طباعة هذه الصفحة

«الشعب» ترصد خطة العمل لمكافحة الحرائق بخنشلة

17 فرقة متنقلة و13 برجا لمراقبة الغـابـات ومجابهة ألسنة النـيران

استطلاع: سكندر لحجازي

تتربع ولاية خنشلة على 146303 هكتار من الغابات، متنوعة بين أشجار الصنوبر الحلبي والأرز الأطلسي وكذا البلوط وأنواع أخرى من الأشجار، مشكلة بذلك 15 بالمائة من المساحة الإجمالية للولاية والمقدرة بـ9811 كيلومتر مربع، هذا إلى جانب إحصاء 42000 هكتار من الغطاء النباتي «الحلفاء» المنتشرة بالمناطق السهبية للولاية، حسب ما استقته «الشعب» من مصالح محافظة الغابات للولاية.
«الشعب» استطلعت كيفية تسيير عملية إطفاء الحرائق وتفاصيل المخطط.
شساعة هذه المساحة الغابية وتنوعها، يجعل وظيفة حمايتها والمحافظة عليها وتطويرها، مهمة جد صعبة ومعقدة تتطلب مساهمة عدة جهات وقطاعات إدارية، إضافة إلى ضرورة معرفة المواطن وتحسيسه بأهمية هذا الخزان البيولوجي عديد الفوائد من أجل مساهمته في الحفاظ عليه وتطويره.
كشف، في هذا الإطار محافظ الغابات للولاية حميدي مسعود لـ«الشعب»، أن حملة سنة 2017 للوقاية من الحرائق ومكافحتها، تضمنت ككل سنة إعداد مخطط مكافحة الحرائق، بمشاركة كل المديريات التنفيذية والدوائر والبلديات بالولاية، حيث تم تسخير ترسانة من الوسائل المادية والموارد البشرية من إنجاح هذا المخطط الرامي إلى القضاء على كل حريق نشب في أي نقطة عبر كل المساحات الغابية المترامية عبر إقليم الولاية، في اقصر وقت ممكن بما يكمن من الحفاظ على هذه الثروة الغابية مع التحسيس بأهميتها وتوعية المواطن بهذا الشأن لأجل استغلال الغابة أحسن استغلال.
أضاف ذات المسؤول، أن المخطط يتكون من لجان على مستوى كل بلدية أي بمجموع 21 لجنة بلدية و8 لجان على مستوى الدوائر واللجنة الولائية التي يترأسها والي خنشلة، تتكون هذه اللجان من مسؤولين وممثلين من عدة قطاعات كالأشغال العمومية الصحة والجماعات المحلية، وكذا من مواطنين، تعمل فيما بينها وبالتنسيق مع لجان أخري وفرق أعوان الغابات من مختلف الرتب للتصدي للحرائق في عمل منسق ومدروس ضمن هذا المخطط.
من جهته، أوضح في هذا الصدد، بوذراع عبد العالي محافظ قسم في هذا القطاع، ل»الشعب» إن أهم حلقة في مخطط إخماد الحرائق هذا هي 17 فرقة غابية متنقلة بتعداد 86 عون غابات تضطلع بمهمتي إطفاء الحرائق وإقامة دوريات تحسيسية للمواطنين حول إخطار الحريق بمشاركة أعوان الحماية المدنية.
بحيث تعمل هذه الفراق بالتنسيق مع لجان البلديات، وتتلقى الإشارة من أعوان الغابات المتواجدين ب 13 برج مراقبة منشاة على مستوى أهم الكتل الغابية للتدخل الفوري والسريع لإخماد الحرائق، وذلك بطريقة تدريجية حسب حجم الحريق، بحيث تم في هذا الإطار، توظيف أعوان موسميين من المواطنين القاطنين بجوار الغطاء ألغابي خصيصا في إطار هذا المخطط، من اجل مساهمتهم في إخماد الحرائق لاسيما البسيطة منها بحكم معرفتهم وخبرتهم في الغابة.
ويتم إطفاء الحريق حسب محدثنا، إذا كان بسيطا بالطرق البدائية من طرف هؤلاء المواطنين المجاورين للغابة، عن طريق عزل النباتات بالفرش عن الحريق مثلا، أو تدخل أعوان الغابات من الفرق 17 المذكورة إذا كان حجم الحريق معتبرا بالتنسيق والعمل مع لجان البلديات حسب موقع الحريق، من اجل إشراك الجميع وتوفير الإمكانات المادية والمركبات للقضاء على الحريق في اقل زمن ممكن.
أما إذا كان حجم الحريق كبيرا وانتشرت السنة اللهب في الكتل الغابية، هنا يتم الاستنجاد بالحماية المدنية، والتي تقوم بإدارة عملية إطفاء الحريق بحكم تخصصها في ذلك، ليتحول دور اللجان الغابية إلى توجيهي وتنسيقي مع الحماية بحكم معرفتهم للغابة أكثر، وبالتالي يؤكد مصدرنا، أن دور أعوان الغابات هنا يتمثل في فتح الدروب وتحويط الحريق عن طريق الحفر حوله بمختلف الإمكانيات الموجودة حسب موقعه من الغابة من اجل عزل السنة اللهب ومنح انتشارها.
وأشار عبد العالي في هذا السياق، إلى أن نشوب الحرائق قد يكون بحجم كبير بما يقتضي مشاركة الولايات المجاورة بكل الوسائل المادية والبشرية لإطفائه، وهذا عند تسجيل عجز محلي بعد تدخل كل اللجان المعتمدة في المخطط وتسخير إمكانيات قطاع الحماية المدنية

