طباعة هذه الصفحة

الدّيـوان الوطنـي لتنمية تربية الخيـول والإبـل بتيارت

تطويـر سلالة الخيـول وتنظيــم سجلات الأنسـاب

عمارة عمر

يعتبر الديوان الوطني لتنمية تربية الخيول والإبل بتيارت من بين أقدم الدواوين العالمية، وتمّت هيكلته عام 1986، ثم أعيدت هيكلته بتسمية الديوان الوطني بموجب مرسوم بتاريخ 22 ماي 2002، ومن خلاله إعادة النظر في قوانين الديوان، ومنه انتقلت التسمية الى ما هي عليه الآن.


 الديوان الوطني يعنى بسلالة الخيول وتربيتها، أوكلت إليه مهمة ترويج تربية الخيول الإبل، وكذا تنمية الحمولة الوراثية، والتنسيق بين مراكز التربية ومحطات السفاد (تهجين الخيول بواسطة عملية التزاوج).
من بين أهداف الديوان أيضا تنظيم وإصدار كتب الانساب والمعاونة التقنية للمربين والمستخدمين للخيول والابل، ومنها رياضات الخيول والسباقات.
وفي سنة 2006 وضع حيّز التطبيق برنامج وطني لتنمية الخيول والإبل، وكذا إعادة تنظيم مصالح الديوان من طرف المديرية الجديدة، خطة العمل تتحقق بتمويل الديوان بإمكانيات مادية، وذلك بتغطية القطر الوطني ككل وإعادة مقراته. الديوان له محطات سفاد كثيرة تقدّر بـ 22 محطة عبر بعض الولايات، والتي توقفت بعضها عن النشاط بسبب نقص الأموال، وفي حالة تعافي الديوان ماليا ينوي حسب محدثنا السيد ياموني فتح مركز الكرمة بوهران وتمتين مراكز تيارت وقسنطينة وترميم 20 محطة سفاد.

مساعدة تقنية لرياضات الخيل

للتعريف بمهام الديوان، زرنا المقر الرئيسي بتيارت، وطرحنا السؤال على السيد ياموني احمد، أحد الإطارات الإدارية بالديوان،
والذي صرّح أن مهام الديوان تجدّدت بعدما وضع تحت وصاية وزارة الفلاحة والتنمية الريفية قصد الاحتفاظ بالحمولة الوراثية الوطنية للخيول والإبل عبر برامج تنموية لتربية الحيوانات. هذه البرامج مخصّصة للتكاثر بنسبة حمولة عالية للوراثة، تنظيم كتب الانساب للأجناس في الجزائر، تشكيل وإصدار كتب الانساب للإبل، وكتب الأجناس تعني إصدار بطاقة هوية لكل حصان أو إبل وتبقى عالمية.
كذلك يهدف إنشاء الديوان إلى ترويج النشاطات الوطنية والخاصة كإعادة تطوير المهن المرتبطة بالحصان والإبل، وتنظيم دورات تكوينية لفائدة المربين والأشخاص المهتمين بتربية الخيول، كما له مهام اخرى كالترويج للنشاطات التقليدية ذات الطابع الريفي، وإنتاج العتاد في النطاق المخصص له، كالسروج ولواحقها وألبسة الحصان والفارس، وتقديم المساعدة التقنية للرياضات الخيلية وكل ما يصب في سياسة تحقيق الشروط التقنية الاقتصادية لتطوير مخطط تكاثر وإنتاج سلالة الخيول والابل، ومن ثم مساعدة المربين لإنشاء مزارع الابل لإنتاج الحليب ولحوم الابل المطلوبة دوليا، وكذا تقديم المساعدات العملية التقنية المطورة للسلالات ومرافقة الباحثين في مجال تربية الخيول وإنتاج سلالاتها.
وعن دور المجتمع والمهتمين بشان الحصان، أضاف السيد ياموني لـ «الشعب ويكاند»، أن الديوان يقتصر على تقديم المساعدة التقنية لجمعيات مربي الابل، والمساهمة في تطوير منشآت الذبح المخصص للابل لكون ذبح الابل وسلخها وتقسيمها تتطلب مهارة خاصة، ويشرك الديوان في هذا النشاط الفيدرالية الخيلية الجزائرية ومؤسسات سباق الخيل، وتكثيف الشبكة الوطنية عن طريق مراكز ومحطات سفاد وإعادة تعمير المحطات ذات حمولة وراثية عالية لإعادة تمتين الخمولة الوراثية للخيول، بعد العطب الذي لا يزال يعيق العمل.
وعن تراجع إنتاج السلالات الحديثة للخيول، فإن ندرة الفحول أدت الى عدم التوازن بين المد والعطاء ضمن الخيول الفحلة، والتي تتجاوز العدد المطلوب وهو 80 فحلا لجميع المراكز.

