طباعة هذه الصفحة

تقارير طبية تحذّر من انتشاره وبلوغه سقف 20 ٪ بالجزائر

العقم يهــدّد الأسر ويتسبب في تدمير العلاقــات الاجتماعية

ربورتاج: حكيم بوغرارة

 شهادات عن حالات متعدّدة تنقلها «الشعب»
 تعويض بعض تكاليف العلاج من صناديق الضمان الاجتماعي مطلب مُلح

كشفت دراسات وتقارير طبية جزائرية تم عرضها في ملتقى بمدينة وهران عن ارتفاع نسبة العقم في الجزائر من 15 الى 20 بالمائة في السنوات الأخيرة، مع التأكيد على أن العقم لم تعد ظاهرة مرضية عند النساء فقط، بل بات الكثير من الرجال يعانون منها، في مشهد يؤكد ان كثير من التحولات التي يعرفها المجتمع لم تكن في صالحه خاصة في ظل التغييرات التي مسّت النظام الغذائي والحياة بصفة عامة.
 أفرزت هذه الظاهرة الكثير من الانعكاسات السلبية على الجزائريين وخاصة الأسر الجديدة التي تتأثر سريعا بمشكل عدم الانجاب، وهو ما خلق حالات طلاق كبيرة ومشاكل عائلية وأسرية زادت من متاعب المجتمع الجزائري.
 بين أمل الانجاب من خلال بداية مسار علاج طويل يكلف حوالي 600 ألف دينار أو 4000 و 5000 أورو في العيادات التونسية والأردنية وغيرها من الدول التي تقدمت في هذا المجال. بين الاستسلام من أول خطوة سقطت الأقنعة عن هذا الطابو الذي كان مرضا نادرا قبل أن يتحوّل لظاهرة حقيقية.
مركز تيزيري..تعدد الأشخاص والمشكل واحد
قامت «الشعب» بزيارة لمركز «تيزيري» بالأبيار للإطلاع على حقيقة ظاهرة العقم والمعالجة منها وكيف يعاني الجزائريون من الضغوطات العائلية الاجتماعية والاجتماعية النفسية التي تزيد من محنة الذين لم يتمكنوا من جلب الأطفال في مشهد مرّوع من كيفية تعامل المجتمع مع هذه الظاهرة التي تؤكد الدراسات أنها لم تعد مقتصرة على المرأة، مثلما مازال يعتقد الكثيرين فالرجال باتوا يعانون من العقم بشكل كبير خاصة في السنوات الأخيرة.
انعكست اتجاهات العقم في الجزائر حيث يمسّ اليوم الرجال أكثر من النساء، حسبما أفاد به البروفيسور بلقاسم شافي، رئيس مصلحة طب النساء والتوليد بالمؤسسة الاستشفائية الجامعية «1 نوفمبر « لوهران في ملتقى احتضنته الباهية  مؤخرا. قال البروفيسور أن  «مشاكل العقم لدى الأزواج كانت تمس في الماضي النساء أكثر من الرجال، أما اليوم فانقلبت الأمور وبات الرجال أكثر عرضة لهذا «الطابو» الذي يهدد الأسرة الجزائرية».  
 تشير الاحصائيات التي عرضت في نفس الملتقى الى ارتفاع نسبة العقم من 15 إلى 20 بالمائة في السنوات الأخيرة. فمن مجموع 100 من الأزواج يعجز 20 منهم عن إنجاب الأطفال خلال العامين الأولين من الحياة الزوجية.
هذه الحالة وقفنا عندها بمركز تيزيري» بالأبيار حيث يلفت انتباهك تواجد لوحات الترقيم من مختلف الولايات، وهو ما يؤكد انتشار ظاهرة العقم عبر الوطن.
 أمام ضيق المكان لذي تتواجد فيه المصحة وعدم قدرتها على استيعاب العدد الهائل من المقبلين عليها يعاني الشارع من الازدحام، وكذا تواجد الكثير من المرضى خارج المصحة ينتظرون دورهم.
