طباعة هذه الصفحة

«الشعب» تستطلع الشارع القسنطيني

متعاملون، منظمات خيرية ومصالح الأمن في الميدان

@ قسنطينة: مفيدة طريفي

تشهد عاصمة الشرق الجزائري حالة تأهب، جراء التخوف من انتشار وباء فيروس كورونا عبر محيطها وبلدياتها. لهذا، أنشئت لجان ولائية وبلدية وتجندت مؤسسات أمنية ومدنية وجمعيات من أجل التحسيس ومد يد العون لتوفير الإمكانات المادية والمعنوية لتفادي انتشار «كوفيد 19»، سيما بعد تصاعد عدد الإصابات بالجزائر لأزيد من 200 حالة مؤكدة، ما دفع إلى رفع درجة التأهب والعمل على توفير ما أمكن من مواد الحماية من كمامات وقفازات ومحلول كحولي عبر كافة المؤسسات العمومية والمستشفيات والمصحات العلاجية.

قامت «الشعب» بجولة استطلاعية رصدت خلالها عملية تطبيق الإجراءات والتدابير المتخذة بقسنطينة، حيث لوحظ أن نسبة التغطية بالوسائل الوقائية غير كافية، لهذا عملت هيئات وحتى مواطنون وحرفيون على صناعتها للقضاء على الندرة. وعرفت عديد النقاط بالولاية ظهور ورشات خياطة حولت نشاطها بالكامل لتصميم وإعداد الكمامات الواقية وتوزيعها على المواطنين والمؤسسات العمومية.

مصانع ومؤسسات تضع إمكاناتها تحت التصرف

في إطار رفع درجة الحذر والحيطة وإعلان دخول الجزائر المرحلة الثالثة من انتشار الوباء، أعلنت عديد المؤسسات الاقتصادية الخاصة إلى مد يد العون لتوفير إمكانات مادية وبشرية، من بينها مجمع «بالما» الذي أعلن تضامنه، عبر بيان نشره عبر موقعه الرسمي، وتم إرساله لكافة القطاعات واللجان المسؤولة عن تسيير الأزمة.
والتزم المجمع بتسخير كافة الموارد المادية والبشرية التي يمتلكها المجمع، متمثلة في مصنع لإنتاج الحليب ومشتقاته بطاقة إنتاجية تقدر بـ100 ألف لتر/ يوميا، وتوفير مجموعة من وسائل النقل، إضافة إلى وسائل لوجيستيكية وإقامات مجهزة بالكامل، يمكن أن تساعد السلطات العمومية المعنية في مواجهة الأزمة وذلك بروح التضامن والتعبئة لمساعدة المواطنين.
المبادرة لاقت استحسانا كبيرا من المنظمات والجمعيات الخيرية، سيما منها الهلال الأحمر الجزائري الذي وجه نداء لأصحاب المؤسسات والمصانع لرفع روح التضامن والتطوع بغية الخروج من الندرة والنقص الذي يمكن ان يسجل في التكفل بالحالات المصابة في حال انتشار الوباء.

الهلال الأحمر يجند المتطوعين

من جانبه يسير الهلال الأحمر الجزائري وفق إستراتيجية دقيقة ومتكيفة مع الوضع الراهن لمجابهة وباء كورونا، تتمثل في جهود كل اللجان الولائية كلّ حسب قدراتها، لتعزيز نشاطها الميداني.
في ذات السياق، انطلقت اللجنة الولائية للهلال الأحمر بقسنطينة، التي بحوزتها ورشة خياطة لتتجند في هذا البرنامج بصنع الكمامات الطبية لتغطية طلبات السلك الطبي وشبه الطبي كأولوية.
وعملت على فتح باب التطوع في مقدمتها الخياطة، مع توفير إمكانية النقل، فضلا عن استقبال اكبر المتطوعين من أجل رفع مستوى التدخل عبر كافة إقليم الولاية. في هذا السياق، أكد رئيس المكتب الولائي الدكتور عبد النور علي لـ «الشعب»، أنهم بصدد العمل على توفير ما تيسر من الكمامات الطبية، حيث استقبلوا متطوعين لخياطتها، إضافة إلى فريق الهلال الأحمر.
واحتراما لعدم التجمع يتم أخذ المادة الأولية لمنازل المتطوعات والمتطوعين وعند انتهائهم يتم جمعها من منازلهم بطريقة منظمة، مضيفا أن الهلال الأحمر يفتح مكاتبه للمتبرعين من رجال الأعمال والمتطوعين في التصدي لأزمة فيروس كورونا.

