طباعة هذه الصفحة

500 مربي بسيدي بلعباس في تحد لتطوير الشعبة ومضاعفة الإنتاج

نقص الدعم، التأمين، التسويق وانعدام مخبر للتحاليل مشاكل تعيق المهنة

بلعباس: غنية شعدو

شعبة تربية النحل خيارات بديلة لتنويع الإقتصاد المحلي

تعد تربية النحل من الشعب الفلاحية المتجددة بسيدي بلعباس، حيث عرفت في السنوات الأخيرة حركية وإنتعاشا مستقطبة اهتمام العديد من الفلاحين والشباب على حد سواء باعتبارها مجالا خصبا للاستثمار الأقل تكلفة ومهنة جديرة بالاكتشاف في عالم النحل المليء بالخبايا وإنتاج مادة العسل التي لا يزال العلماء في رحلة بحث عن أسرار علاجاتها غير المنتهية. «الشعب» تقف عند هذه الشعبة وترصد الإنجازات والتحديات بسيدي بلعباس.

تحصي سيدي بلعباس زهاء 500 نحال موزعين عبر كامل تراب الولاية، منهم 120  منخرط بجمعية جبل موكسي لتربية النحل التي ساهمت وبشكل مباشر في لم شمل نحالي الولاية، إلا أن عديد الانشغالات لا تزال ترهن نشاط المربين، وتقف حائلا أمام تطوير هذه الشعبة على المستوى المحلي، وتتسبب في خفض نسب الإنتاج سنويا.
 وفي هذا السياق أحصت مديرية المصالح الفلاحية جني 470 قنطار من مادة العسل الموسم الماضي وهي كمية منخفضة مقارنة بالسنوات الماضية.
وقد أرجع المربون هذا الانخفاض إلى عوامل عديدة أهمها العراقيل التي تمنعهم من مباشرة نشاط تعاونيتهم التي تم تأسيسها سنة 2014 والتي من شأنها تنظيم الشعبة والتكفل بانشغالات أصحابها، إنعدام مخبر التحاليل لمادة العسل ومشتقاته وهي العملية التي تعد أكثر من ضرورية بالنسبة للنحالين بهدف التعرف على مكونات إنتاجهم ومختلف الأمراض التي تصيب الخلايا والنحل، إذ يلجأ البعض إلى إجراء هذه التحاليل خارج الوطن وتحمل تكاليفها الباهظة، في حين يستغل البعض من الدخلاء على المهنة الغياب التام للمراقبة في تسويق عسل مغشوش.
ويعاني النحالون أيضا من مشكل التأمينات بعد أن تكبدوا عديد الخسائر نتيجة حوادث طبيعية كالحرائق وغيرها دون حصولهم على التأمينات بسبب ارتفاع تكاليف الاشتراكات، وعدم تطبيق التشريعات الخاصة بتربية النحل خاصة ما تعلق بتربيتها داخل الأنسجة الحضرية وهو ما يشكل خطرا حقيقيا على السكان.

جمعية جبل موكسي ..طموحات كبيرة

تعد جمعية جبل موكسي لتربية النحل الجمعية الوحيدة من نوعها على مستوى الولاية، حيث تنشط في مجال تربية النحل منذ سنة 2010 تاريخ تأسيسها، وقد ساهمت وبشكل كبير في توسيع ثقافة استهلاك العسل بالولاية باعتباره تغذية ووقاية قبل أن يكون علاجا، كما ساهمت في لم شمل النحالين من مختلف مناطق الولاية وخلقت علاقات تواصل مع نحالين من ولايات الوطن من خلال الاحتكاك بهم وتبادل الخبرات في المعارض الجهوية والوطنية.
وتضم الجمعية حاليا 120 منخرط وتسعى لضم أكبر عدد ممكن من مربي النحل المنتشرين عبر تراب الولاية، كما تحصي 1200 خلية تقليدية مأهولة و13 ألف خلية عصرية.
ولإنجاح مسعاها قامت الجمعية بتدعيم مكتبها المكون من تسعة أعضاء بعناصر شابة ونشيطة بعد تجديد الثقة في رئيسها تيرس قويدر.
الجمعية هذه ومنذ مباشرتها لنشاطها أخذت على عاتقها مهمة دعم النحالين وإيصال انشغالاتهم للجهات الوصية، بما في ذلك مشاكل التنسيق مع الفلاحين بعد حدوث مشاكل متكررة بسبب رش المبيدات الحشرية بالأراضي الفلاحية التي يرعى فيها النحل من جهة، وتوعية الفلاحين بالدور الهام الذي يلعبه النحل في عملية تلقيح الأشجار وبطريقة طبيعية، ناهيك عن مشاكل الحصول على المعدات ومشاكل التسويق والتي عملت الجمعية جاهدة للحد منها من خلال تنظيمها لمعارض محلية وجهوية، أبواب مفتوحة بعديد الدوائر التابعة للولاية وأيام تكوينية لصالح المربين لتكوينهم في عديد التخصصات كتربية الملكات، أمراض الخلية، طرق العناية بها وكذا غذاء الملكات، كما شاركت الجمعية في عديد التظاهرات على غرار الصالون الوطني لتربية النحل، الصالون الدولي لشعبتي الحليب والحبوب، الأيام الوطنية الخاصة بالجامعة وأخرى بالتجارة وغيرها من التظاهرات.
وكونت الجمعية علاقات تواصل مع جامعة الجيلالي اليابس ومراكز التكوين المهني، حيث يقوم أعضاؤها من مربي النحل بمساعدة الطلبة على إجراء بحوثهم ومذكراتهم التي تتناول مواضيع لها علاقة بتربية النحل وفي هذا السياق قامت الجمعية بمساعدة حوالي 26 طالبا من جامعتي سيدي بلعباس ومعسكر، ومساعدة المبتدئين في ولوج هذه المهنة.