كشف»س/أمير» من ولاية بشرق البلاد لم يرزق بأولاد بعد سنتين من الزواج بأنه باشر العلاج منذ أكثر من 06 أشهر،مؤكدا بأن المصاريف كثيرة، لكنه أكد أنه سينسى كل شيء إذا كانت النتيجة ايجابية وأوضح نفس المصدر لـ «الشعب» انه يعاني كثيرا ماديا فمجيئه من خنشلة الى العاصمة يكلفه المبيت في فندق لأيام عديدة ضمانا لراحة الزوجة ووفقا ما يقتضيه العلاج.
 اشتكى المصابون بالعقم من ارتفاع تكاليف العلاج وعدم تلقي التعويضات من قبل صناديق الضمان الاجتماعي، وقال «ب/مراد» 45 سنة، مر بتجربة العقم مدة أكثر من 10 سنوات بأن أدنى التحاليل بـ 30 ألف دج، وهناك تحاليل تصل الى 50 ألف دج ولكم أن تتخيلوا عامل لا تتجاوز أجرته 40 ألف دج، كيف يتعامل مع العقم.
 يوفر مركز المساعدة على الانجاب «تيزيري» نوعين من عمليات التلقيح الاصطناعي بـ 30 ألف دج والتلقيح المجهري بـ 120 ألف دج على أن تكون هناك مصاريف أخرى إضافية، والملاحظ أن المصاريف تبدأ من المبالغ السالفة الذكر وترتفع بحسب مدة العلاج والخدمات التي يستفيد منها الراغبين في الانجاب.
 يعرف المركز، مثلما أطلعتنا عليه المكلفة بالاستقبال، في نهاية شهر فبراير 2017،  أن أقرب موعد يمكن الاستفادة منه هو نهاية شهر أفريل فالطلبات كثيرة وطبيعة العلاج تقتضي بعض الوقت. ولهذا المواعيد تكون بعيدة نوعا ما.
الأمل.. آخر شيء يموت
ما يدفع الكثيرين للتداوي والسعي لتحقيق حلم أي زوج، هو ما توصل إليه الكثير من الأزواج بتحقيق حلم الانجاب بعد أكثر من 10 و 13 سنة من العلاج واستمعت «الشعب» للكثير من الوضعيات التي أثمرت بزينة الحياة الدنيا.
 أشار في هذا السياق «ب/مراد» 46 سنة بأنه رزق بولدين بعد 13 سنة من الانتظار، والسعي بين مختلف الأطباء، واليوم، أحد الولدين سيدخل المدرسة السنة المقبلة، موضحا بأن الأمر ليس هينا في الجزائر فالضغوطات الأسرية والأعراف التي تحكم المجتمع والعادات ليست سهلة لمن هو عقيم .
أوضح مراد الذي يقطن ببرج الكيفان بأن العائلة طالبت منه تطليق زوجته وإعادة الزواج من أجل الذرية، وقال لـ «الشعب» لقد مررت بفترات عصيبة وحتى الزوجة طلبت مني تنفيذ طلب العائلة الكبيرة، ولكن صبرت والحمد لله فأنا اليوم بطفلين.
أما «محمد/و» أب لخمس بنات، اليوم، لم يكن يحلم بأن يصبح أبو البنات. محمد المعروف في باب الزوار عانى من العقم هو وزوجته لأكثر من 5 سنوات ليرزق بعدها ببنت ثم بتوأمين مرتين بنتين – الله يبارك- حيث بات اليوم أب لـ 5 بنات، موضحا بأن جميع المصابين بالعقم مطالبين بالتمسك بحيل الأمل والدعاء لله وأخذ الأسباب للوصول الى المبتغى.
عيادات أجنبية تبتز الأزواج الجزائريين
استمعت «الشعب» للكثير من تجارب الجزائريين في العلاج من العقم بالخارج، حيث أكد في هذا الشأن «حسان/ك» بأنه نقل أخته الى تونس حيث خضعت هناك لفحوصات معمقة وقامت بتحاليل رفقة زوجها وخضعت للتلقيح الاصطناعي، لكن العملية فشلت بعد أيام وكلفتها تكاليف العلاج حوالي 650 ألف دينار حيث تم الدفع بالأورو حوالي 4000 أورو ثمن العلاج والتحاليل والإقامة.