مصالح الأمن تواصل التحسيس
من جهتها تساهم مصالح الأمن الولائي بخروجها للشارع في القيام بحملة تعقيم واسعة لتطويق انتشار الفيروس، حيث قامت المصالح بتجنيد كافة الوسائل المادية والبشرية تحت الإشراف المباشر لرئيس أمن الولاية للمساهمة في تنظيف وتعقيم شوارع الولاية، من خلال برنامج يشمل كافة أحياء وسط المدينة، علاوة على بلدياتها 12 ومدنها السكنية الجديدة علي منجلي وماسينيسا.
تتواصل العملية لمدة أسبوع، حتى يتم تعقيم كافة أحياء الولاية، فضلا عن بث نداءات عبر مكبرات الصوت للمواطنين بضرورة التزام منازلهم، حفاظا على الصحة العمومية والوعي بضرورة الحد من انتشار فيروس كورونا الخطير والسريع الانتشار، والخروج إلا في حالات الضرورة فقط.
وأعطت الحملة التوعوية نتائج إيجابية، بدءا بالتزام المواطنين بعدم مغادرة منازلهم إلا للضرورة وكذا استجابة أصحاب المطاعم والمحلات بالتوقف عن العمل استجابة للتعليمات الرامية لمضاعفة تدابير وجهود الحد من انتشار الوباء والقضاء عليه.
كما قامت ذات المصالح بخرجات ميدانية عديدة عبر تجنيد أعوان الشرطة لحفظ النظام العام في بعض الأماكن التي يقصدها المواطنون كمراكز البريد ونقاط بيع مادة السميد.
كما يتم الحرص على تطبيق تدابير الوقاية من خطر الإصابة بعدوى الفيروس، من خلال التأكد من تطبيق الإجراءات الاحترازية، على غرار احترام مسافة التباعد الاجتماعي بين المواطنين المحددة بمتر واحد، كما جندت كافة الإمكانات لضمان المرافقة الأمنية لعملية إجلاء المواطنين الجزائريين القادمين من الخارج (فرنسا ومصر)، حيث تم التكفل بمرافقة العملية أمنيا من المطار إلى غاية الفنادق المسخرة للحجر الصحي والتي سخر لها أزيد من 300 شرطي لتأمينها بشكل مباشر حتى انتهاء فترة الحجر الصحي المحددة بـ14 يوما.

بين ضرورة العمل والبحث عن إقامة قرب المستشفيات

في المقابل تواجه الأسرة الطبية، على رأسها الأطباء وعمال شبه الطبي، إلى جانب العمال المهنيين وأعوان الأمن، بمختلف المستشفيات، خطر الإصابة بعدوى فيروس كورونا، خاصة وأنهم الجبهة الأولى المرابطة في مواجهة خطر العدوى ونقلها بطريقة سريعة لعائلاتهم، ما يزيد من تعقيد الوضع، في ظل نقص فادح في وسائل الوقاية (مثل الكمامات التي يلاحظ استعمالها عشوائيا من بعض المواطنين خلافا لتوجيهات الأطباء)، مقابل تعدد مصادر تنقل الفيروس في مختلف الأقسام الطبية على رأسها قسم الأمراض المعدية، الصدرية ومخبر التحاليل، حيث أنهم مطالبون بضمان تغطية صحية دائمة في صور لرفع التحدي يستحقون مقابله التقدير.
ويعتقدون، وهو أمر وارد، في ظل ضعف جدار الوقاية، أنه في حال تفشي المرض سيكونون ضمن أكبر حصيلة من المصابين من قطاع الصحة، خاصة الأطباء. لذا، يقول احدهم، «نطالب بتوفير الإمكانات لأداء واجبنا المهني والانساني»، حيث أكد عدد من الأطباء أنهم متخوفون من إصابتهم بالفيروس في ظل ندرة وسائل الحماية.
 للعلم، أن أغلبية عمال قطاع الصحة من فئة النساء، وأمام فرض العمل دون أخذ إجازات وغلق الحضانات، وجدت الكثيرات منهن صعوبة في العثور على مكان لإبقاء أبنائهن، خاصة وأن البعض متخوفون من خطر العدوى ويفضلون عدم الاحتكاك بهن، وهو ما خلق لهن مشاكل. علما أن هناك طبيبات يعملن خارج الولاية التي يقطن بها، كما تضطر بعض الحوامل في ظل نقص اليد العاملة والأطباء، إلى العمل في هذه الظروف، رغم أنهن الأكثر عرضة للإصابة بسبب نقص المناعة بسبب الحمل.

