طباعة هذه الصفحة

برنامج ثري لمحافظة الغابات بباتنة احتفالا باليوم العالمي للطيور المهاجرة

أكثر من 3 آلاف نوع تقصد منطقة الأوراس وحمايتها فرض عين

باتنة: لموشي حمزة

أسرار الهجرة السنوية  في شهادات المختصين تنقلها «الشعب»

التحسيس بالمناطق الرطبة المحمية ودورها في التوازن الأيكولوجي

تزخرعديد مناطق الأوراس الكبير، خاصة باتنة، خنشلة وأم البواقي، بالمناطق الرطبة الغنية بالموارد الطبيعية المتنوعة، والتي تعتبر فضاءات مهمة لنمو وعبور العديد من الطيور المهاجرة على اختلاف أنواعها وأحجامها وهو ما يمثل ثراء كبيرا للبيئة، الأمر الذي دفع بمحافظات الغابات للولايات المعنية للقيام ببعض العمليات التنموية والبيئية المتمثلة أساسا في إنشاء أبراج مراقبة لهاته الطيور وتهيئة الممرات والمسالك إلى جانب إنشاء أحزمة خضراء على حواف هذه المناطق الرطبة في سياق تثمين التنوع البيولوجي والمحافظة عليه،
«الشعب» توقفت عند هذه الأنشطة وتعرض أدق التفاصيل قبل الاحتفالية باليوم العالمي للطيور المهاجرة.
يستعد العالم للاحتفال باليوم العالمي للطيور المهاجرة خلال الأسبوع الثاني من شهر ماي القادم، ومنطقة الأوراس تريد أن تكون حاضرة في الموعد للتعريف بالمناطق الرطبة المحمية والتي تشكل رئة الطبيعة وقلبها النابض.
محافظة الغابات بباتنة أعدت برنامجا بالمناسبة غايته التعريف بأهمية الترابط بين قضايا حفظ الطيور المهاجرة، وتنمية المجتمعات المحلية، وسياحة الأحياء البرية حول العالم.
وقالت محافظة الغابات لـ»الشعب» أنها تريد ان تكون هناك مساهمة في مسعى حماية الطيور المهاجرة باعتبارها تمثل ثروة حيوية وكنز البشرية المشترك.
قال محافظ الغابات كاشفا عن الاحتفالية بالجهة الشرقية:»البرنامج الاحتفالي يشمل تنظيم يوم تحسيسي يؤطره أخصائيون لشرح طرائق الحفاظ على الطيور المهاجرة يضاف لها معرض ومسابقات حول أحسن صورة لهاته الطيور وخرجات ميدانية إلى مواقع المناطق الرطبة بالولاية التي يجهل الكثير قيمتها ودورها في التوازن البيئي».
وأكد مسؤولوا الغابات أن الحفاظ على المحميات الطبيعية وحماية حيواناتها وطيورها تتطلب تجند الجميع وتفرض بذل كافة الإمكانيات البشرية والمادية للحفاظ عليها مع تأمين أفضل الأساليب العلمية والعملية للاستفادة العقلانية والاقتصادية منها، لخلق بدائل ثروة جديدة تتماشى والتوجهات الجديدة للدولة الجزائرية.
واحتفل العالم لأول مرة بهذا اليوم 2006، حيث باشرت الدول الأعضاء في الأمم المتحدة حملة توعوية كبيرة عن الطيور المهاجرة بناء على الاتفاقيات الدولية التي وقعتها الجزائر. وتشرف منظمة «الأيوا» تحت إشراف المديرية العامة للغابات، على صون الطيور المائية المهاجرة، لتتطور بعدها الحملة ببرمجة يوم عالمي للاحتفال بالبيئة والتنوع البيولوجي لزيادة الوعي العام في الحفاظ على المحيط والتنوع البيولوجي والإيكولوجي.
هذا الإحصاء، حسب محافظ الغابات، بباتنة، ينظم سنويا على المستوى العالمي بالمناطق الرطبة، يسمح بمتابعة دقيقة لأسراب الطيور المائية عبر العالم سيما منها الطيور المهاجرة، لجمع البيانات الأساسية عن الأراضي الرطبة وأنواع الطيور وتحديد المواقع الرئيسية لها، واتخاذ الإجراءات المناسبة للحفاظ على الأنظمة البيئية، كما يقدم  الإحصاء معلومات دقيقة ومحينة عن حالة واتجاهات الطيور.