 أوضح حسان  لـ «الشعب» أن أخته فضلت متابعة العلاج هنا بالجزائر، فنفس التجهيزات موجودة في الجزائر غير أن المشكل يكمن فقط في تباعد المواعيد الطبية، بالنظر لكثرة الطلب على هذا النوع من العلاج.
 يتم التواصل مع العيادات التونسية مثلا من خلال «الفايبر» حيث يبعث الراغبين في الانجاب من الجزائر بتقارير طبية قبل أن تصلهم ردود من تونس يطالبونهم فيها بتحاليل جديدة ترسل دائما عبر «الفايبر» وبعد استكمال المرحلة الأولى، يتم التفاهم على طريقة العلاج عبر الهاتف أو «الفايبر» لتفادي أية مشاكل عندما يصل المريض الى تونس.   
  يشتكي كثير ممن ذهبوا  للأردن وتونس للعلاج من سوء نوايا بعض العيادات التي لا تخبر بعض المرضى بالحقيقة فتبيعهم الوهم وبعد أيام يتضح ان النتيجة ليست معروفة مسبقا.  يبقى ان بعض الجزائريين نجحت عملياتهم في الخارج مثلما هو حال «ن/ هشام» الذي وبفضل العلاج قبل 07 سنوات بتنس مكن زوجته الحمل حيث رزق بولد وهو الوحيد حاليا موضحا لـ «الشعب» قائلا:» لقد كانت تكاليف العلاج قبل 07 سنوات باهضة ولكن الحمد لله على نجاح العلاج الذي أنساني كل تلك المصاريف، ولكنها بحسبه كانت تساوي نصف ما يتطلبه العلاج اليوم.»
 دخلت عيادات صينية وتركية على الخط حيث يقوم العديد من الجزائريين بالبحث عن عيادات لتحقيق حلمهم برؤية زينة الحياة الدنيا ولكن يبقى اقتناء العملة الصعبة من السوق السوداء أكبر معضلة أمام هؤلاء فالعلاج بـ 3000 أورو في الخارج يتطلب دفع حوالي 580 ألف دينار دون احتساب تذاكر الطائرة، بينما لو يتم اقتناء المبلغ من البنك فيدفع المريض فقط حوالي 330 ألف دينار، ولنا أن نتخيل الفرق.
 العقم قضاء وقدر لكن العلاج ممكن
أكد الامام جلول حجيمي لـ «الشعب»: «أن العقم أمر الله  ويجعل من يشاء عقيما وهذا لا يعني أبدا التسليم وعدم العلاج لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال إن الله جعل لكل داء دواء .. التلقيح الاصطناعي جزء من هذا وهذه العملية لابد أن تخضع للمفهوم الإسلامي حتى تحمل المرأة من زوجها بعيدا عن استئجار الأرحام وننصح بالعلاج المشروع والأخذ بالأسباب الصحيحة والله أعلم والله المستعان».
 أكدت الباحثة لامية العوفي في دراسة نشرتها بموقع منتدى الأوراس القانوني أن الإمام أحمد والمقدسي وبزار عن أنس رضي الله عنه قال أورد:»قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: «لو أن الماء الذي يكون منه الولد أهرقته على صخرة، لأخرج الله منها ولدا، وليخلقنّ الله تعالى نفسا هو خالقها».
 لفهم وتبيان أساس موقف فقهاء الشريعة الإسلامية لابد من عرض الأحكام والمبادئ العامة التي تقوم عليها هذه الأخيرة، فيما يخص مسألة علاج المرأة على أساس أن العقم مرض والتلقيح الاصطناعي هو أحد علاجاته، وهذه المبادئ هي انكشاف المرأة على غير زوجها - أي على غير من يحل لها الاتصال جنسيا معه- لا يجوز إلا لغرض مشروع يبيح هذا الانكشاف. علاج المرأة من مرض يؤذيها يعتبر غرضا مشروعا يبيح لها الانكشاف على غير زوجها لهذا العلاج وعندها لا يكون الانكشاف إلا بقدر الضرورة. كلما كان الانكشاف للمرأة مباحا لغرض مشروع و هو العلاج، فيجب أن يكون المعالج امرأة مسلمة وإلا فامرأة غير مسلمة، فطبيب مسلم ثقة وإذا لم يوجد فطبيب غير مسلم، ويجب احترام هذا الترتيب.
