طباعة هذه الصفحة

مصنفة ضمن قائمة التراث العالمي المحمي من قبل اليونيسكو

4 آلاف رســـــــم في حظـــــيرة الطاسيلــــــــي

مبعوثة «الشعب» إلى إليزي: سهام بوعموشة

والي إليزي: 1300 منصب عمل استحدثت خلال السنة واستقرار سكان المناطق النائية أولوية

ولاية إليزي لها تاريخ متجذر عبر العصور والأجيال، منذ ظهور الإنسان إلى ظهور الكتابة من خلال الرسومات المنقوشة على الأحجار كالزرافة، الأيل، البقرة والجمل، وغيرها من الرسومات التي طبعت تاريخ الإنسان بالمنطقة، وبالتالي تملك موروثا ماديا وثقافيا تحتضنه الحظيرة الوطنية للطاسيلي التي تتواجد بالمنطقة بمساحة تقدر بـ80000 كلم²، حيث تتواجد في منطقة مناخية صحراوية على ارتفاع يتراوح بين 1400م و2000م، وهي مصنّفة في قائمة التراث العالمي في منظمة اليونيسكو، فالولاية تقع في أقصى الجنوب الشرقي للجزائر محتلة مساحة قدرها 9/1 تسع مساحة البلاد.

في طريقنا لوادي جرات رفقة وفد من الإعلاميين وجمعية مشعل الشهيد، توقفنا عند جبال الطاسيلي التي تحتوي على أحجار منقوشة تعود لأزمنة غابرة لأناس كانوا يمارسون الصيد بالرماح، والكتابة الترقية داخل الكهوف تعود إلى 4 آلاف سنة قبل الميلاد، فيها رسائل للطوارق البدو الرحل لإخبارهم أنهم ارتحلوا إلى مكان آخر، بحيث أن تاريخ وحضارة المنطقة كان يلقن شفهيا أو عن طريق الرسومات والنقوش الحجرية بكتابة تيفيناغ، بحسب ما أوضحه الدليل السياحي منصوري بلال.
وأضاف، أن هناك نقش حجري قديم يعود لـ4 آلاف سنة في نفس الوادي، والشيء المتعارف عليه هو أن السكان كانوا يعيشون في هذا الوادي ويرتحلون عبره إلى إيمهروا، تاست، إحرير ومناطق تابعة لمقر الولاية، بحيث أن هذه السلسلة معروفة بأنها مصنفة عالميا لدى منظمة اليونسكو، وبها أكبر متحف عالمي على الهواء الطلق، يدعى متحف حظيرة الطاسيلي، فيه ما يقارب 4 آلاف رسم حجري محصى من طرف الحظيرة، أي ما يقارب 30 كلم على طول الوادي.
ومن القرن العشرين إلى منتصف القرن الماضي، سقطت إيليزي في يد الاحتلال الفرنسي لمدة ستين عاما، أولها كان احتلال منطقة جانت في 1909 وإهرير سنة 1911، وخير شاهد تاريخي على نضالات سكان المنطقة ضد الاستعمار هو حصن «بولينياك» الذي شيّده المهندس جرنال سنة 1908، حيث اختير الموقع لوجوده في مكان مرتفع قصد السيطرة على المنطقة ومراقبة تحركات مجاهدي المقاومة الشعبية.
يعد هذا الحصن من المعالم الأثرية الهامة، يقع في الجهة الجنوبية لمدينة إليزي، يتربع على مساحة تقدر بـ1764 متر مربع، يحده شمالا ساحة عامة والطريق الوطني رقم 03، جنوبا وادي إيليزي، شرقا وادي إليزي وخزان الماء، غربا الطريق الوطني رقم 03 ووادي إليزي، استغل من طرف الإدارة الاستعمارية كمركز للمراقبة ومعتقل زج فيه الكثير من المناضلين الذين تعرضوا للتعذيب، كما استخدم ثكنة عسكرية لإعداد الخطط الحربية.
وبعد استرجاع الجزائر السيادة الوطنية تم استغلاله من طرف الجيش الوطني الشعبي من سنة 1962 إلى غاية 1992 كثكنة عسكرية.
وابتداءً من سنة 1996 حول لفائدة وزارة الثقافة وتم وضعه تحت تصرف أملاك الدولة بتاريخ 23 سبتمبر 1998، حيث رمّم ودشن من طرف رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة سنة 2004. علما أن هناك خمسة حصون لها نفس الغرض.
هذا ما جعل ولاية إليزي قبلة السياح الجزائريين والأجانب وبالمئات علي مدار السنة، لكن الوضع الأمني بليبيا مايزال يعطل السياحة والاستثمار فيها.
في هذا الصدد قال والي ولاية إليزي مولاتي عطاء الله، في تصريح لـ «الشعب»، على هامش الزيارة، أن السياحة هي مكسب للولاية التي تتوافر على إمكانات مهمة وكل الشروط موجودة لنهضتها، رغم الهياكل المتوفرة غير كافية، معتبرا السياحة والفلاحة قطاعين هامين لتنمية المنطقة، مشيرا إلى أن المنطقة تعيش ظروفا صعبة مع جيراننا بليبيا، ونأمل عودة الاستقرار للمنطقة للمضي قدما في تطوير السياحة.
وأضاف الوالي، أن المئات من السياح يزورون المواقع الأثرية بالولاية سنويا، كما أن هناك قريتين سياحيتين قيد الإنجاز مع فندقين أحدهما على وشك الانتهاء والآخر في طريق الانطلاق، وقرية سياحية أخرى. مضيفا، أن هناك قرية سياحية قيد الانطلاق، قائلا: «المستثمرون موجودون لكن هناك تردد بسبب الوضع الأمني».
بالنسبة للمواصلات هناك مطار جانت، يشتغل ويستقبل كل أنواع الطائرات وكذا مطار إليزي في طور التوسعة وآخر في عين أميناس تمت توسعته، ومشاريع أخرى ويتوقع عطاء الله تحسين أكثر، بحكم أن حدودنا محمية تماما.
فيما يتعلق بالسياحة الداخلية، قال الوالي إن عدد السياح إرتفع أكثر من العام الماضي بسبب تحسّن الوضع الأمني ومرافقة مصالح الأمن من بعيد، والولاية في اتصال مع وزارة الشؤون الخارجية لتسهيل منح الرخص.