كشار زواوي رئيس تعاونية تسالة لتربية النحل:
«غياب المقر يرهن نشاطنا»

كشف كشار زواوي رئيس تعاونية تربية النحل «تسالة» التي تأسست سنة 2014 وفق القرار رقم 01/9 المؤرخ في ٢٠١٤/٠٧/٠٨، أن هذه الهيئة التي لم تباشر نشاطها بعد بسبب جملة من العراقيل أهمها انعدام المقر، هذا الأخير الذي يعد أكثر من ضروري لتسهيل عمل التعاونية، حيث تم تقديم طلب للسلطات المحلية لإستغلال أحد المقرات المهجورة ببلدية بلعربي وتحويله إلى مقر للتعاونية لمباشرة نشاطها في أقرب وقت ممكن.
وقال زواوي لـ»الشعب» أن نشاط التعاونية، يتركز نشاط أساسا في تنظيم شعبة تربية النحل بالولاية ومرافقة المربين عبر كافة مراحل الإنتاج، تجميع المنتوج وتعليبه ضمان التسويق داخل وخارج الوطن وإنشاء نقاط بيع دائمة، ناهيك عن دعم المربين بمختلف الوسائل كالخلايا، وتخصيص مكان موحد لإذابة الشمع فضلا عن ضمان تكوين الدائم لفائدة النحالين بما في ذلك المبتدئين وكذا تنظيم الملتقيات والمعارض المحلية والوطنية بالتنسيق مع جمعية موكسي.

الدكتور بن عولة سيد أحمد من قسم الصيدلة بجامعة سيدي بلعباس:
نعمل على برنامج طموح لإدخال العسل في العلاجات الاستشفائية

قال الدكتور بن عولة سيد أحمد رئيس مخبر التحليل الكيميائي والصيدلاني، بقسم الصيدلة بكلية الطب التابعة لجامعة الجيلالي اليابس لـ»الشعب»، إن المخبر بصدد التحضير لبرنامج طموح يهدف إلى إدخال مادة العسل كعلاج بالمستشفيات، وهوالبرنامج الذي لا يزال في مراحله الأولى من الدراسة، حيث يعمل المخبر ومن خلال الإستعانة بكافة الكفاءات والوسائل المتواجدة على مستوى المخبر على التحضير لأرضية البرنامج الخاص بإدخال مادة العسل إلى المستشفيات بعد الفراغ من إجراء عديد البحوث العلمية.
وأضاف الدكتور، أن العديد من المستشفيات العالمية قامت بإدخال هذه المادة إلى قائمة الأدوية والعلاجات بعد أن وقع الأطباء في مشاكل بسبب المضادات الحيوية التي تسبب مضاعفات جانبية، ليستبدلوها بمادة العسل الطبيعي الذي له من الفوائد العلاجية ما يغني عن إستعمال الكثير من المضادات، خاصة للمرضى ممن خضعوا للعمليات الجراحية والذين هم في فترة نقاهة.
وأضاف الدكتور بن عولة أن الإنسان ومنذ قديم الزمان استعمل العسل في علاجاته ثم إتجه إلى الكيمياء الصناعية والأدوية المنتجة ومؤخرا عاد لإستعمال العسل بعد أن سقط في مشاكل هذه الأدوية وهوما تقوم به عديد المستشفيات على غرار مستشفى ليموج بفرنسا والذي يستعين بمادة العسل في العلاجات نزلائه من المرضى منذ سنة 1980.
وقال الدكتور أيضا أن بحوثه الحالية تنصب أساسا في معرفة أهمية مواد الشفاء الموجودة في العسل والتي لا تتعدى نسبها الواحد بالمائة في حين تشكل نسبة السكريات 99 بالمائة، لكن السر يكمن في تحديد الصيغة الكميائية لهذه المواد وكيفية التعامل معها وإيجاد توجهاتها العلاجية وتناسبها مع أي مرض، خاصة وأن العسل يتنوع بتنوع النباتات التي يرعى منها النحل وهو ما يكسبه قيمة علاجية أكبر.
 وهنا قسم الدكتور البرنامج إلى ثلاثة أقسام بحث تتمثل المرحلة الأولى في دراسة أزيد من 300 عينة من العسل المنتج محليا ووطنيا، ثم مرحلة التحاليل الميكروبيولجية ثم مرحلة دراسة وتحليل مواد الشفاء، كما أكد أن لكل عسل خصائصه ومكوناته تختلف حسب النوع بين نسبة الماء مثلا ونسبة الحموضة، هذا وأكد أيضا أن لمادة العسل مدة صلاحية عكس ما يروج له خاصة إذا لم تحترم شروط الحفظ الصحيحة بدليل أن عملية الحفظ تبدأ من الخلية مباشرة وحتى وصولها إلى المستهلك مع الأخذ بعين الإعتبار درجات الحرارة، الرطوبة ونوعية علب الحفظ.
وبالحديث عن فكرة البرنامج صرح بن عولة أنها فكرة سبق وأن تبناها باحثون في الكيمياء والبيولوجيا لكن جملة من العراقيل وقفت عائقا أمام عملية البحث وساهمت في تأخيرها خاصة في ظل انعدام حلقة التواصل بين الجامعة والقطاعات الإقتصادية عموما بما في ذلك القطاع الفلاحي الأمر الذي ساهم في إتساع الهوة بين البحث والتطبيق، أين وجد الباحثون صعوبة في إقتناء العينات المختلفة وإجراء التجارب، ليؤكد في الأخير أن المخبر يفتح أبوابه لكل المربين من أجل إجراء التحاليل اللازمة والمساهمة في البرنامج الطموح من أجل تطوير شعبة تربية النحل وإنتاج العسل.

