طباعة هذه الصفحة

المواطن في مرحلة التعايش مع الوضع الصحي

منتزهات العاصمة تسجل توافدا كبيرا رغم الوضع الصحي المقلق

إستطلاع : آسيا مني

 بوشاوي ... خوف يتبدّد وحياة تتجدّد

لا تزال متنزهات العاصمة تسجّل توافدا كبيرا للزوار رغم الوضع الصحي المقلق، الذي حذرت منه وزارة الصحة ودعت المواطنين إلى ضرورة أخذ الحيطة والحذر، خاصة على مستوى الأماكن العامة خوفا من تحوّلها إلى بؤرة لانتشار العدوى، بعد تبدّد المخاوف ودخول المواطن مرحلة التعايش مع الوضع، ما جعلهم يتهاونون في التقيّد بمختلف إجراءات الوقاية.
 
مئات الزوار من مختلف الأعمار والفئات إلتقيناهم عبر هذه الفضاءات الحيوية، يجلسون تحت ظلال أشجار الغابة يركضون بين مساراتها، وآخرون يفضلون ممارسة هوايتهم المفضلة في الصيد بميناء الجميلة وكذا خليج الجزائر، لتصنع هذه الفضاءات مجدّدا فرحة الأطفال ومتعة الكبار بعد فترة غلق طويلة بسبب الإجراءات الوقائية والتدابير الاحترازية.
إسترجعت غابة بوشاوي، مركب سيدي فرج، ميناء الجميلة غرب العاصمة، خليج الجزائر وأرديس حيويتها بعد أن تبدّد الخوف في نفوس الباحثين عن الراحة والإستجمام، فدخول المواطن مرحلة التعايش مع الوضع الصحي، جعل الأخذ بالاحتياطات اللازمة كارتداء القناع الواقي وتعقيم اليدين أمرا لابد منه من أجل التحكم في الوضع.
 
متعة الهواء النقي...وسط الأشجار الشامخة بغابة بوشاوي

وجهتنا الأولى كانت بغابة بوشاوي الواقعة ببلدية الشراقة غرب عاصمة البلاد، حيث كان الجو طبيعيا مميزا على وقع أصوات حوافر الخيول وأصوات الأطفال، الذين كانوا في قمة السعادة والفرح بعد غياب طويل لاستمتاعهم بالألعاب التي كانت معروضة عليهم بساحة بوشاوي، التي صنعت مجدّدا فرحتهم وكأنهم يحاولون تدارك كل ما فاتهم بسبب الحجر الذي فرض جراء الوضع الصحي، فرغم الدخول الإجتماعي إلا أن الغابة تسجل يوميا توافد العائلات إليها.
«الشعب» كان لها حديث مع عدد من المواطنين ممن إلتقيناهم على مستوى غابة بوشاوي، حيث أبدوا سعادتهم لعودة يومياتهم الطبيعية مرة أخرى، عبر هذه الأماكن التي كانت تشكل في وقت ليس بالبعيد المتنفس بالنسبة لهم وفضاءات للإسترخاء والإبتعاد عن ضجيج المدينة والإنتعاش بجو نقي وقضاء أوقات مريحة، إذ تعد الغابة المكان المفضل للكثيرين نظرا لشساعتها والخدمات المقدمة على مستواها التي تعرف تحسنا في كل مرة، حيث اغتنمت السلطات قرار غلقها بسبب جائحة كورونا لإعادة تهيئتها.
ولدى تواجدنا بغابة بوشاوي التي تصادفت مع عطلة نهاية الأسبوع، لاحظنا إلتحاق الكثير من الأشخاص للإستمتاع بأجوائها الطبيعية وممارسة الرياضة على غرار ركوب الدراجات والخيل أو قضاء وقت في ممارسة الهوايات التي يفضلونها أو شرب الشاي بعد طول غياب، صور جعلتنا لوهلة نتناسى الوضع الصحي وكأن مشاكل الحياة توقفت عند هذه الأجواء، خاصة وأنهم يمارسون فيها رياضة العدو والمشي ويتمتعون بهوائها النقي المريح.
ووسط الأشجار الشامخة من الصنوبر الحلبي والكاليتوس، حاولنا محاورة بعض الأشخاص ممّن كانوا يجلسون تحت أوراقها أو يركضون بين مساراتها، قال المواطن كمال الذي كان برفقة زوجته أمال أنه يشعر بإرتياح كبير لعودة الحياة إلى طبيعتها، حيث تبدّد الخوف الذي كان قابعا على نفوسهم وجعلهم في وقت ليس بالبعيد، تحركاتهم فيها الكثير من التحفظات.
 وتمكّن بمرور الوقت من تجاوز مرحلة التردّد التي كانت تنتابه خوفا على صحته وصحة عائلته، مع العودة التدرجية إلى الحياة العادية بعد أن كانوا حبيسي المنازل لفترة طويلة أنستهم متعة الحياة وزيارة المنتزهات، مرة أخرى شريطة أخذ كل الإحتياطات الضرورية من أجل تفادي الإصابة بفيروس كورونا مجددا.

