طباعة هذه الصفحة

«الشعب» ترصد أجواء رمضان في ظل كورونا بسكيكدة

توافد على الأسواق وإخلال بالإجراءات الوقائية

خالد العيفة

اعتاد سكان سكيكدة على التلاحم والتضامن في شهر رمضان الكريم، ملتزمون بعادات توارثوها عن الأجداد على غرار الالتفاف حول الموائد الرمضانية والإفطار الجماعي وصلاة الجماعة والتراويح، كل ذلك أجل هذه السنة إلى غاية زوال هذه الجائحة، حيث سيصوم ويفطر غالبيتهم على وقع التغيير الطارئ. فالوباء فرض إجراءات استثنائية غيرت من طقوس شهر الصيام، فلا تراويح ولا مساجد مفتوحة ولا حتى أسواق يومية مثل العادة. «الشعب» ترصد هذه الأجواء بعين المكان.

افتقد السكيكديون هذه المرة للإفطار على رمال الشواطئ بسبب الحجر الصحي، حيث وجدت العائلات التي اعتادت الخروج لتناول وجبة الإفطار على شاطئ البحر صعوبة في تقبل الأمر، لأن هذه العادة كانت من أجل البحث عن النسمات اللطيفة والهواء النقي، بعيدا عن ضجيج المنازل.
كما أن غلق الواجهة البحرية الممتدة شرقا من شاطئ بن مهيدي، وغربا إلى كورنيش سطورة، خلال النهار، ومنع التجوال ليلا، حرم الكثير من سكان عروس المتوسط، الاستمتاع بهذه المواقع، وعلى الخصوص ميناء الصيد والترفيه بسطورة، الذي كان يكتظ بالعائلات خلال سمريات الشهر الفضيل ويشتد التوافد عليه من كل حدب وصوب، محولا المكان الى قبلة للسهرات مباشرة بعد الإفطار.

العائلات تحافظ على أطباقها التّقليدية رغم رياح التغيير

تسعى العائلة السكيكدية للاحتفاظ بالعادات التي تميزها عن غيرها في كل مناسبة، وحرصا منها على تقديم طبق شربة «الفريك» و»المسفوف» طيلة شهر رمضان، فلا تخلو أي مائدة رمضانية من هذين الطبقين، رغم أن رياح التجديد عصفت بالعديد من العادات وأضحت الأطباق العصرية سيدة المائدة ولا يمكن أن تخلو منها خلال هذا الشهر.
لازال «البوراك» يتصدر الافطار أيضا، الذي يعتبر مكملا للشربة، كما يعدّ تحضير «مرقة حلوة» أو ما يعرف «بطاجين الحلو» شرطا أساسيا في أول يوم من شهر رمضان، بسبب الاعتقاد السائد بأنه سيجعل أيام الصيام حلوة كحلاوة هذا الطبق. بالمقابل، نجد مائدة السحور هي الأخرى مازالت تحافظ ولو قليلا على طبقها الرئيسي «المسفوف»، الذي تتفنّـن في إعداده السكيكديات كطبق خفيف يستهوي الكبير والصغير، غير أن البعض تخلى عنه وعوضه بكوب حليب وبعض الحلويات أو البريوش.
بحسب شهادات ربات بيوت لـ «الشعب»، فإن أغلب العائلات القُلية بالخصوص، مازالت تفضل بعض الأطباق الشهية التي تساعد وتفتح شهية الأكل لدى الصائمين ومنها طبق شربة السمك، التي لا تغادر الموائد الرمضانية رغم الغلاء الفاحش لمكوناته البحرية وقلتها. فهذه الأكلة من أهم العادات والتقاليد التي تميز الشهر الفضيل في المنطقة والتي توارثتها العائلات أبا عن جد، إلا أنها في الوقت الحالي وبسبب ارتفاع أسعارها، والتجديد المتغلغل الى في الأطباق بات مهددا.
 نفس الأمر يمكن قوله عن «الكسكسي بالسمك» الذي كانت لا تخلو أية مائدة منه طيلة شهر رمضان، حيث كان أكلة تقليدية تخص هذه المدينة العريقة، لكنه عرف التراجع في إعداده من قبل العائلات القلية، تماشيا مع رياح التجديد وانخفاض القدرة الشرائية.