142 ألف طير مهاجر بـ6 ولايات شرقية خلال هذه السنة

كشفت، أمس، الشبكة الجهوية لإحصاء ومراقبة الطيور المهاجرة، ناحية شرق 03 المتواجد مقرها بولاية باتنة، المختصة في علم الطيور عن إحصاء 2059 طير مهاجر خلال هذه السنة عبر مختلف المسطحات المائية باستعمال وسائل تكنولوجية حديثة كتليسكوب والمناظير، وذلك في إطار الإحصاء الدولي للطيور المهاجرة.
وقدر عدد الطيور31 نوعا منها3 أنواع غير معروفة شوهدت لأول مرة، وتم ملاحظة 5 أنواع لطيور غير مائية بباتنة وحدها.
 وبخصوص ناحية الشرق 03، التي تضم ولايات باتنة، خنشلة، أم البواقي، تبسة، سطيف، برج بوعريريج، أحصت ذات الشبكة 14170 طائر مهاجر، و55 نوعا.
 كشف، عضو الشبكة ورئيس مكتب الأصناف المحمية والنشاطات الصيدية بمحافظة الغابات بباتنة، السيد سعيد فريطس، خلال لقاء مع جريدة «الشعب» بمكتبه بمحافظة الغابات بباتنة، أن عملية الإحصاء تندرج في إطار الإحصاء الدولي للطيور المهاجرة المنظم سنويا خلال شهر جانفي، وقد تم القيام بها لمعرفة أنواع وحركة الطيور التي تتوقف أو تعشش بمنطقة الأوراس لاسيما تلك المهددة بالانقراض والممتدة على محور الهجرة بين قارتي أوروبا وإفريقيا.
وقدر المتحدث، العدد الكلي للطيور المهاجرة سنويا بحوالي 50 مليار طير من مختلف الأنواع تشكل الهجرة السنوية في العالم، وتعتبر ـ حسبه- إحدى أكبر العجائب الطبيعية لكوكب الأرض، وأروعها على الإطلاق، وأردف يقول: «إن هذه الطيور تأتي في هجرة مضبوطة المواقيت كل عام لتمنحنا معنى من معاني الحياة، وسرا من أهم أسرار هذا الكون المدبر بعناية إلهية فائقة الدقة لتحقيق التنوع الإحيائي والتوازن البيئي، الأمر الذي يستحق منا كبشر الحفاظ عليها وضمان حقها في الحياة».
وقد مكنت عملية إحصاء الطيور المهاجرة بمنطقة الأوراس، التي جرت بالتعاون مع محافظة الغابات لولاية باتنة، والحظيرة الوطنية لبلزمة بباتنة وبعض الشركاء المختصين كمدريات البيئة، الموارد المائية، السياحة..وغيرها، من الوصول إلى حقيقة مؤلمة تتمثل في «تسجيل تراجع  كبير يدعو للقلق حول مستقبل الطيور المهاجرة وعددها باعتبارها ثورة إيكولوجية لا يمكن الاستغناء عنها».

23 منطقة رطبة بالأوراس لإستقبال 33 نوعا من الطيور

وأشار ذات المصدر إلى تحديد 33 نوعا من الطيور، أقاموا عبر 12 منطقة رطبة بباتنة هي كدية لمدور بتميقاد، قداين، خليج صخري، الضاية ببريكة، بوزبرق، تمارا، معافة، الجندلي، ذراع بولطيف، و54 منطقة بناحية شرق 03 متواجد مقرها بباتنة و11 موقعا منها مصنف عالميا، 16 منها شهدت جفافا كليا خلال شهر جانفي الماضي. وتمت رؤية أغلبها بالمسطحين المائيين الرئيسيين بكل من تازوقاغت بخنشلة وقداين بباتنة، أغلبها طيور مائية كالبط الجراف والصفار والبري والرخامي، بالإضافة إلى إحصاء زقازيق وبلشونات وبلشونات بيضاء كبيرة، وغرات دجاج الماء، تتوقف لترتع وتقضي فصل الشتاء وتعشعش قبل أن تهاجر، عندما تكون الهجرة هي الحل الوحيد للحفاظ على حياتها من التهديدات الكثيرة التي تواجهها على غرار تدهور التوازن البيئي الناجم عن النشاط البشري المتزايد والصيد غير القانوني.
كما شوهدت هاته الطيور المهاجرة عبر مواقع بوزبرقة، تيمقاد وجنوب شرق باتنة التي تجذب سنويا عديد أصناف الطيور المهاجرة التي تستقر في فصل الشتاء عبر عديد المناطق الرطبة، حيث تم  في إطار التحسيس بأهمية حق هذه الطيور في الحياة تخصيص يوم لفائدة 60 طالبا، لرصد وملاحظة الطيور المهاجرة وقد تمكن المستفيدون من الشباب من هذه المبادرة بمناسبة إحياء اليوم العالمي للمناطق الرطبة من اكتشاف ومشاهدة هاته الطيور.
 
