طباعة هذه الصفحة

إمبراطورية الفايسبوك أو عندما تفرض الرقمية سلطتها

الإبحـار في العـالم الأزرق هـــوس وإدمـــان قاتـــل

استطلاع : نور الدين لعراجي

57 مليون ساعة إضافية يقضيها العرب والمسلمون في الدردشة

تحوّل الإبحار في العالم الافتراضي خاصة على صفحات التواصل الاجتماعي، إلى هوس لدى الغالبية العظمى من الجزائريين ومن عامة العرب والمسلمين، وحسب إحصائيات قدمتها مؤسسة “الماركاتر” للتوقعات المالية فإن ما يقارب 36.29 مليار دولار هي عائدات الإبحار في الفايسبوك محتلة بذلك المرتبة الثانية بعد المحرك غوغل في بيع الإعلانات التجارية وغيرها سواء في الوطن العربي والإسلامي أو في غيره، بفارق ساعي يقدر بـ 57 مليون ساعة إضافية سجلها الموقع لرواد ومستخدمي الفضاء الأزرق في مدة 15 يوما من الشهر الفضيل. الرقم سيكون في ارتفاع أكبر بكثير مما هو عليه الآن، خاصة ونحن على أبواب العشر الأواخر واقتراب عيد الفطر، ما يجعل الفئة المستخدمة للسباحة في الفضاء الأزرق تكثف من حضورها المدمن على شتى المواقع.

