طباعة هذه الصفحة

«الشعب» تستطلع واقع الطرق بشرق البلاد

خدمـات ومـرافق في حـاجـة لتعميمها

استطلاع: حكيم بوغرارة

إعادة الطريق إلى حالتها الجيدة مسؤولية الجميع ودفع الرسوم رهان قائم

استعاد الطريق السيار شرق ـ غرب في شطره الرابط بين العاصمة وقسنطينة على مسافة 430 كلم بريقه مؤخرا، بعد الانتهاء من عمليات الصيانة والترميم، خاصة على مستوى شطر الأخضرية ـ البويرة، الذي ظل لسنوات طويلة جحيما لمستعملي الطريق السيار.

الانتهاء من عمليات الصيانة لا يخفي النقائص الكبيرة المتواجدة على الطريق وطرق أخرى بعد الخروج من السيار، في مشهد يؤكد عدم احترافية الكثير من المؤسسات الوطنية التي مازالت لم تتكيف مع التحولات في عالم المقاولاتية، واستعمال مختلف التكنولوجيات للحفاظ على الإنجازات لأكبر وقت ممكن، ومراعاة ظروف وتضاريس كل منطقة يمر عبرها الطريق السيار.

شطر الأخضرية البويرة صعب التطويع

انتهت أعمال الصيانة والترميم التي مست شطر الأخضرية، حيث تم إعادة فتحه في الاتجاهين ليتخلص مستعملو الطريق من حالات الاختناق التي كانت سببا في تضييع الوقت والتأثير السلبي على حالة المركبات.
ووقفت «الشعب» على حالة الطريق التي تحسنت عند التوجه من العاصمة نحو مدن شرق البلاد، ولكن مؤسسات الصيانة القائمة على المشروع لم تنزع تلك المطبات الحديدية التي كانت تفصل بين الاتجاهين بعد غلق جزء من الطريق السيار وهو ما يوحي للسائق بأن الصيانة مازالت مستمرة وبالتالي تركيز الحركة على ممرين، ويبقى الممر الثالث التابع لنفس الجزء معزولا بمطب حديدي قد يكلفك الانقلاب إذا حاولت الدوس فوقه.
ولكن في الاتجاه المقابل وعند تجاوز نفق وادي الرخام تجد المنحدرات لم تنجز بشكل جيد وتبدأ المركبات في التأرجح نظرا لعدم التمكن من تهيئة الأرضية قبل وضع الزفت، وهو ما قد يؤثر على مدة صلاحية الزفت التي قد تتعرض للتلف في أية لحظة خاصة مع الظروف المناخية الصعبة للمنطقة فهي باردة جدا وساخنة وتعرف استعمال قياسي من قبل شاحنات الوزن الثقيل والحافلات.
ويعتبر شطر الأخضرية ـ البويرة أصعب الأجزاء في الطريق السيار، حيث ساهم الوضع الأمني في سنوات التسعينات في تعطيل إنجاز المشروع وحرمانه من دراسات في المستوى لتفادي أي مشاكل مستقبلا وهو ما لم يحدث وأصبح هذا الجزء يسبب تذمرا لكل الوزراء الذين تعاقبوا على القطاع.
وما يلفت الانتباه كذلك، تعرض شطر من الطريق السيار ببوزقزة إلى تلف الزفت في الشطر المتواجد بين حدود ولايتي البويرة بومرادس، وهو ما سيجعل السياقة بهذا الجزء صعبة جدا في موسم الاصطياف، وضرورة الإسراع في تجديد الأرضية لأن استعمال الطريق سيعرف ذروة الاستعمال في هذا الموسم.
وبقي جزء صغير بالبويرة لم يتم صيانته بالنظر لتواجده في منطقة وعرة، حيث وبعد اجتياز النفق وجسر واد شريكي وبعد كليومترات ما يزال انحراف الطريق قائما بالرغم من المجهودات لإصلاحه وهو ما يتسبب في حالات ازدحام كبيرة خاصة في وقت الذروة.
من جهة أخرى انتهت مختلف أعمال الصيانة على طول الطريق ولكن النقطة السلبية هو عدم نزع اللافتات التي تدل على انتهاء الأشغال، ما يؤدي لضغط نفسي كبير على السائقين الذين يعتقدون أن الأشغال متواصلة وهو ما يجب أن يتفطن له القائمون على الطريق السيار.