 بمراعاة ذلك، فإن الفقهاء قالوا أن حاجة المرأة المتزوجة التي لا تحمل وحاجة زوجها إلى الولد يعتبر غرضا مشروعا يبيح معالجتها بالطريقة المباحة من طرف التلقيح الاصطناعي السبعة المتعارف عليها.
قال المحامي حمزة شبارة في حديث لـ «الشعب» أن المشرّع الجزائري اعترف بالتلقيح الاصطناعي كتقنية طبية حديثة للإنجاب بالتعديل الحاصل في 27/2/2005 بموجب الأمر رقم 05/02، والذي أحدث قفزة نوعية في موقف المشرّع الجزائري مقارنة بما كان عليه.
 أكد أن مسألة التلقيح الاصطناعي تخصّ إنجاب الأولاد فهو وثيق بمسألة النسب، مشددا على ان المشرع الجزائري متمسك دائما بالعودة للشريعة الاسلامية في هذا الجانب، وهذا لزرع الاطمئنان والتأكيد على تطبيق تعاليم الدين الحنيف، وأشار في سياق متصل الى مشروع قانون الأسرة الجزائري، فالنصوص القانونية الستة المنظمة للنسب، نجد المادة 40 تنص في فقرتها الأولى: «يثبت النسب بالزواج الصحيح أو بالإقرار أو بالبينة أو بنكاح الشبهة أو بكل نكاح تم فسخه، بعد الدخول طبقا للمواد 32 و 33 و 34 من هذا القانون». نصّت المادة 41 من نفس القانون أنه: «ينسب الولد لأبيه متى كان الزواج شرعيا وأمكن الاتصال ولم ينفه بالطرق المشروعة».
 حول وضعيات الطلاق في حالة العقم أكد المحامي حمزة شبارة أن قانون الأسرة الجزائري عالج الأمر موضحا بأن حالة العقم أو الطلاق لسبب عدم الانجاب يجب ان يكون بعد عام على أقل تقدير مؤكدا أن القضاة يدعون دائما الأزواج للصبر مع مراعاة مختلف الظروف وما يقوله القانون.
 قال أنه في سياق متصل ومن باب النصيحة أنه على الأزواج التريث ومتابعة العلاج، لأن التحوّلات الاجتماعية أثبتت أن عدم الانجاب ظاهرة وهناك الكثيرين من نجح في الانجاب بعد 5 سنوات ومنه فنحن كمحامين ننصح دائما بالصبر والحمد لله هناك الكثيرين من حافظوا على زواجهم
 يجب التفريق بين العقم وعدم الانجاب المبكر..
كشف «جمال/ت.» مختص في التوليد أن عدم الانجاب والعقم أمران مختلفان، موضحا في حديث لـ «الشعب» أن العقم هو الحالة النهائية لعدم الانجاب فالذي يتزوج ولا يستطيع الانجاب في الأشهر أو السنوات الأولى ليس عقيما فالعقم يكون بعد العلاج والمتابعة لمدة لا نعرفها، فقط هناك بعض المؤشرات المعلومة والتي يجب أخذها بعين الاعتبار، وهو أن المرأة بعد سن الـ 41 يصعب، إن لم نقل يستحيل عليها الانجاب.
 كشف نفس المصدر، أن مسببات العقم وعدم الانجاب كثيرة منها ما هو وراثي وما هو عضوي وقد يكون نابعا من النظام الغذائي وكثرة الضغوطات الاجتماعية والنفسية، والاكتئاب.
 دعا في سياق متصل الأزواج الى عدم اليأس والتفاؤل وإتباع العلاج والسماع للوقائع التي أفضت لنتائج ايجابية في الأخير، فهناك من رزق الأولاد بعد 13 سنة، وهناك من أنجب بعد 8 سنوات فكل واحد وله ظروفه والمعطيات المساعدة على الانجاب.