بادي ميمون مربي نحل:
ضرورة إستحداث بطاقة جيوغرافية لتسهيل النشاط

رفع بادي ميمون نحال ونائب ثاني لرئيس جمعية موكسي، جملة من المشاكل التي يواجهها مربو النحل ومنتجو مادة العسل بسيدي بلعباس، بداية بالتهميش الذي يعاني منه النحال بصفة عامة سواء من طرف مديرية المصالح الفلاحية أو حتى من قبل الوصايا وغياب المرافقة عكس باقي الشعب الفلاحية التي تتلقى الدعم الكامل خاصة من جانب القروض، فضلا عن الغياب التام للمعلومة على مستوى المصالح الفلاحية والغرفة الفلاحية.
وطالب بضرورة إستحداث بطاقة جيوغرافية لتحديد الأماكن الرعوية والأكثر إستقبالا لخلايا النحل من أجل تمكين النحالين من ترحيل خلاياهم نحو الأماكن التي تتوفر على الغذاء لضمان إنتاج جيد.
ونوه أيضا لمشاكل التسويق التي لا تزال ترهن نشاط المربين، حيث وعلى الرغم من تنظيم عديد المعارض لبيع العسل إلا أنها معارض لا ترقى للمستوى المطلوب من حيث كيفيات تحديد السعر وطرق التسويق وهنا دعا إلى إشراك المنتجين الحقيقيين دون تهميش غيرهم بما في ذلك المبتدئين.
وعن تجربته الخاصة في إمتهان تربية النحل قال السيد بادي أنها تفوق 32 سنة وهي المهنة التي لم يستطع التخلي عنها على الرغم من المشاكل والعراقيل القائمة، حيث يقوم حاليا بترحيل خلاياه إلى مختلف المناطق وعدم الإكتفاء بمنطقة واحدة لضمان الغذاء للنحل.
وفي هذا الصدد قام مؤخرا بعملية ترحيل إلى ولاية تندوف وبالضبط بمحاذاة الحدود الموريتانية أين قام بجني العسل نهاية شهر فيفري، ليقوم بعدها بالترحيل إلى العريشة ولاية النعامة أين تتوفر مادة الحرمل، ليحط الرحال شهر جوان القادم بولاية البيض لتوفر المنطقة على مادة السدر التي تعد غذاء أساسيا للنحل، فعملية الترحال حسبه جد ضرورية في عملية الإنتاج وتمكن المربي من جني العسل من 4 إلى 5 مرات في السنة وهو ما يزيد من الأرباح ومن كميات الإنتاج ويساهم في تطوير الشعبة.
أما موفق ابراهيم وهو نحال بالولاية فقد ناشد الجهات المعنية من أجل مرافقة النحالين ومساعدتهم في مواصلة نشاطهم، حيث طالب بالتكوين في مجال تربية الملكات وهو التخصص الذي لا يزال مجهولا لدى الكثير من المربين بدليل أن غالبية النحالين لديهم ملكات تتراوح أعمارهن ما بين الأربعة والخمس سنوات في حين أن الخلية تنتج سنويا عددا معتبرا من الملكات يكون مصيرها النفوق وهي الملكات التي تساهم في مضاعفة الإنتاج من 5 كلغ في الخلية حتى 20 كلغ، وهنا ركز على أهمية تربية الملكات التي يجد المربون صعوبة في الحصول عليها حيث يلجأ البعض إلى إقتنائها من ولايات البليدة وحتى ولايات بشرق الوطن، كما نوه إلى مشكل آخر يتعلق بمكان لصهر الشمع وهنا طالب وعلى لسان المربين بتوفير مكان مخصص للعملية لتسهيل تذويب الشمع محليا عوض التنقل حتى ولاية بومرداس لإجراء العملية وما ينجر عنها من تكاليف ومصاريف زائدة.