طباعة هذه الصفحة

«الشعب» ترصد صيفيات معسكر

يقطعون مسافات طويلة على دراجات نارية بين معسكر ومستغانم

معسكر: أم الخير ــ س

شباب يخاطر بحياته لقاء لحظات من الاستجمام على الشّواطئ

حرارة الصّيف اللاّفحة والفراغ الرّهيب، ثنائية تقاومها شريحة الشباب العاطل عن العمل والشباب العزل في المناطق النائية بعدة سبل، منها الاستثمار في الوقت بجني محاصيل الفاكهة الموسمية وبيعها على حواف الطرق، ومنهم من يضطر إلى الدخول في سبات عكسي في الأوقات التي تبلغ فيها الحرارة درجات الذروة.

يلجأ إلى القيلولة ساعات طويلة على غرار واقع حال شباب دوار أولاد بوهلال في إقليم بلدية المامونية، الذين يجدون فصل الصيف موسما لجني ما تدره الأشجار المثمرة بجبال بني شقران من خيرات وعرضها على الطريق الوطني رقم 17 أ الواصل بين معسكر والمحمدية إلى المناطق الساحلية، فيستدرجون بها مستعملي الطريق ممّن يسعف أغلبهم الحظ للتنقل إلى شواطئ مدينة مستغانم بمركباتهم الخاصة، لعلّهم يتمكّنون من كسب بعض المال لتسيير يومياتهم واحتياجاتهم العائلية بعيدا عن التفكير في قضاء فترة من الراحة والاستجمام على الشواطئ.
فبعضهم لم ير زرقة البحر منذ أيام الطفولة وأغلبهم انقطع عن التفكير في عطلة مريحة بسبب الظروف المادية البحتة والانشغالات العائلية التي لا تنتهي، عكس من تتوفر لديه شروط الراحة المادية لقضاء شهر أو أكثر على الشواطئ، وعكس فئة مغامرة تقاوم الحرارة الموسمية ولفحات شمس الصيف من خلال المخاطرة بحياتهم للوصول إلى أقرب شاطئ يبعد عن عاصمة الولاية بأكثر من 80 كلم، وتلك هي الفئة التي استطلعت «الشعب» واقعها اليومي على مستوى الطريق الوطني رقم 17 أ.

مغامرات صيفية لأصحاب
 الدّراجات النّارية

  تعمد هذه الشريحة من الشباب الباحث عن الاستجمام بوسائل نقل بسيطة، إلى ركوب أخطار حوادث المرور المميتة على دراجات نارية سرعان ما يداهمها العطب فتقبع بهم في منعرجات الطريق الملتوي، كما يعمد هؤلاء إلى السفر يوميا على متن دراجاتهم النارية في فرق وجماعات حتى يتمكنوا من تقاسم مشقة هذه المغامرات الصيفية، وتقديم المساعدة لبعضهم البعض في حال حدث أي طارئ. ويقول بن عودة صاحب 34 سنة بصوت متجهم في رده عن تساؤلاتنا، أنه «ذاهب للبحر» لكن يبدو أنه لن يصل قبل الساعة الثالثة زوالا بسبب تعطل دراجته، وتأخر وصول المساعدة التي يقصد بها التحاق باقي الرفقة بركب الدراجات النارية ويتساءل بن عودة بدوره ويجيب نفسه بحضورنا: «لعلّهم توقّفوا هم أيضا بسبب ارتفاع حرارة المحرك..سيصلون قريبا»، مضيفا أنه واقع حال السفر إلى المناطق الساحلية بواسطة دراجة نارية فكثيرا ما يتأخرون لكنهم حتما يصلون، ولم تمضي نصف ساعة من الوقت حتى مر اثنين من الشباب أمثال «بن عودة» في طريقة تنقله للبحر، ولم يكونا من ضمن الرفقة المنتظرة، واستوقف الشابين الغريبين وضع «بن عودة» المزري تحت لفحات شمس الزوال التي قاربت بلوغ ذروتها، وعرضا عليه المساعدة في مبادرة تعكس حجم التضامن بين شباب هذه الفئة، وأتى عرضهما بأكله بسبب توفر لديهما قطع غيار مناسبة لدراجة 103 التي كان يمتطيها «بن عودة» في رحلته الطويلة، هذا الأخير نبّهنا لمشكل لا يقل خطرا عن تعطل مركبات «القالمة والبيجو 103» في طريق مليئ بالمخاطر ولا تشمل التغطية بشبكة الهاتف النقال في مناطق الظل اغلب مستوياته المرتفعة أو المنحدرة على مستوى 40 كلم من المنعرجات، وأشار متحدثنا أن هناك بعض من مستعملي الدراجات النارية في تنقلاتهم للشواطئ لا يملكون وثائق التأمين عن دراجاتهم وأنفسهم، ولا أي وثيقة تثبت ملكيتها وهوية صاحبها في كثير من الأحيان، أين يصادفون بعد سفر شاق الحواجز الأمنية التي تقوم بمهامها الطبيعية خصيصا لمراقبة الوضع القانوني لأصحاب الدراجات النارية، يحدث ذلك في الوقت الذي يتزايد فيه أمثال محدثنا بن عودة صاحب الدراجة النارية المغامر من جهة، وتظهر فيه إحصائيات مصالح الشبيبة والرياضة بوجه منير ينفي واقعا مماثلا، خاصة وأن ذات المصالح قد أكدت في وقت سابق أن عددا معتبرا من الشباب بمعسكر سيستفيد من المخطط الأزرق الممول من طرف الوزارة الوصية، وتشرف على تنظيمه مختلف الجمعيات الشبانية، ضمن برنامج لإنقاذ الشباب من تعاسة الفراغ والملل والحرارة الموسمية التي تطاردهم من كل حدب وصوب، ناهيك عن ما لا يخفى عن الجميع بولاية معسكر أن هذه البرامج بالرغم من أهميتها لا تخضع بتاتا لطرق الإعلان والترويج لها حتى تأخذ قسطها من الشفافية، فتنعكس إيجابا على الأقل على نفسية الشباب من الشريحة المسلط عليها الضوء، والتي صارت تتذمر من الوضع بالقول «ما كان والو ما شفنا والو».

جمود ثقافي وصيفيات بطعم ممل

وقد صارت ظاهرة التوجه لشواطئ مستغانم عبر طريق المامونية –المحمدية أهم مشهد يميز صيفيات شباب مدينة معسكر وضواحيها في كل موسم، عدا ما يلجأ إليه باقي سكانها للسفر عن طريق حافلات النقل الجماعي أو بواسطة مركباتهم الخاصة في ظل الغياب التام لمرافق الراحة والاستجمام المنحصرة في المسابح التي يوجد بعضها مغلقا بسبب الاهتراء أو بين قبضة التسيير المتسيب الذي يحتكر استغلال المسابح على فئة من المواطنين دون غيرها تتقاسم عامل الاشتراك الدوري لدى مصالح الشبيبة والرياضة أو العلاقات الطيبة مع مسير المسبح، فضلا عن جمود الأنشطة الترفيهية والثقافية بمعسكر خلال فترة الصيف يضاف إليها عامل الحرارة المرتفعة التي تفرض حظر التجوال بمدن الولاية، فتجبر سكانها على ملازمة بيوتهم إلى ما بعد ساعات العصر.