طباعة هذه الصفحة

نداءات من أعماق «المحروسة»

جمال أوكيلي

النداءات الصادقة المنبعثة من أعماق وجدان أعضاء ناشطين من مؤسسة القصبة باتجاه السلطات العمومية بخصوص العودة القوية لأناس استفادوا من عمليات الترحيل بسكنات لائقة، إلى دويراتهم القديمة لعلّ وعسى يسعفهم الحظ في الحصول على شقق أخرى، من خلال تمرير ملفاتهم بطرق ملتوية.. مانعين عائلات أخرى من هذا الحق، وهي تنتظر الفرج في كل لحظة، للخروج من هذا الجحيم.
السيد عثمان بوراس يتابع عن كثب هذه القضية، بحوزته كل التفاصيل المتعلقة بالأشخاص الذين غادروا القصبة، حاملين قرارات إعادة الإسكان خارج هذا الصرح، غير أن الصدمة إقدامهم على إقتحام المنازل التي تعّهدوا بأن يسلموها إلى الجهات المعنية، لكن الواقع غير ذلك بتاتا يكفي القيام بإطلالة في أرجاء هذا المعلم الحضاري، وبالضبط على مستوى عناوين الأزقة والممرات والبنايات المصنّفة بالرمز الأحمر ليلاحظ أن هناك غرباء يقطنون في دور مسجلة على أساس أنها شاغرة بحكم ترحيل أهلها.
هذه الوضعية المتفاقمة من يوم لآخر تقلق كثيرا أعضاء مؤسسة القصبة إلى درجة أنهم يسعون بكل ما أوتيوا من قوة لإخطار السلطات العمومية بما يقع من تجاوزات منافية للقانون، لا يمكن السكوت عنها أبدا أو التواطؤ مع أصحابها، علما أن القانون الأساسي لمؤسسة القصبة يسمح برفع ومتابعة هؤلاء قضائيا.
إلا أن الخيار الحالي يقوم على تحسيس من يهمهم الأمر خاصة الوالي المنتدب، والبلدية بأن الوضع لا يطاق فيما يتعلّق باستفادة أفراد غير مؤهلين لذلك، إما بالتحايل على الإدارة المعنية، أو منحهم سكن ثان وثالث ورابع، دون أي مساءلة تذكر.. بالرغم من وجود البطاقية الوطنية التي تعترض على مثل هذه الأفعال التي يردعها القانون.
وضمن هذا الإطار، فإن مؤسسة القصبة نقلت هذا الانشغال الحاد إلى المسؤولين السالفي الذكر، وهي في انتظار اتخاذ الإجراءات المناسبة ضد هؤلاء، رافضة أن يسير الحال على هذا المنوال، أو فرض أمر واقع مناف تماما للمساعي الجديدة للسلطات العمومية التي تشدّد على اختفاء هذه الظواهر السلبية والتي أضرت كثيرا بسمعة القصبة.
إستفحال هذه السلوكات المشينة والتصرفات الغريبة حتّم على مؤسسة القصبة فتح هذا الملف بكل شجاعة من أجل إبلاغ السلطات العمومية بما يقوم به البعض، الذين اغتموا الفرصة لأخذ ما ليس لهم به حق وهذا بالتغلغل خلسة وليلا إلى إقامتهم القديمة في أحياء معروفة جدا لدى هذه المؤسسة من أجل الاستيلاء على ملك غير ملكهم.
وهذا الواقع الجديد في القصبة أثار ثائرة كل غيور الرافض لتحويل هذا الفضاء العمراني إلى سجل تجاري، ومصدر ثراء للبعض الذين اعتادوا على مثل هذه الممارسات غير اللائقة، وما يستدعي الانتباه هنا، هو أن مؤسسة القصبة بحوزتها ملفا موثّقا في هذا الشأن يتعلّق بالأشخاص والمنازل وكل وافد جديد جاء يبحث عن عنوان لا يعرفه.
وهذا كله يؤكد وجود شبكة منظمة متخصّصة في سكنات القصبة يتطلّب الأمر تفكيكها إن آجلا أم عاجلا، حتى يتوقّف كل هذا النهب مرة واحدة وتعاد الأمور إلى أوضاعها الطبيعية.