أسعار الخضر والفواكه  ليست في المتناول


تعرف أسعار الخضر والفواكه في أسواق سكيكدة إنزالا لمواطنين لم يلتزموا في الغالب بنظام التباعد تفاديا لانتشار فيروس كورونا، لاسيما في الأسبوع الاول من رمضان، خاصة بلديات عزابة والحروش، وتبعتها ممارسات سلبية لكثير من التجار الذين يفضلون الربح السريع ولو في شهر التآزر والتضامن
«الشعب»، وخلال جولة استطلاعية عبر محلات عاصمة الولاية وأسواق الخضر، وقفت عند الطاولات التي تعدت أغلبية أسعار الخضر فيها سقف 100دج للكيلوغرام الواحد، بالرغم من وفرة المنتوج، فقد بلغ سعر الكيلوغرام الواحد من الجزر 60 دج، و البطاطا تراوحت بين 40 و50دج حسب النوعية، الطماطم بـ120دج، والكوسة تراوحت بين 120 و140 دج للكيلوغرام الواحد، والسلطة ارتفع سعرها إلى حدود 100دج للكيلوغرام الواحد، أما اللفت فقد بلغ سعره 80 دج للكيلوغرام الواحد،
ولأن التمر ضروري على كل مائدة جزائرية عند الإفطار، أسوة بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم، إلا أن طمع كثير من التجار حال دون الوصول إليها من طرف محدودي الدخل، لارتفاع أسعارها التي تراوحت بين 500 و1000 دينار للكيلوغرام الواحد .
وبخصوص اللحوم، فإن أسعارها لاتزال مرتفعة ولم تعرف طريقها للانخفاض، رغم وعود الوصاية. فسعر الكيلوغرام الواحد من لحم البقري بلغ 1400دج، أما الغنمي بـ1500دج والدجاج 250 دج.
وتبقى مادة السميد في حالة ندرة بمحلات تجار الجملة، او محلات التجزئة، الامر الذي يجعل من تصريحات المسؤولين على المستوى الولائي، للاستهلاك الإعلامي، وتغطية الشمس بالغربال، رغم ان مطاحن الولاية ساهمت في التخفيف على بعض الولايات المجاورة من ازمة هذه المادة الأساسية لكل بيت سكيكدي.

ربات البيوت تتفنـنَّ في صنع البيتزا والحلويات

شهر الصيام لهذه السنة في ظل الإجراءات المتخذة لمحاربة فيروس كورونا، كسر الروتين المعروف بمدينة سكيكدة وغيب «البيتزا» بسبب غلق المحلات المشهورة بإعدادهما والتي استقطبت العديد الصائمين من الولايات المجاورة، الذين يقطعون عشرات الكيلومترات من أجل اقتناء هذه الأكلة ذائعة الصيت، حيث لا تكاد موائد الشهر الفضيل في هذه المنطقة تخلو من هذا الطبق الذي غالبا ما يتم تناوله مع طبق الحساء، إلا ان الظروف الحالية جعل اختفاءها يبرز بشكل آخر، مما ادى الى تجند ربات البيوت في إعدادها بالمنازل، إضافة الى باقي الحلويات من «الميلفاي» المطلوب كثيرا خلال هذا الشهر الفضيل، وحتى «البريوش»، تفنّنت في إعداه المرأة السكيكدية.
خلال جولة خفيفة لنا بإحياء المدينة في نهار اليوم الأول من الشهر الكريم، المحلات بالشارع الرئيس «ديدوش مراد» والمعروف عند أبناء المدينة بشارع «الأقواس» مغلقة، وبما ان أغلب المحلات المشهورة بصنع وبيع أجود الحلويات والبيتزا، توجد على مستوى هذا الحي، فالحركة كانت قليلة جدا، نقيض العادة أين تكون الحركة كثيفة بهذا الشارع الرئيس الى وقت متأخر من المساء، أما خلال السهرات الرمضانية الماضية، فالشارع مكتظ الى وقت متأخر من الليل.

مخطط أمنى ووقائي
سخرت مصالح أمن سكيكدة، خلال شهر رمضان العظيم، كافة إمكاناته المادية والبشرية تحت الإشراف المباشر لرئيس أمن الولاية بوربيع زهير، أين وضع تشكيلات أمنية من الفرق العملياتية، بلغ مجمل التعداد المقحم ضمن هذا التشكيل أكثر 2100 شرطي، منهم 1400 مقحم بصفة مباشرة و700 بصفة غير مباشرة وهذا لضمان أمن وسلامة المواطنين في أرواحهم وممتلكاتهم، خاصة أن شهر رمضان لهاته السنة يأتي في ظروف استثنائية في ظل تفشي فيروس كورونا.
المخطط يعتمد على العمل الجواري والوقائي ويرتكز هذا الأخير على تعزيز التواجد الشرطي، خاصة في الطرق والشوارع الرئيسة ومحاور الدوران التي ستسهر على سيولة حركة المرور والتي تعرف نشاطا كبيرا.
من جانب آخر استمرار الحملات التحسيسية والوقائية عبر كامل إقليم اختصاص وعبر كافة الدوائر، خاصة الأماكن التي تعرف إقبالا كبيرا من طرف المواطنين، مثل الأسواق والمحلات التجارية، مع تكثيف مراقبة الأنشطة التجارية بالتنسيق المصالح المعنية للوقوف على مدى تطبيق شروط النظافة والصحة، والتطبيق الصارم للمراسيم التنفيذية الخاصة بالوقاية من فيروس كورونا، خاصة ما يتعلق بإجراءات الحجر الجزئي ومنع التجمعات، بالإضافة الى تكثيف الدوريات الراكبة والراجلة بالنسبة لفرق الشرطة القضائية ومحاربة الجريمة بكافة أشكالها.