ميناء الجميلة..يصنع البهجة  وسط هواة الصيد

وليس بعيدا عن غابة بوشاوي إلتحقنا بميناء الجميلة ببلدية عين البنيان الذي شكل وجهتنا الثانية، حيث إلتقينا خلالها بالعديد من العائلات التي أبدت سعادتها لعودة الحياة إلى طبيعتها بعد تخوفات من الوضع الصحي الراهن، ما تسبب في الحد من تنقلاتهم مؤكدين تعايشهم مع الوضع الصحي الراهن، حيث يقضون اليوم أوقاتا من الراحة رفقة أفراد العائلة بهذا المركب السياحي.
مركب سيدي فرج غرب العاصمة وجدناه هو الآخر يعج بالعائلات الجزائرية التي تنقلت إليه لقضاء وقت مريح  يعيد إليهم متعة أيام غيبتها جائحة كورونا لشهور عدة، حيث تقاطعت آراء المواطنين ممّن تحدثوا مع «الشعب» بأهمية هذا الفضاء الذي ينسيهم ضغط المدينة، فبعد غياب دام لأشهر، هاهم اليوم يقصدونه مجددا لقضاء أوقات من الراحة والمتعة رغم التحذيرات المستجدة، إلا أنهم يصرون على الذهاب، من أجل الترفيه عن النفس محاولين أخذ الحيطة في تعاملاتهم.
وبعد أن غادرنا الجهة الغربية للعاصمة متوجهين نحو شرقها بالضبط عند الواجهة البحرية لخليج الجزائر الممتد على طول 4 كلم من مصب وادي الحراش، حيث وجدناه يعج هو الآخر بآلاف الأشخاص، وهذا لما يتميز به من مناظر ساحرة جعلته يسكن قلوب الزوار الذين يقصدونه من كل حدب وصوب خاصة من الجهة الشرقية للعاصمة، مقومات جعلت منه مقصدا للكثيرين ممن يعشقون زرقة مياهه، إضافة إلى تواجد حلبة لكرة المضرب والتنس وفضاء للعدو، جعلها تستقطب الكثير من السياح والرياضيين الذين كانت فرحتهم كبيرة بفتح أبوابها مجدّدا أمامهم.
 وفي هذا المقام، كان لنا حديث مع المواطن حكيم، الذي أكد في تصريح لـ»الشعب» أنه في البداية كان يتخوف كثيرا من التنقل إليها خوفا من عدوى فيروس كورونا، غير أنه وبمرور الوقت تمكن من كسر الخوف الذي كان بداخله وإن كانت الزيارة الأولى إليها يضيف محدثنا قائلا «فيها بعض من التحفظ غير أن الجو العام جعله في كل مرة تسمح له الفرصة يقصدها رفقة أصدقائه من أجل الإبتعاد عن ضغط العمل، حيث نقوم بجلب وجبة غذائية أو مجموعة من الحلويات والشاي وتناولها على مستوى الطاولات الخشبية المتواجدة بها.
 بدوره أبدى السيد محمد إعجابه  بهذا المنتزه الذي يزوره بشكل دائم كلما سمحت له الفرصة رفقة  أفراد عائلته، حيث يقضي أوقاتا مريحة وآمنة على مستواها، وفي هذا المقام دعا محمد السلطات بضرورة مرافقته من أجل ضمان تقيّد المواطنين بشروط الوقاية من فيروس كورونا وحتى لا يكون بؤرة لانتشار المرض أكثر مجددا.
 