%95 من الحرائق وراءها لعامل البشري
عن أسباب الحرائق التي تسجل كل سنة في فصل الحر وتقضي على مساحات غابية معتبرة وتزيد من لهيب فصل الحر، أكد لنا في هذا الصدد، عبد الحميد عقون رئيس مكتب حماية الثروة الغابية بمحافظة الغابات، أن العوامل والأسباب تنقسم إلى نوعين، طبيعية وبشرية.
أولا الأسباب الطبيعية، وتتمثل في الصواعق الرعدية والتي تتسبب في اشتعال شجرة مثلا ثم يمتد لهيبها إلى ما حولها، إلا أن الحريق في معظم الأحيان ينطفئ لقدوم المطر بعد الصاعقة الرعدية، أو ارتفاع درجة الحرارة التي قد تسبب الحريق بفعل تداخل عدة عوامل، كتولد الحريق بفعل أشعة الشمس الضاربة في بقايا الزجاج لاسيما قاعدة القوارير التي تحدث حريق في الأعشاب عالية درجة الجفاف بفل الحرارة كذلك، هذا إلى جانب تفاعل مواد القمامة التي تتأثر بالحرارة  الحريق وغيرها من العوامل الطبيعية والتي تمثل في مجملها حسب دراسات في هذا الشأن 05 بالمائة من الحرائق المسجلة.
أما الأسباب البشرية، فتمثل ما نسبته 95 بالمائة من نسبة الحرائق المسجلة، ومنها المتعمدة فثمة من يريد الاستيلاء على مساحة غابية مثلا مجاورة لأرضه لاستغلالها زراعيا، إذ يتعمد إشعال النار وحرق جزء من الغابة، كما يتعمد الباحثون عن العسل البري ألغابي إشعال النار لطرد أسراب النحل والظفر بالعسل متسببين في عديد الحرائق وغيرها من الأسباب الإرادية لإحداث الحريق.
والأسباب البشرية الغير عمدية، تتمثل أساسا في رمي السجائر مثلا والتي تجد في النباتات الجافة بفعل الحرارة المرتفعة مادة سهلة للاشتعال، الطهي في الغابة من طرف السياح خاصة وترك النار مشتعلة سهوا أو عدم إطفائها بشكل جيد، الشرارات الكهربائية المتناثرة من آلات الحصاد كذلك تتسبب في الحرائق بنسبة كبيرة حسب ذات المصدر.
تحسيس المواطن والسائح بأهمية الحفاظ على الغابة أهم حلقة في المخطط
أوضح عبد الحميد، ضمن هذا السياق أن مخطط حماية الحرائق المعتمد والممتد من شهر جوان والى غاية أكتوبر من السنة الجارية، يشمل في جزء مهم منه، حملة تحسيسية، تقوم بها نفس الفرق واللجان المذكورة لصالح المواطنين والسياح عبر كل المناطق الغابية وما جاورها في عمل ميداني مستمر طوال فصل الحر وبمشاركة مصالح الحماية المدنية لخنشلة.
يتم خلال هذه الحملة التحسيسية الجارية، دعوة المواطنين والسياح إلى الحذر بتفادي رمي بقايا السجائر أو إشعال النار من اجل طهي المأكولات بالغابة وتركها تشتعل وغيرها من النصائح والإرشادات في هذا الإطار.
وشدد ذات المسؤول، على ضرورة معرفة الجميع لأهمية الغابة ودورها المهم في حياتنا والتي تعد كنزا طبيعيا بيولجيا تزخر به ولايتنا وبلدنا، ويفتقدها الكثير من الشعوب، مذكرا بان الكتل الغابية هذه تشكل خزانا بيولوجيا للتنفس وتلطيف الجو وكذا امتصاص الغبار إلى جانب أهميتها في تنظيمه للدورة الطبيعية المياه وغيرها من الفوائد الطبيعية.
هذا إلى جانب فوائدها الاقتصادية كمورد للخشب وللنباتات الطبيعية والأعشاب النافعة التي تستعمل في صناعة الأدوية، ناهيك عن كون مناطقنا الغابية مصنفة من أجمل الغابات في الوطن وتشكل بذلك أماكن سياحية بامتياز، حيث تنتشر هذه الغابات بالبلديات الجبلية وهي شليا بوحمامة، لمصارة ويابوس بشكل مكثف، واقل كثافة بالبلديات الأخرى كقايس، تاوزيانت، الحامة وعاصمة الولاية خنشلة، فيما تنتشر مساحات الحلفاء بالبلديات السهبية للولاية أين تكثر تربية الأغنام خاصة ببلديتي أولاد أرشاش والمحمل.
أوردت مصالح الغابات، تسجيل خلال شهر جوان المنصرم، عدة حرائق ببلديتي خنشلة ويابوس، تسببت في إتلاف أكثر من 22 هكتار من الأشجار الغابية، فيما أتت السنة اللهب ببلدية أولاد أرشاش على 21 هكتار من الحلفاء.