 اعتبر الطبيب أن التحفيز وتشجيع الأزواج أمر مهم للغاية فكوننا مسلمين لا يجب اليأس من رحمة الله، قبل الوصول الى مرحلة الاقتناع بالعقم الذي يكون راجعا لله سبحانه وتعالى حيث كان صريحا في القرآن من خلال الحديث عن منحه الذكور أو الاناث لمن يشاء، وكذا يجعل من شاء عقيما.
 أشار الطبيب الى أن ظاهرة عدم الانجاب تزداد انتشارا بكثرة،وهي ظاهرة باتت عالمية فالكثير من الدول العربية تعاني من هذا وهناك الكثير من الحالات مازالت طابو، فالظاهرة تحتاج الى تكاثف لجهود الباحثين الاخصائيين لتقديم أنجع سبل العلاج للحفاظ على تماسك الأسر والمجتمع، والتخفيف من الضغط على مئات الشباب الذي يذهب ضحية الضغوطات ومنه الوصول الى الطلاق وتدمير أسر وحياة أفراد بأكملها بسبب عدم انجاب الأطفال.  
من جهتهم، يرى الخبراء، أن عدم الانجاب المبكر للأطفال في السنوات الأولى من الزواج ليس عقما فالعقم هو الحالة الدائمة لعدم الانجاب ولا يجب الحكم على الأزواج من السنة الأولى للزواج، لأن التجارب والواقع أكدت امكانية الانجاب ولو بعد أكثر من عشر سنوات من الزواج.
 كشف أحد أكبر الخبراء في العالم في معالجة العقم نقولا فرح في حديث لموقع «طب تايم» المهتم بالشأن الصحي أن أسباب العقم عند الرجال تنقسم الى قسمين فالأسباب الخلقية هي تشوهات خلقية أو أمراض أو عدم تكون كامل للجهاز التناسلي أو ربما تكون لها عوامل وراثية ومشاكل في الكروموزومات الذكرية.
 هناك أسباب مكتسبة فتعود الى خلل في الهرمونات في وظائف الغدد الباطنية، أو في القنوات المسؤولة عن نقل «الزرع» من الخصيتين، أو كل مرض آخر يصيب الخصيتين أو المسالك البولية،.
 أضاف الخبير أن معظم حالات العقم عند الرجال أسبابها تكون غير معروفة، لذلك فإن علاج العقم أو عدم الانجاب لدى الرجال أصعب وأكثر تعقيدا منه لدى النساء. هنالك أمر شديد الاهمية يمكن أن يؤثر بشكل حاد جدا على عدم انجاب الرجل وهو المتعارف عليه باسم «ابو زمور» وهو التهاب فيروسي يصيب الغدد اللعابية، وهذا الفيروس لديه ميول لإصابة منطقة الخصيتين في فترة الطفولة، وهو قادر على تدمير كل الخلايا التي تنتج الحيوانات المنوية.
 من الاسباب الاخرى التي قد تكون نتيجة مرض السكري أو ضغط الدم المرتفع وغيره. وهي أسباب تؤثر على إنتاج الحيوانات المنوية، أو التهاب البروستاتا، أو المسالك البولية التي تصيب الشخص عادة من العلاقات الجنسية المتعددة وغير المراقبة، وفي السنوات الأخيرة نشهد أسبابا أخرى متعلقة بالبيئة أو بطبيعة العمل، كالرجال الذين يعملون في درجات حرارة عالية في «تزفيت الطرقات» وتعبيد الشوارع، أو الفلاحين الذين يستخدمون أنواعا من الأسمدة التي قد تعيق إنتاج الحيوانات المنوية، مع مرور الوقت، وكذلك المهن التي تتطلب من العامل الجلوس لفترات طويلة كسائقي الشاحنات وسيارات الأجرة، وليس صدفة ان الخصيتين موجودتين خارج الجسم، لأنهما تحتاجان الى درجة حرارة منخفضة أقل من درجة حرارة الجسم. وعندما ترتفع درجة الحرارة الأمر قد يؤثر على انتاج «الزرع».
