطق السياحية والأثرية البعيدة عن شبكات الكهرباء.
وأجمعت تدخلات أعضاء المجلس حول ملف الغاز والكهرباء بالولاية التي شخصت واقع الولاية الغنية بموارد الطاقة مقارنة بغيرها من الولايات الأخرى، خاصة فيما يتعلق بالعجز في تزويد بعض المناطق سيما القرى والمداشر المعزولة الواقعة في حدود الولاية خاصة الغربية منها نتيجة لصعوبة التضاريس التي تتميز بالطابع الجبلي من جهة والأوضاع الأمنية التي عاشتها المنطقة إبان العشرية السوداء من جهة أخرى لتبقى رهينة لقارورات غاز البوتان وندرتها وأسعارها المبالغ فيها، بالإضافة للتركيز على إيجاد بدائل متجددة لهذه الطاقة الآيلة للزوال.

المضاربة وراء ارتفاع أسعار غاز البوتان

تتزود سكيكدة من مركز برحال التابع لـ “ نفطال” بما يقارب4 الاف إلى 6 الاف قارورة يوميا، فيما يقوم مركز بين الويدان التابع لأحد الخواص بتزويد كل بلديات الجهة الغربية من المصيف القلي بين 3.4 الاف إلى 5.8 آلاف قارورة غاز بوتان يوميا، إضافة إلى وسائل التوزيع المسخرة والمتمثلة في07 شاحنات تابعة لـ “نفطال” بسعة 210 قارورة، و32 شاحنة تابعة للخواص بسعة 105 قارورات.
وبحسب مديرية الطاقة لـ«الشعب” فان تدابير اتخذت بعد لقاءات تنسيقية، تضم رؤساء البلديات، وشركة “نفطال” لمتابعة عملية توزيع غاز البوتان بناء على احتياجات كل بلدية.
للإشارة، ولاية سكيكدة تتزوّد بغاز البوتان والبروبان انطلاقا من وحدة “نفطال” للتعبئة المتواجدة ببرحال بولاية عنابة، في انتظار الانتهاء من أشغال إعادة تهيئة وترميم وصيانة وحدة سكيكدة التي تعرّضت لانفجار منذ أكثر من ثلاث سنوات.
وقد شهدت بعض البلديات المتواجدة بالجهة الشرقية والغربية، كبلدية خناق مايون والمداشر التابعة لها، ومنطقة دار عمر بنواحي القل، أزمة في التزود بغاز البوتان، خلال كل موجة برد واضطراب جوي، حيث يقبل المواطنون منذ الساعات الأولى من الصباح للظفر بقارورة غاز، وصل سعر الواحدة منها في السوق السوداء إلى حدود 270 دج للقارورة الواحدة، مما أدى بالعديد من المواطنين، إلى الاعتماد على الحطب، للظروف الاجتماعية القاهرة، التي تمنعهم من اقتناء قارورات غاز أو حتى المازوت الذي وصل سعر البرميل الواحد من حجم 200 لتر خلال تلك الأيام الحرجة، إلى حدود خمسة آلاف دينار جزائري.
وأرجع مشكل التزود بقارورات البوتان بمناطق بلدية أولاد أحبابة بجنوب الولاية، على مستوى بعض مشاتيها كالقلة، والمرجة، والحفرة، الى الموزعين، الذين يفضلون بيع قارورات غاز البوتان الموجهة في الأصل للمواطنين، لأصحاب المداجن الذين كان من المفروض عليهم، جلبها من المنطقة الصناعية ببلدية برحال، مضيفة أن المنطقة يتم بتزويدها بـ210 قارورة غاز كل يومين.
نفس الشيء بالنسبة للمناطق المتواجدة بالجهة الغربية، حيث أدت المضاربة إلى خلق الندرة، وما أدى أيضا، إلى ارتفاع سعر القارورة الواحدة، على أساس أن الموزعين يستلمونها بسعر 200 دج للقارورة الواحدة، ليقوموا ببيعها بـ 250 دج وأحيانا 270 دج.