مشاريع كبرى في الطرق، المياه والتجهيزات العمومية

في مجال التنمية هناك مشاريع كبرى في قطاعات الطرق، الصحة، التعليم، البريد والمواصلات المياه والتجهيزات العمومية،، لدينا الألياف البصرية التي وصلت إلى آخر قرية وأبعد تجمع سكاني في الجهة الشرقية وهو «تامجر»، حاليا الأشغال جارية لتغطية كامل الولاية.
برج عمر إدريس التي تبعد عن مقر الولاية بـ750 كلم تجري بها الأشغال لتغطية هذه البلدية بالألياف البصرية، ومنها تغطية كافة تراب الولاية بالألياف البصرية.
بالنسبة للمياه الصالحة للشرب، فإن كافة مدن الولاية في وضعية حسنة من حيث الكمية، أو مقبولة كإليزي، جنات، برج عمر إدريس، بحسب ما أفاد به والي الولاية. مشيرا إلى أن المشكل يبقى فقط في التسيير وكذا نوعية المياه في ولايات إليزي وعين أمناس، وأيضا الدبداب وعين أميناس.
في هذا الإطار، استفادت عين أمناس من محطة كبيرة لتصفية المياه، وخلال أشهر قليلة ستنطلق الأشغال بها وسنتخلص من مشكل نوعية المياه والكمية بإليزي وعين أمناس.
أما في جانت، الدبداب وبرج عمر إدريسو سيتم ضبط مشكل التسيير وبذلك يكون قد غطى الدوائر بالمياه الشروب الكافية 24/24 ساعة. علما أن إليزي استفادت في ماي الماضي من محطة لتصفية المياه من الحديد، حيث كانت المياه في السابق تأتي وبها خليط بلون الحديد.
بالمقابل، يعرف قطاع التعليم بالولاية كفاية فيما يتعلق بالأطوار التعليمية الثلاثة. وبالنسبة للهياكل، فإن المشكل فقط في المناطق النائية حوالي 11 منطقة لديها مشكل تذبذب المعلمين، بسبب البعد والظروف الصعبة، خاصة ولاية إليزي التي تشهد عجزا كبيرا وتتطلب أموالا معتبرة لتعبيد الطرق والتزويد بالطاقة وبدونهما لا يمكن تحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية، بحكم أن هناك قاعات علاج ومدارس تسييرها مرتبط بالطاقة وتهيئة الطريق وكلها حاجيات المواطن اليومية. كما سيتم فك العزلة عن قرية «وادي زامن» وتاهوت على بعد 150 كلم عن مقر الولاية وعدة قرى أخرى، منها: أفرات، تامجرت، ايمهورت، تاسلت، تادنت، إفني، وحوالي 10 قرى تابعة لولاية إليزي المتواجدة مع حدود تمنراست.
زيادة على ذلك، فقد تم فتح هذه السنة أربعة أقسام بمدرسة تاهوت في انتظار استلام المدرسة بعد عطلة الشتاء. كما تضم قاعة علاج تفتقد لممرض بسبب النقص والعجز في الموارد البشرية، لأن هناك عزوف عن الذهاب للمناطق النائية بسبب صعوبة ظروف الحياة، غياب التزود بالطاقة، نقص الطريق. في هذا الصدد، كشف عطاء الله عن تقديم طلب تكوين دفعة خاصة بذات الولاية، بحيث يوجد الآن حوالي 61 ممرضا في الأغواط، وتم استحداث 25 منصبل، حيث سيخضعون إلى تكوين وأغلبيتهم من أبناء المنطقة، وبالتالي سيتم تسوية مشكل التأطير على مستوى قاعات العلاج المنتشرة بمناطق الولاية.