ليس هنالك قاعدة يمكن الاعتماد عليها بهذا الشأن كثيرا ما يعتمد الأمر على جسم الفرد وتجاوبه مع البيئة المحيطة، فلو قلنا على سبيل المثال ان التدخين يؤثر على انتاج الحيوانات المنوية، فقد نجد رجلا مدخنا لديه عشرة أولاد فالأمر نسبيا وفرديا أكثر مما هو معادلة أو قاعدة ثابتة. أضف الى ذلك حالات الاصابة بالفتق أو أمراض سرطانية كلها قد تؤثر على الانجاب، فضلا عن الحالات النفسية والضغوط التي تأخذ حيزا واسعا من الابحاث اليوم.
 أشار الخبير أن 40 بالمائة من حالات العقم يكون السبب فيها متعلق بالمرأة، و40% متعلقة بالرجل وهنالك نسبة ما بين 15 و 20% من الحالات أسبابها غير معروفة، وغير محددة.
 حول مشاكل العقم لدى المرأة فهناك عدة أسباب فمن الناحية النفسية هي واحدة من الأسباب الرئيسية للعقم لدى المرأة، فجسم المرأة حساس جدا للمتغيرات، وإذا تعرضت لصدمة ما نتيجة حدث معين، أو تغيير في أنماط الغذاء، أو تغير الطقس، تجد كل ذلك يؤثر على الدورة الشهرية لدى المرأة، وهذا التغير يرافقه تغير في الهرمونات وإنتاج البويضات الناضجة والمهيأة للتلقيح.
أما الاسباب العضوية «.. فنحن نعرف أن الدورة الشهرية تخضع لعمل الغدة النخامية والدماغ، فالدورة الشهرية تبدأ بأوامر وهرمونات مصدرها الدماغ، الى الغدة النخامية التي بدورها تهيء المبيض، الذي ينتج البويضة ويعد الرحم لاستقبال البيضة الملقحة. أي خلل يطرأ على أي من هذه العناصر أو الأعضاء من شأنه احداث اضطراب في الدورة الشهرية وبالتالي عدم انتاج بويضة جاهزة للتلقيح.»
 دعا الطبيب نقولا فرح الى ضرورة الاقبال على الطب للمعاجلة من عدم الانجاب وعدم الاستسلام مفسرا في هذه الحالات قائلا «....بالنسبة للخلل في وظيفة الغدة النخامية يمكن علاجها بالأدوية، وهي متعددة ويكون العلاج حسب النقص في نوع الهرمون الذي تنتجه الغدة، منها العقاقير أو الحقن التي تؤثر مباشرة على المبيض، وفي السنوات الأخيرة حقق هذا المجال «علاج العقم» قفزة نوعية هائلة.
 نصح الطبيب بضرورة الشروع المبكر في العلاج بعد سنة من محاولات الحمل بشكل طبيعي، وشدد على ضرورة خضوع الزوج للفحوصات أيضا إلا في حالات استثنائية وظهور مؤشرات أو علامات غير طبيعية كظهور شعر كثيف على جسم المرأة مثلا، فإن هذه المرأة تنتج هرمونات ذكرية. أو في الحالات التي تكون فيها الدورة الشهرية كل شهرين أو ثلاثة أشهر أو امرأة لا تستطيع تحمل الممارسة الجنسية، كل هذه مؤشرات غير طبيعية تحتاج الى استشارة الطبيب في مراحل متقدمة دون انتظار.
ضرورة تجاوز المفاهيم والأعراف الخاطئة
دعا نفس الخبير الى ضرورة تجاوز المعتقدات الخاطئة التي تتداولها النساء وخاصة كبيرات السن، في حين أن الخطأ الحقيقي كان يحدث في زمانهن حين كانت السيدات تلجأن الى العلاج لدى المسنات اللواتي يعالجن بالأعشاب وبالطب الشعبي لعدم قدرتهن على الوصول الى الطبيب المختص. من هذه المعتقدات الخاطئة جئنا على ذكر حبوب منع الحمل وعلاقتها بالعقم، والصحيح هو ان حبوب منع العمل إطلاقا لا تسبب العقم. كما أن الاعتقاد بأن تعرض الرجل الى ضربة قوية في الظهر قد تؤثر على الانجاب.. هذا اعتقاد خاطئ.