 «أرديس»...الصناعات التقليدية في الواجهة

لم يستثن فضاء أرديس ببلدية المحمدية القاعدة، حيث بات يستقطب المئات من العائلات بعد طول غياب  ليشكل مرة أخرى منتزها بحريا بامتياز، لما يزخر به  من مرافئ صخرية وطاولات خشبية منصبة على مستواه، تجذب إليها العديد من السياح والعائلات خاصة، حيث تتجمع العائلات لقضاء أوقات مريحة، كما تفضل عائلات أخرى تناول وجبات العشاء أو الغذاء على مستواها، من خلال تحضير أشهى المأكولات واصطحابها معهم للاستمتاع بجوّها الجميل الذي زادته نسمات البحر العليا رونقا.
والحديث عن ارديس يجعلنا نتحدث عن الفضاءات الخاصة بعرض الصناعات التقليدية، التي تشكل لوحة فنية بامتياز، لأهم ما تزخر به الجزائر من صناعات محلية ذات جودة عالية هذا المعرض الذي عاد للواجهة مجدّدا لعرض منتوجات لاقت إستحسان العديد من المواطنين، وهو ما يترجمه التوافد الكبير له، حيث يسجل يوميا زيارة مئات المواطنين بعد أن عرف ركودا كبيرا جراء جائحة كرونا.
وعلى الرصيف المؤدي لواجهة البحر، سجلنا عودة باعة ألعاب الأطفال والشاي والفول السوداني، حيث يقوم الأطفال بإقتناء الطائرات الهوائية ليحلقوا معها في سماء أرديس وتحلق معهم فرحتهم بعد أن غيّبها الوباء صيفا كاملا.
وفي هذا المقام، عبر عدد من العائلات في تصريح لـ»الشعب «، عن إعجابهم بهذا المنتزه العائلي الذي بات مقصدا للعائلات، خاصة من المناطق المجاورة بحثا عن هواء منعش وجو يرتاحون فيه من ضغط العمل محاولين من خلاله تناسي الأيام الصعبة التي قضوها جراء الأزمة الصحية، متأملين  نهاية كابوس فيروس كورونا وأن لا يكون لهذه الأماكن الترفيهية التي تجمع الكثير من الأشخاص أثارا سلبية على صحتهم.
 وتجدر الإشارة هنا، أننا سجلنا احترام كافة الاحتياطات الضرورية، على غرار استعمال السائل المعقم وكذا احترام ارتداء الكمامات مع تفادي المصافحة والتجمعات، حيث تقتصر على أفراد العائلة فقط بعيدا عن الأشخاص الغرباء.

أصحاب المحلات التجارية يرحبون بعودة الزبائن

وكان لنا حديث مع عدد من أصحاب المحلات التي تنشط على مستوى هذه المنتزهات السياحية، حيث أكدوا في تصريح لـ»الشعب»، تأثرهم  الكبير جراء إنتشار وباء كوفيد-19، وأيضا بفعل الإجراءات الوقائية التي اتخذتها السلطات العمومية للحد من إنتشار هذا الفيروس وفرض حجر صحي على البلاد وغلق محلاتهم، وهاهم اليوم يسترجعون نشاطاتهم تدريجيا، خاصة بعد تسجيل تخوفات من قبل المواطنين في الارتياد على المطاعم خوفا من الوباء بعد قرار إعادة فتحها، حيث سجلوا في بداية الأمر عزوف الإقبال عليها.
لتسترجع اليوم يؤكد أحد أصحاب المطاعم المتواجدة بغابة بوشاوي، بذلك مختلف المواقع السياحة بعاصمة البلاد نشاطها بعد أن تأثرت تأثرا بليغا بفعل إنتشار وباء كوفيد-19 ليعودوا لحياتهم المهنية بشكل عادي، حيث يتم تسجيل توافد هام للمواطنين يوميا، علينا التحكم في الوضع وأن لا تكون القرارات المتخذة سببا في عودة إنتشار الوباء من ناحية، ومن ناحية ثانية تجسيد حرص السلطات على عودة النشاط الاقتصادي شيئا فشيئا إلى جانب النشاط السياحي ومختلف الخدمات.
ولكن اليوم همنا الوحيد  يضيف قائلا:» التعايش مع الوضع والتحكم فيه إلى أن يزول هذا الوباء، على اعتبار أن جميع النشاطات تضررت، كما أن المواطن أصبح يعيش ضغطا اجتماعيا واقتصاديا ونفسيا، وهي من بين الأسباب التي جعلت المخاوف تتبدد في نفوسهم وتجعلهم يتوافدون بشكل كبير على هذه المنتزهات للترفيه عن النفس، من جهة، والعودة لحياتهم الطبيعية، من جهة أخرى».
  وهنا تحرص هذه المحلات، عملا بتعليمات السلطات، وحسب تأكيدات أصحابها لنا على ضمان وضع قواعد صحية لتفادي السقوط في بؤر لانتشار الوباء بعد أن ألقت بظلالها على القطاع السياحي وجعلت هذه المنتزهات تغلق أبوابها، والآن تجد كافة الظروف الملائمة مهيأة من قبل أصحاب المحلات، من خلال توفير مادة التعقيم والحرص على النظافة الدائمة.
 ودعا عدد من أصحاب المحلات إلى إتباع البرتوكول الصحي الذي تتبناه وزارة الصحة، والذي يشدّد على أن لا تكون هذه المحلات بؤرا لانتشار العدوى وتحافظ على الحد الأدنى من نشاطها لتغطية أعبائها الاجتماعية والاقتصادية من جهة، ومن جهة أخرى، تبقى المسؤولية كبيرة على المواطنين الذين يرتادون هذه المنتزهات والمطاعم ومناطق أخرى للاستجمام، حيث توجب أن تكون لهم درجة عالية من الوعي للحفاظ على قواعد الصحة العمومية وقواعد الوقاية من هذا الوباء، خاصة على ضوء ارتفاع الإصابات مجددا.