كشفت إدارة الفيسبوك عن سعادتها وانبهارها بالرقم الخيالي في الأرباح الذي وصل إليه متصفحو الموقع ومراعاة للعدد المرتفع والمتزايد من مستخدمي الموقع. قرّرت الهيئة المشرفة على متابعة شؤون المستخدمين، تخصيص صفحة خاصة بشهر رمضان لتكون في نفس الفلك الذي تسير به إدارة الموقع نوافذها مع الآخر، تجاوبا مع الغالبية العظمى من مستخدمي شبكات التواصل الاجتماعي.
إن كان الفيسبوك لا يقتصر على فئة دون أخرى فإن زواره من فئات عمرية متباينة تتراوح ما بين 6 سنوات إلى 70 سنة، كلهم يملكون حسابات في إدارة هذا الأخير، أو أكثر من حساب واحد حسب رغبات المتصفح.
 وبما أن ما النسبة الكبيرة من زوار المواقع هم من فئة الشباب، فإن هذه الشريحة الشبابية تشكل الهرم الأعلى تصفحا واستخداما لنافذة التواصل الاجتماعي ويوجد من بينهم مليون ونصف مليون طالب جامعي، ناهيك عن تلاميذ الطورين الثانوي والمتوسط فإن هذه الشريحة تملك أكثر من ثلاثة حسابات كلها تستخدم هذا الموقع حسب ميولات أصحابها.
ويقضي مستخدمو المواقع أكثر من 12 ساعة يوميا أمام شاشات الهواتف النقالة أو الحاسوب، ولا يقتصر تشغيلها على مكان دون آخر، بل إن تقنيتا G3 وG4 ساهمتا في الترويج أكثر للولوج إلى هذه الأخيرة.
إدمان الزبائن مرهون بتسديد حقوق الإبحار والاشتراك في الانترنيت
يقوم الزبون بتخصيص مبالغ مالية لتسديد مزايا الإدمان الالكتروني كأن يدفع ما يعادل 300 دج إلى 1000 ألف دج، تكاليف الرسوم يوميا يسدّدها الزبون مقابل الخدمة التي تعود بالفائدة طبعا على إدارة المواقع.
يقتضي الولوج إلى الفضاء الأزرق دفع المبلغ المالي المراد استغلاله في الانترنيت وعادة لا يمثل رصيد ما قيمته 100 دج فضول الزبون، خاصة إذا تعلّق بمشاهدته لأفلام أو الاستماع إلى الكليبات الغنائية الجديدة سواء الغربية أو المشرقية أو غيرها من العروض، التي تقدمها المواقع، فإذا تعلّق الأمر بالبحوث والدراسات الأكاديمية يلجأ بعض الطلبة إلى التحايل في استعمال وسائل القرصنة للحصول على الغرض، وإن فشلت المهمة فهو مضطر إلى دفع حقوق المشاركة وتحميل المقياس محل البحث.
و في الكثير من المرات يلجأ الشباب إلى تسديد مبالغ إضافية لضمان الحد الأدنى الأكبر من البقاء وراء شاشات العروض وانتظار الجديد وأكيد ستكون الفرجة والمتعة للملايين من البشر هاجسا لا مفر منه وإدمان قاتل.
الجزائريون في الطليعة
احتلت الجزائر المرتبة الثانية بعد مصر من حيث عدد مستخدمي الفيسبوك بنسبة 13 مليون مستخدم والرقم في تزايد، بعد أن كان نسبة 12.1 مليون سنة 2016، وتشكل نسبة الذكور المصدر الأكثر حضورا من الإناث، هذا وقد شهد عدد مشتركي الفيسبوك في الجزائر ارتفاعا كبيرا في السنوات الأخيرة، بسبب التوغّل الكبير لهذا الموقع في أوساط الشباب الجزائري بشكل خاص والجزائريين بشكل عام، فهناك من لا يجيد الإبحار في العالم الرقمي، لكنه يفضل امتلاك حساب يتباهى به في متابعة الأخبار أو مشاركة البعض بـ«جام “، وفي الكثير من الأحيان تجده لا يقدم تعليقا لأسباب مختلفة.
كما ساهم إطلاق الجيل الثالث للهاتف النقّال مع نهاية سنة 2013، في زيادة عدد مستخدمي هذا الموقع نظرا لسهولة الاتصال بالهاتف مقارنة بجهاز الكمبيوتر وتوفر أغلب الجزائريين على هواتف ذكية ناهيك عن العروض التي تقدمها شركات الهاتف المحمول (موبيليس، أوريدو، جيزي) خلال الشهر الفضيل والمناسبات الدينية، وهو ما ساهم في ارتفاع مستخدمي هذا الموقع رقم 1 في الجزائر من حيث عدد الزوار.
 بين الإفطار والسحور... السباحة دون طوق نجاة
أوضح عادل ابراهيمي المهندس المختص في عالم الرقميات والالكتروني تعليقا على ما ذكرته إدارة الفيسبوك بشأن ارتفاع نسبة تصفح المسلمين للموقع بين فترة الإفطار والسحور، أن هذه الفترة الزمنية يتم فيها عرض ونشر الأخبار والأطباق بين الملايين من مستخدمي الفضاء، إذ تعتبر ـ حسبه ـ مرحلة الذروة، حيث تتضاعف المنشورات على الفيسبوك بمقدار 4.84 ضعفًا مقارنة مع عدد ما يتمّ نشره في الأشهر الأخرى من العام، ما يعني بالضرورة زيادة أرباحه الإعلانية.
و أضاف إبراهيمي أن ارتفاع المنحنى الحسابي للمستخدمين داخل العالم الأزرق، خاصة وأن الأمر لا يعدو أن يكون بين شخصين أو مجموعة أشخاص، بل الأمر يتعدى إلى الملايين من البشر ومن القارات الخمس بحكم تواجد المسلمين في كل بقاع العالم، ناهيك أن الأخبار والصور والأشرطة وأطباق المأكولات وصورا لطبخ ليست لها حدود جغرافية، والأمر يتعلّق بردة أفعال إنسانية تجاه كل ما ينشر، ما يجعل المنشور يخترق كل الحدود ويصل في رمشة عين إلى الضفة الأخرى من المتوسط أو المحيط، ما يستدعي تحرك ايجابي يعكس صور هذا التضامن والتكافل.
في السياق ذاته، يقول براهيمي بأن إدارة مارك تملك أيضا ارمادة من الخبراء في الرقميات وهي على اطلاع بكل صغيرة وكبيرة، فهي الإدارة المسؤولة على كل ما ينشر على صفحات التواصل الاجتماعي.