شريك لمنظّمات دولية

الديوان الوطني لتنمية وتربية الخيول بتيارت معتمد وشريك لدى العديد من المنظمات الدولية كالمنظمة الدولية للحصان البربري والمنظمة الدولية للحصان العربي والمنظمة الدولية للحصان الانجليزي، وقد أثبتت الدراسات الدولية للمنظمات المذكورة أن الديوان الوطني الجزائري من أحسن الدواوين من حيث السفاد والتهجين والاعتناء بالحصان بسبب عدة عوامل، منها حب الجزائري للحصان الذي يعتبره من المقومات الشخصية والهوية الوطنية كونه ساهم في الثورات الشعبية المتعاقبة، ومفخرة للإنسان العربي، فقد تغنى به الشعراء الفحول بدءا من شعراء المعلقات الى شعراء النقائض الى ايام الشاعر بن قيطون الذي تغنى بحيزية، وهو يخاطب حصانه الاصيل لكونه كان رفيقه الاوحد في الصحراء، وقد رثى الشعراء أحصنتهم لما لهم من مكانة في قلوبهم.

سجل الأنساب خصوصية

 من بين المهام الموكلة وطنيا الى الديوان الوطني لتنمية وتربية الخيول والإبل بتيارت، الإشراف على سجل الانساب والذي يتحتم على كل مربي او كاسب للحصان بربوع الوطن التسجيل فيه، وسجل الانساب هو سجل رقمي لتسجيل الاحصنة ذات الدم الاصيل الموجود بالجزائر، وحسب المكلف بالملف التقني للاحصنة، فإن جميع الأحصنة مسجلة بالديوان وعلى أساسها تتم عمليات بيعها وتخصيبها وشراء أعلافها، لأن كل حصان غير مسجل بالديوان لا يستفيد لا من الاعلاف ولا من التداوي ولا السفاد المتمثل في التوليد والمصاهرة، ولا من المشاركة في عمليات السباق والفنتازيا، ولا حتى من نقل الحصان داخل التراب الوطني لكونه بدون هوية.
وعن أهم السلالات الموجودة بتيارت، فإنها كثيرة وأهمها الحصان العربي، الحصان الانجليزي، الحصان البربري والحصان العربي البربري، وان لكل حصان شريحة تغرز في جسده، تعرف هويته من خلالها عن طريق قارئ الكتروني.
وتؤكد وثائق تاريخية حدوث مزاوجة بين عدة أحصنة من مناطق متفرقة في الداخل  الخارج على غرار أصناف محلية كـ «الغازي»، «سيدي جابر» و»سفلة» وأخرى استقدمت من بلاد عربية وغربية كبولونيا، روسيا وفرنسا، ما أسهم في توليد خيول رائعة..علما أنّ حظيرة شاوشاوة تملك مركزا نادرا خاصا بالتلقيح الجيني لالخيول البربرية.
ويتولى ديوان تربية وتنمية الخيول الاقتراب من مربي الخيول دوريا لتبليغهم بالقوانين والمساعدات التقنية، وتشجيعهم على تربية الخيول وتقييم مدى تطابق السلالات مع مواثيق الديوان من خلال إحصاء دوري لتحديد انواع الخيول ومناطق وظروف تربيتها.

حظيرة شاوشاوة الأولى إفريقيا

 تسمى حظيرة شاوشاوة للمركز الوطني لتربية الخيول في تيارت بـ («جنة الخيول»، حيث يقدّمها المختصون على أنها أكبر مركز لتربية الخيول في إفريقيا، وأول مخبر علمي عربي يزاوج بين تربية الخيول العربية الأصيلة والبربرية الأصيلة.
تحتوي حظيرة شاوشاوة على نحو 288 حصان بينها 174 من الأحصنة العربية الأصيلة و68 من الجياد البربرية، وتشهد الحظيرة معدل ولادة سنوية في حدود 55 حصانا غالبيتها عربية أصيلة وهي في تزايد مستمر.
وامتازت تيارت تحديدا بكونها «مهد الفروسية»، فقد جعلتها خصوبة أراضيها موقعا ممتازا لتربية الخيول العربية الأصيلة والبربرية أيضا، ما دفع بأوائل المحتلين الفرنسيين لتأسيس حظيرة شاوشاوة في سنة 1877، ومنذ نشأتها قبل 132 عام وطواقمها تتفانى في بذل قصارى جهدها بهدف تطوير سائر سُلالات الخيول وحفظها من الانقراض، وتملك حظيرة شاوشاوة قيمة تاريخية كبيرة مما جعل الجزائر تصنّفها ضمن المواقع الأثرية الجزائرية العام 1995.