.. التخلص نهائيا من مشاكل التزود بالوقود

عرفت مختلف مساحات الراحة للطريق السيار الانتهاء من الأشغال، وقد دخلت حيز الخدمة ليتخلص الجميع من مشكل التزود بالوقود نهائيا وباتت تقريبا على مستوى كل 80 كيلومتر محطة خدمات وحتى في المناسبات، وأيام الأعياد الخدمات راقية وجيدة وحتى محطة بشلول بالبويرة دخلت حيز الخدمة ولكن تبقى الساحة التجارية والمطاعم لم تجهز بعد وقوفنا على ذلك في ثاني أيام عيد الفطر.
ولكن محطة «ميلاف» المتواجدة على مستوى إقليم الولاية تعرف بعض النقائص خاصة على مستوى مراحيض الرجال المتواجدة خارج المنطقة التجارية، المغلق منذ أيام ولا أشغال صيانة تم الشروع فيها، لينهي كابوس إنتظار المسافرين لقضاء حاجاتهم ليجد الكثيرون أنفسهم محرجين ويقفون في طوابير طويلة، وهو المشهد الذي يسبب الكثير من الحرج للعائلات.
ولكن تبقى هذه المساحات تفتقد لمراقد وفنادق صغيرة قد تكون محفزا للذين يقطعون مسافات طويلة في الاستفادة من بعض ساعات الراحة خاصة وأن تلك المساحات مازالت فيها الكثير من العقارات الشاغرة وغير المستغلة ويلجأ الكثير منهم للنوم في مركباتهم تجنبا للتعب والإرهاق.
ومن النقائص التي سجلناها عدم وجود خدمات إصلاح السيارات والأعطاب عدا في محطة «عرابة» بالأخضرية التي فتحت مستودعا لتصليح العجلات فالذي يتعرض لعطب سيعاني كثيرا في إصلاح مركبته ويقع ضحية لشاحنات جر السيارات التي تساوم أصحاب المركبات وتفرض أسعارا خيالية مقابل الاستفادة من خدمة جر السيارة أو رفعها إلى غاية الميكانيكي أو أقرب نقطة ما.

السرعة الجنونية والرادار.. المعركة الأزلية

ما يزال الطريق السيار مسرحا للعديد من حوادث المرور الخرافية بسبب السرعة الفائقة التي تتجاوز المعقول في العديد من المرات، ففي بعض المقاطع تجد نفسك تسير بسرعة 160 كلم في الساعة وتمر عليك سيارات بسرعة تفوق 200 كلم في الساعة، وبطبيعة الحال يترصد الرادار هؤلاء المجانين لكن تضامن السائقين فيما بينهم يجعل الذين يسيرون في الاتجاه المعاكس ينبهون زملائهم بضرورة تقليص السرعة بالنزر وتشغيل الأضواء لتواجد رادار لمصالح الدرك الوطني.
والحقيقة أن مشكل السرعة الجنونية وكثرة حوادث المرور تتطلبان دراسات معمقة وإجراءات ردعية وإنسانية من خلال محاولة توقيف هؤلاء السواق والاستماع إليهم والقيام بحملات تحسيسية للتقليل من الحوادث.

الطريق بين عين البيضاء ومسكيانة.. كارثة

بعد اجتياز الطريق السيار والخروج من مدينة الخروب تبدأ حالة الطرقات في التدهور فالمطبات منجزة بشكل عشوائي، وتعمل على تحطيم السيارات مقابل التقليل من السرعة، ويبقى مفترق الطرق المتواجد في أعالي الخروب نقطة سوداء تؤثر على حالة المرور وتتسبب في هيجان السائقين خاصة في الوقت الذي ترتفع فيه درجة الحرارة، وهناك البعض ممن يسافر مع العائلة والأطفال فيتأثر وتندلع مناوشات في الكثير من الأحيان.   
ومن النقاط السوداء أيضا مقطع عين البيضاء مسكيانة بإقليم أم البواقي، حيث يعرف الطريق تدهورا كبيرا وحالة الأرضية المزفتة تطرح الكثير من التساؤلات حول نوعية المادة التي تمت تغطية الطريق بها.
وبعين البيضاء دائما تم نزع الكثير من الممهلات والمطبات ولكن دون أن يتم نزع الإشارات الخاصة بها وهو ما يجعل حركة المرور تتأثر كثيرا.
ومن الطرق التي تعرف تدهورا طرق مسكيانة لعوينات التابعة إقليميا لولاية تبسة وهو طريق استراتيجي نحو الحدود التونسية ويعرف تدهورا وحالة يرثى لها في إقليم ولاية تبسة، ونفس الأمر ينطبق على طريق لعوينات الونزة الذي لا تصلح أجزاء كبيرة منه للسير.            

سياسة الدفع حتمية لتغطية تكاليف الصيانة

يبقى اعتماد نظام الدفع أكثر من ضروري بالنظر لحاجة الخزينة العمومية للأموال قصد ضمان استمرار الاستثمار العمومي وتمويل عمليات الصيانة الضخمة التي تشهدها مختلف الطرقات.
إن القائمين على الأشغال العمومية كان عليهم وضع ولو مبالغ رمزية نظير استغلال الطريق السيار، وهو ما كان يسمح بضمان ملايير الدينارات التي كانت ستساعد على تحصيل مبالغ مالية خاصة من المركبات التي تستعمله لأغراض تجارية كحافلات نقل المسافرين وشاحنات الوزن الثقيل التي تنقل الحاويات أدنى حاوية بـ7 ملايين سنتيم.
إن التماطل في اعتماد سياسة الدفع أمر غريب جدا ومازال ينم عن انتشار عقلية اللامبالاة التي يجب أن تنتهي وقانون مالية لسنة 2017 فرصة مواتية لاعتماد سياسة الدفع نظير استعمال الطريق السيار الذي لم يستغل جيدا، وخاصة استعمال لافتات الإشهار العملاقة التي يمكن أن تكون قيمة مضافة.