بالمقابل، دعا والي الولاية إلى إدخال المركز الجامعي ضمن الخارطة الجامعية الوطنية وأن لا ينحصر المركز على أبناء المنطقة فقط، بحكم أن إليزي لديها نسيج اقتصادي هام وهياكل وتخصصات محلية في الفلاحة أو الصناعات البترولية أو اللغات. كما طالب أيضا بفتح تخصصات العلوم القانونية واللغات والأدب وتخصص تقني.
في هذا السياق، أكد الوالي أن الأولوية في البرنامج التنموي، الانتهاء من المشاريع قيد الإنجاز والانطلاق في بعض المشاريع المهمة.
في الصحة لدينا مستشفى سينطلق الشطر الثاني من أشغاله ومشروع مستشفى آخر بـ60 سريرا ببرج عمر إدريس، وثلاثة مشاريع مهمة وهي إنجاز طريق على بعد 1500 كلم بين ببرج عمر إدريس وعين أمناس موزع على ثلاثة أجزاء، أسند إنجاز الشطر الثاني لمؤسسات عمومية وطنية، وطريق آخر بين برج الحواس وسيروانت نحو تمنراست، والأشغال قيد التحضير.
موازاة مع ذلك، هناك طريق وطني ينطلق من سكيكدة إلى غاية إليزي، بحيث الشطر الخاص بإليزي جيد وحوالي 200 كلم ستنطلق من جانت حتى تنلكوم، وتبقى 14 كلم على الحدود الليبية وقبل نهاية سنة 2016 سننتهي من هذا المشروع الهام، ويبقى فقط التفريع إلى مناطق أخرى.
في هذا الإطار، فإن ولاية إليزي في اتصال مع وزارة الأشغال العمومية للتكفل بهذه القرى النائية، التي تتواجد بموقع استراتيجي، بحكم شساعة إقليم الولاية، لاسيما وأننا في منطقة حدودية، قال والي الولاية، مشيرا إلى أنه من الناحية الاستراتيجية يشجع استقرار وتثبيت السكان في المناطق النائية قبل المدن، خاصة مناطق إيمهرو، تورست وطارات، الذين يتواجدون على الحدود مباشرة مع ليبيا.
موازاة مع ذلك، هناك منطقة تادنت التي لها حدود مع النيجر وجانت والدبداب، ما جعله يقوم بزيارات مستمرة لتلك القرى، سعيا لتثبيت السكان بها، مما سيشجع من الناحية الاستراتيجية التنمية، خاصة بعد توصيل الطاقة وتعبيد الطرق وبذلك نؤمن الولاية وحدودنا.
بالنسبة للنقل الجوي، أكد مولاتي عطاء الله، أنه لا يوجد مشكل في هذا القطاع وأن الولاية تتوفر على مطار بجانت ومشروع مدرج الهبوط ببرج عمر إدريس، يستقبل كل أنواع الطائرات، يقع على بعد 750 كلم عن إليزي، آملا في أن تتحسن الأوضاع الأمنية لدى الجارة ليبيا ليتطور قطاع السياحة بالولاية، كما أعرب عن تفاؤله بمستقبل التنمية بإليزي.