الموقع البيئي الحيوي بالجزائر من أهم المسارات

يكشف، هذا العدد من الطيور المائية، حسب بن ساسي محمد إطار بالحظيرة الوطنية لبلزمة أن المنطقة الرطبة بالأوراس والمصنفة إحدى أهم المناطق ذات الأهمية الدولية كمؤشر قوي يبرز مدى الإقبال الكبير لهذه الأنواع من الطيور المهاجرة على هذه المواقع على الرغم من التدهور الذي طالها في السنوات الأخيرة، والاعتداء الصارخ الممارس على هذه الفضاءات الطبيعية من طرف الإنسان كمظاهر التوسع العمراني الفوضوي والمتسارع الذي يهددها رغم المجهودات الكبيرة للدولة للحفاظ على هاته الكائنات النادرة من خلال التكثيف من عمليات التشجير.
كما تمت حسب بن ساسي ملاحظة غياب اللحام الوردي وهو أحد أهم أنواع الطيور المهاجرة والذي يتواجد بأعداد كبيرة بالمسطحات المائية لباتنة، وغاب هذا العام لأسباب مجهولة.
وتبدأ عملية الهجرة السنوية إلى الجزائر، شهر سبتمبر من كل عام وتزيد أعداد الطيور المهاجرة خلال الفترة التي تمتد من أكتوبر إلى ديسمبر، تبقى بعض الطيور المهاجرة هنا مدة تتراوح بين 3 إلى 5 أشهر، في حين يكمل بعضها مساره والموقع البيئي الحيوي والمهم للجزائر ولمنطقة الأوراس بالتحديد جعله من بين أهم المسارات لهجرة أسراب الطيور القادمة من القطب الشمالي إلى إفريقيا لقضاء فصل الشتاء.
وتختلف أسباب هجرة الطيور وتتنوع حسب بن ساسي الذي يشغل أيضا منصب الرئيس الجهوي لشبكة مراقبة وإحصاء الطيور المهاجرة ناحية الشرق 03، بين البحث عن المناخ الجيد أو الطعام أو التزاوج، حيث لكل سبب فترة معينة وفطرية، تساهم في تتنوع أنواع الطيور، حيث تعتبر هجرة الطيور من الرحلات الموسمية.
 هي تنتقل من المناخِ البارد إلى المناخ الدافئ والذي يتناسب مع طبيعة جسمها، حيث يتوفر طعامها المتمثل أساسا في الحبوب والمحاصيل في المناطق ذات المناخ الدافىء بالجزائر، فإذا حل الربيع مجددا عادت الطيور بعد مكوثها لفترة معينة أيضا برحلة معاكسة إلى مواطنها الأصلية من أجل التزاوج، ومئات الأنواع من الطيور تقوم بالهجرة سنويا في مواعيد محددة عند قدوم الشتاء ثم تعود إليه في فصل الصيف، تجتاز في طريقها البحار والصحارى والجبال لتصل إلى هدفها المنشود وتحقق سبب هجرتها.

أسراب من البط أبيض الرأس والبط أبو فروة ...جديد هذا العام

الزائر للمناطق الرطبة بباتنة، خاصة خلال الفترة الصباحية والمسائية، يذهل لروعة المناظر الطبيعية التي تصنعها الطيور المهاجرة، حيث يكفي أن تأخذ زاوية مرتفعة لتشاهد أسرابا لطائر البط الأبيض الرأس والبط أبو فروة واللذان يعتبران جديد هذا الموسم، حيث يتم تسجيل تراجع سنوي في عدد أسراب هاته الطيور بسبب النمو الديمغرافي السريع والمتزايد للسكان والتلوث البيئي الذي بات خطرا حقيقيا يهدد المواطن الطبيعية لهذه الطيور بباتنة.
كما تم تحديد أنواع كثيرة وجديدة لطيور البط الجارف والبري الرخامي الشهرمان ودجاجة الماء، البلشون الرمادي، طائر الزقزق والنكات، البط البلبل، البط المعلقي، اللقق الأبيض، اللحام الوردي وغيرها كثير حسب السيد بن ساسي يجعل من مواطنها الطبيعة جنة فوق الأرض لو وجدت الاهتمام اللازم، كونها طيور تصنف في خانة «المهددة بالإنقراض»  
وفي حال لم يتم التدخل من طرف جميع الفاعلين وطنيا ودوليا، فإن السنوات القادمة ستشهد أكبر عملية انقراض لهاته الطيور، في حين تواجه أصناف أخرى منها مشكلة فقدان 10٪ من نوعها كل عام.