مهرجانات وطنية ودولية في «الفنتازيا»

 كما اشتهرت مدينة تيارت باحتضانها للعديد من التظاهرات الدورية والسنوية، ومسابقات محلية ودولية اشترك فيها مئات الفرسان الجزائريين ومن مختلف دول العالم، آخرها ذلك الاستعراض الضخم الذي اشترك فيه 700 فارس من الفرق المعروفة على المستوى المحلي كفرقة الفنتازيا.
اختيار منطقة تيارت لتربية الجياد يعود إلى توفرها على بيئة إيكولوجية ممتازة، وما تنفرد به من ثراء سهوبها وخصوبة مراعيها في منطقة الهضاب العليا الغربية الممتدة من جبال الأطلس التلي إلى جبال عمور جنوبا، حيث الأطلس الصحراوي الواقع على حدودها الجنوبية، وبها مناظر طبيعية رائعة للسهول الخصبة كسهل «سرسو»، الذي يمتد على طول 100 كم تقريبا والجبال والغابات والشلالات والبحيرات، فالمدينة عبارة عن سهول عالية تفصل بين الأطلسين التلي والصحراوي.
اللّباس التّقليدي جزء من «ثقافة الفروسية»
 إذا كان الفارس جزءا من الهوية الوطنية الجزائرية، فإن اللباس التقليدي المتمثل في العباءة والبرنوس والخف والبندقية والجراب والعمامة الصفراء المزركشة لا غنى عنهم بالنسبة للفارس، وأسعار انواع الالبسة رغم انها تنتج بتيارت الا انها باهظة الثمن، فسعرها يحسب بملايين السنتيمات، ولكل جهة نوع تتميز به، ففرسان الشرق الجزائري يفضلون البرنوس الاسود والعباءة البيضاء، بينما يحبذ فرسان الغرب الجزائري العباءة الصفراء والبرنوس الاحمر او الابيض والعمامة الصفراء فوق الشاشية الحمراء.
وقد طالب المربون والمهتمون بالحصان باعتماد اللباس التقليدي للفارس ولعبة الفنتازيا بتصنيف هذه التقاليد كإرث لا مادي عالمي مشترك للإنسانية.
كما صنّفت الشدة التلمسانية وركب سيد الشيخ بولاية البيّض، على اعتبار أن المركز الوطني للبحوث في عصور ما قبل التاريخ وعلم الإنسان والتاريخ، قدّم في مناسبة سابقة ملفا للهيئات المختصة لاقتراح تصنيف الحصان البربري والألعاب التقليدية المرافقة للاحتفالات به، كما فعلت فرنسا التي صنفت تقاليد ركوب الخيل. ودعا المختصون إلى تأسيس بنك دولي للمعلومات يهتم بالتراث الإنساني العالمي، وتثمين الصالون الوطني للحصان البربري ليتحول إلى دولي خلال السنوات القادمة، مع تنظيم ملتقى دولي حول الحصان البربري بالموازاة مع تنظيم المهرجان العالمي بمدينة تيارت، التي تملك مؤهلات منها استفادة مركز شاوشاوة من تصنيف كموقع تاريخي مادي، ووجود متحف للفرس الأول على مستوى المغرب العربي.


100 عامل بدون أجور منذ 21 شهرا
 بالرّغم من كل ما يبذله حوالي 100 عامل وموظف بالديوان الوطني من مجهودات كالتدريب والنظافة والتهجين والتربية، والإطعام والترويح عن الخيل، إلا انهم لم يتقاضوا أجورهم منذ 21 شهرا متتالية.
وعن الأسباب، يقول الأمين العام لنقابة الديوان المنضوية تحت الاتحاد العام للعمال الجزائريين العربي بتة لـ «الشعب  ويكاند»، أنّ العمال لم يتلقّوا جوابا شافيا، رغم الإضرابات والتوقيفات الدورية عن العمل، ومراسلة السّلطات المعنية، تبقى المشكلة بدون حل، وبقي العمال بدون أجور تلبي حاجيات أسرهم، فقد مضت مناسبات الدخول المدرسي والأعياد وشهر رمضان، وأسرهم محرومة من مستحقاتهم بسبب أمور إدارية لا دخل للعمال فيها رغم أنهم يقدمون الحد الأدنى من العمل اتجاه الأحصنة خوفا على ضياعها.
وأضاف العربي أنّ إيرادات المستخدمين كانت تقطع 9 بالمائة منها من شركات سباق الخيل والرهان المشترك، والديوان مدان للشركات بأكثر من 70 مليار سنتيم، وهو مدوّن ضمن محضر اجتماع رسمي ولم يتم الإفراج عنها لتسديد مستحقات العمال، الذين يعانون رفقة أسرهم من عدم القدرة على تلبية أعباء المعيشة اليومية.
ولإعطاء كل ذي حق حقه في الإعلام، اتصلنا بالمدير العام للديوان الذي كان في مهمة بالعاصمة، أحالنا على مفتش عام بالديوان، حلوز فغولي، والذي أجابنا بأن الانشغال بلغ الى الجهات الوصية ومنها وزارة الفلاحة، وهو على دراية بالملف وأنّ العمال جزء لا يتجزّأ من الديوان، وكل ما يضرهم يعود بالسلب على الديوان. وللأمانة وجدنا بعض العمال يبحثون عن عمل لدى الخواص لتلبية حاجيات أسرهم ولم يفلحوا.