الولاية لا تعاني أزمة سكن والأولوية للتكوين

فيما يخص السكن، لا تعاني إليزي من أزمة، مقارنة بولايات الوطن الأخرى، بحسب ما أفاد به مولاتي، بحيث يوجد حاليا طلب يتراوح ما بين 2500 إلى 3000 سكن اجتماعي بجانت، و2000 سكن لم تنطلق الأشغال بها بعد بسبب مشكل التمويل، وبرنامج هام للسكن الريفي بإليزي بـ4 آلاف وحدة سكنية و1500 بعين أمناس و700 و800 ما بين بلديتي الدبداب وعين أميناس.
بالمقابل، تعاني دائرة برج عمر إدريس من عجز في الهياكل الرياضية، إذ هي بحاجة إلى ملعب وفق المقاييس، وهناك مسبح قيد الإنجاز بذات الدائرة، في حين تتوافر بلدية الدبداب على ملعب وقاعات متعددة الرياضيات وهياكل أخرى، منها نزل للشباب.
وبعين أمناس هناك ملعب يستجيب للمعايير الدولية ومسبح سوف يفتح، ونزل للشباب قيد الإنجاز وذو نوعية.
موازاة مع ذلك، تتوافر إليزي على ملعبين بالعشب الأخضر وقاعة متعددة الرياضات، ومسبح وملعب آخر ومسبحين، ونزل شباب بجانت، يبقى النقص في التأطير والتسيير. في هذا الإطار، قال عطاء الله إن الولاية بحاجة لإدماج أبناء المنطقة في كل القطاعات والأولوية للتكوين.
وفي رده على سؤال حول البطالة، أكد أن إشكالية البطالة تختلف عن الولايات الأخرى، نظرا لتوفر الولاية على عدة مؤسسات بترولية، التي فتحت الشهية لأبنائها للبحث عن مناصب شغل دائمة. كما توجد عروض عمل، بحيث سجل من أول جانفي 2016 إلى غاية أكتوبر 2016، ما لا يقل عن 1300 منصب عمل. لكن للأسف - قال الوالي - أغلبيتها ذات عقود قصيرة أو متوسطة المدى، والشباب يبحثون عن الاستقرار.
الوالي أضاف، إن الاستقرار له شرطان هما المستوى أو التأهيل، وأن الولاية تسعى، بالتنسيق مع وزارة التكوين المهني، لإدراج صيغة التدريب المهني، حيث قامت بهذه العملية مع شركة سونلغاز والمؤسسات البترولية، وعلى إثر ذلك استقبلت عروضا بـ45 منصبا موجهة لأصحاب البكالوريا والسنة الثانية ثانوي، مشددا على ضرورة وجود مستوى تعليمي لضمان منصب عمل دائم.