كنفدرالية أرباب العمل  تتبرع بمواد وقائية

في المقابل، كشف رئيس المكتب الولائي لكنفدرالية أرباب العمل بقسنطينة «الهامل مرنيز»، في إطار العمل المشترك، رفقة أحد أعضائه شركة «فيطوكس»، أنه تم تقديم كمية من المواد المطهرة عالية الجودة من أجل محاربة فيروس كورونا وقارورات غازية مطهرة كدفعة أولى، في انتظار استمرار عمليات التبرع الأيام المقبلة.
وقام المكتب الولائي بدعوة كافة المتعاملين الاقتصاديين للانضمام للمبادرة التطوعية والعمل بالتنسيق للتصدي لهذا الوباء. كما سيتم الاجتماع مع مؤسسة القروض المصغرة «أونجام» وجامعة قسنطينة (3) لاطلاق مبادرة صنع الكمامات، حيث سيتم خياطتها من طرف النساء المستفيدات من القروض المصغرة كمتطوعات والكنفدرالية تتكفل بشراء المواد الأولية والجامعة متطوعة بعملية تعقيم الكمامات وسيتم الانطلاق في العملية الأيام القليلة القادمة.

فعالية ملحق التحاليل بعد استغلاله لفريق باستور

أكد مدير الصحة لولاية قسنطينة، أن الملحق الخاص بالتحاليل الطبية والكائن مقره بالدقسي، المتواجد منذ سنوات ويقوم بمهام صحية، سيتم استغلاله مجددا من طرف معهد باستور كملحقة له، في ظل الأزمة الصحية التي فرضها «كوفيد-19»، وذلك للتخفيف من الضغط الكبير الذي يعرفه معهد باستور بالجزائر العاصمة، ما تسبب في تأخر ظهور النتائج لمدة تجاوزت 3 أيام وهو ما يؤثر على اتخاذ الاجراءات الاحترازية في الوقت المناسب.
ودفع هذا الجهات المختصة للقيام بتجهيزه بكافة الإمكانات اللازمة للعمل، من خلال أجهزة طبية وعلمية والشروع في استقبال العينات المشتبه فيها على المستوى الجهوي، لتخفيف الضغط على المعهد المركزي، وهو الملحق الطبي الذي إلتحق به فريق طبي، أمس الأربعاء، من معهد باستور المركزي لضبط الأمور التقنية والانطلاق في العمل مباشرة.

«اقعد في دارك تحمي نفسك وغيرك» يلقى استجابة
عرف شعار «اقعد في دارك تحمي نفسك وغيرك» استجابة قوية من طرف العائلات، سيما منهم الفئة الشبابية، حيث تجدهم يؤكدون على أن خروجهم للشارع لن يفيد بشيء، بل سيرفع من إمكانية إصابتهم بالفيروس وقد يقضي على عائلتهم وفي مقدمته أولياءهم.
في خرجة ميدانية قامت بها «الشعب» لعدد من أحياء وبلديات الولاية، لوحظ مدى استجابة المواطنين لحملات التوعية الجوارية والتي أطلقت أيضا عبر مواقع التواصل الاجتماعي والتحسيس من خلالها بخطورة الوضع في حال انتشار الوباء في ظل ضعف الإمكانات ووسائل الإنعاش بالمؤسسات الإستشفائية حالة زيادة الاصابات.
وتحول وسط المدينة لمكان خال من الحركة، بعد أن أغلقت المحلات والمطاعم أبوابها تماما استجابة لتوجيهات الوقاية التي أعلتنها السلطات العمومية لعزل الوباء الذي ينتشر بالملامسة وانعدام شروط النظافة، لتقتصر الحركة على عدد محدود من السيارات والتي تجد أصحابها خرجوا من أجل قضاء حاجياتهم والعودة الى منازلهم مباشرة خوفا من التقاط العدوى.