سياسات وطنية لحماية الطيور المهاجرة

بدورها دعت الدكتورة فاتن صبري سيد الليثي، أستاذة بجامعة باتنة01 مختصة في البيئة لجريدة «الشعب»، إلى مزيد من الاهتمام بحماية الطيور المهاجرة وقالت في هذا المقام:» رغم المجهودات الكبيرة التي تبذل حفاظا على التنوع البيولوجي والتسيير المستدام للموارد الطبيعية، إلى أن الواقع شيء أخر.. جهود تبذل في مجال الحفاظ على المناطق الرطبة إلا أنها تظل غير كافية، حيث يلاحظ  ردم العديد من البرك والمستنقعات وقطع غابات وتسبب الحرائق في إتلاف الآلاف من الهكتارات، ما أدى إلى زيادة عدد الطيور المهاجرة المهددة بالإنقراض».
وأضافت الدكتورة فاتن :»يضاف إلى هذه الأخطار الاستخدام المفرط وغير المقنن للكيماويات الزراعية، دون الحديث عن نقص الوعي بأهمية الطيور المهاجرة، ودروها في التوازن الإيكولوجي، وقلة البيانات الخاصة حولها، وضعف الإجراءات التي تهدف إلى صون الطيور المهاجرة ضمن المخططات الوطنية للتنمية، ومحدودية القدرات الوطنية الخاصة بصونها، وضعف تطبيق القوانين المتعلقة بالصيد والتخطيط العمراني وغيرها».
وهي عوامل تساعد بدون أدني شك حسب المتحدثة في تراجع عدد الطيور المهاجرة وانقراضها تدريجيا، غير أن أكبر خطر يهدد الطيور حسبها هو تدمير بيئاتها الطبيعية، وعن طريق التسمم بالمبيدات أو الاصطدام بأسلاك الكهرباء وأبراج الاتصالات.
وأكدت الدكتورة فاتن في الختام على أهمية تبادل التجارب والخبرات في مجال الحفاظ على المناطق الرطبة وحماية مواردها لمواجهة الاستغلال المفرط الذي يسبب اختلالا في التوازنات البيئية.

الصيد غير الشرعي والتلوث أكثر الأخطار المهددة للطيور

 من جهته قال فريطس أن للجزائر دور فعّال في الحفاظ على البيئات والمحميات الطبيعية للطيور المهاجرة، حيث تقوم بتوفير كل الإمكانيات المادية والبشرية للحفاظ على هذه الطيور من الأخطار التي تهددها على غرار الصيد غير الشرعي وغير العقلاني لهاته الطيور من طرف الإنسان خاصة الطيور المحمية والنادرة والمهددة بالإنقراض، والتي يحميها القانون الجزائري من أي نشاط صيدي لقلة عددها في العالم بأسره يضاف لها التلوث البيئي، البناء الفوضوي والعشوائي، وغيرها من الأخطار الطبيعية والإنسانية بشكل أكبر يهدد التوازن الإيكولوجي.
أضاف فريطس:» كانت الجزائر من أوائل الدول الموقعة على الاتفاقيات والمعاهدات الدولية الخاصة بحماية الطيور المهاجرة وصيانة مواطنها الطبيعية، والحفاظ والاستخدام الرشيد لجميع الأراضي الرطبة عن طريق الإجراءات المحلية والإقليمية والوطنية والتعاون الدولي وذلك من خلال المساهمة في تحقيق التنمية المستدامة في جميع أنحاء العالم، على غرار التوقيع على اتفاقية الأراضي الرطبة ذات الأهمية الدولية لاسيما بوصفها موطنا للطيور المائية في مدينة رامسار في إيران سنة1971».

الحظيرة الوطنية لبلزمة في سطور

تعد الحظيرة الوطنية لبلزمة التي أنشئت العام 1984 من بين أهم الفضاءات المحمية وطنيا ودوليا، يتربع على مساحة جغرافية إجمالية تفوق الـ 26 ألف هكتار وتتواجد على بعد 7 كلم غرب مدينة باتنة، تضم هذه الحظيرة الطبيعية غابة لأشجار الأرز الأطلسي على مساحة 5700 هكتار تحتضن 650 نوع نباتي و658 نوع حيواني.
وقد تم تسخيرها بالنظر إلى ثرائها وتنوعها البيولوجي للمحافظة على التوازن الطبيعي والبيئي، وقد تم إدماجها في شهر جوان المنصرم، ضمن الشبكة العالمية لحماية البيئة والتنوع البيولوجي والتي تضم 651 موقع عبر 120 بلد من بينها الجزائر حسب ما أفاد به مدير هذه الحظيرة السعيد عبد الرحماني.